الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
ونواصل حديثنا اليوم عن الفيلم العالمى «الرسالة» وكواليس تصويره، والتى لم تكن كواليس عادية، نظراً للعدد الهائل المشارك بالفيلم، فقد كان يرى الأستاذ مصطفى العقاد- كما روى لى- أن الحيوانات والأطفال والمجاميع تكون من أصعب المشاهد الإخراجية، لأنه صعب أن تعطيهم تعليمات إخراج فتحتاج أن تحتال عليهم حتى تأخذ منهم ردود فعل وتأخذ التعبير المطلوب، فعند دخول المجاميع مكة كان يريد أن يأخذ منهم انطباع نشوة النصر على وجوههم، فقال لهم «غداً لا يوجد تصوير بمناسبة ميلاد الملك الحسن الثانى.
وسيأتى لحضور المناسبة قائد قوات الجيش المصرى الذى عبر القناة، وقائد قوات الجيش السورى الذى عبر الجولان، وجمع كل المجاميع الذين من المفروض أن يكونوا موجودين فى تصوير مشهد دخول مكة، ووضعوا منصة لأعلام الملك الحسن وتحت المنصة وضعوا كاميرات مخبأة لتلتقط تعابير وجوههم، وكان الفنان عبد الله غيث قادمًا حديثاً ولم يتم تصوير دوره بعد، فلبسه الأستاذ مصطفى زى ضابط مصرى، وكان قادماً من سوريا طلحت حمدى ليجرى تجربة للدور، فلبسه زى ضابط سورى، ووضعهما بسيارتين على بعد ميل، ووضع مجندين من الجيش المغربى مع السيارتين، وكأنهم مرافقون للضيوف، وعند الساعة المحددة وصل الموكب، وكانوا وقتها عام ٧٤ بعد حرب أكتوبر، والناس تشعر بالنصر، فحملوا سيارة عبد الله غيث من الفرح، ونزل عبد الله غيث من السيارة وطلع على المنصة هو وطلحت حمدى، وقال الأستاذ عبد الله غيث للأستاذ مصطفى العقاد «أنا صار لى أربعون عاما على المسرح وبطلع أمثل، لكن هذا المشهد بالنسبة لى صعب، ماذا سأقول؟!».
فقال له المخرج مصطفى العقاد «شو بدك تقول إطلع وقول حطمنا وضربنا وقتلنا»، فطلع عبد الله غيث على المنصة وبدأ يلقى كلمته، فجاءت وجوه المجاميع كلها تعابير نصر وهم ينظرون ويستمعون للضابط الذى عبر القناة يلقى كلمة أمامهم، وطلع بعدها طلحت حمدى وألقى الكلمة فجاءت تعابير وجوههم فى كل تلك اللقطات مفعمة بنظرة النصر.
المشهد الآخر كان خطبة الوداع، وكان الأستاذ مصطفى يريد أن يظهر على وجوه المجاميع التأثر والبكاء، فلجأ إلى شخص «حَكَّاء» كان يحكى القصص فى ساحة بمراكش يوجد بها بياعون وسحرة وموسيقيون، ولفت نظر الأستاذ مصطفى هذا الشخص الجاذب لانتباه الجمهور الواقف أمامه يستمع لحكاياته بشدة، فقال له الأستاذ مصطفى العقاد تقدر تبكيهم؟!، فقال له على قدر ما تدفع أبكيهم، فوضع المجاميع على الجبل الذى من المفروض فيه خطبة الوداع، وأخبر المجاميع بأن الشيخ حسن المكى قادم من مكة لكى يلقى كلمة عليهم، ولبس الحكاء زى شيخ مكى وطلع وذهب الأستاذ مصطفى أمامهم وقبّل يده كأنه شيخ لكى يعطى للمجاميع الوهم بأنه شيخ، وبدأ يتكلم عن آخر أيام الرسول قبل وفاته بالتفاصيل، وبدأت المجاميع تبكى من التأثر الشديد، وهو ما ظهر بالفيلم.
وللحديث بقية..