الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
بقلم عمرو الليثى ١٥/ ٧/ ٢٠١١
لقد بدأت علاقة رئيس مصر بالمشير أو القائد العام للقوات المسلحة بدءاً من قيام ثورة ٢٣ يوليو، وأسباب اختيار الرئيس جمال عبدالناصر للمشير عبدالحكيم عامر قائداً عاماً للقوات المسلحة رغم اعتراض الرئيس محمد نجيب على ذلك الترشيح، مع أن عامر كان أقرب لمحمد نجيب من ناصر.. لكن كانت حيثيات الرئيس نجيب أن خبرة عبدالحكيم عامر العسكرية قد توقفت عند رتبة اليوزباشى.. وأن قائد الجيش ما بعد الثورة يجب أن تكون لديه خبرة واسعة وثقافة علمية كبيرة فى مجال العلوم العسكرية.. ومع ذلك فقد رجحت كفة ناصر واختار عامر قائداً للجيش لأنه يثق فيه وأنه كان يخشى أن ينقلب عليه الجيش فى تلك الفترة، خاصة أن انقلابات الجيوش فى الدول العربية كانت هى السمة الرئيسية مثل انقلاب (حسنى الزعيم) فى سوريا. هنا اختار ناصر أهل الثقة لا أهل الخبرة.. اختار صديقه وكاتم أسراره.. وقد دفع الرئيس ناصر ثمن ذلك غالياً بعد ذلك سواء فى حرب ٥٦ أو فى فشل الوحدة بين مصر وسوريا، وأخيرا فى نكسة ٦٧.. وانتهت قصة الرئيس ناصر والمشير عامر نهاية مأساوية حيث قتل المشير عامر.. وزعمت الدولة فى تلك الفترة أنه انتحر لكن المحللين السياسيين أجمعوا على أنه كان لابد أن يتخلص أحدهما من الآخر.. وقالوا إن (ناصر اتغدى بعامر قبل عامر ما يتعشى بيه)، هكذا رددوا فى ذلك الوقت، لأن السياسة ليس لها قلب، فقد فرقت بين أعز صديقين توأمين.. عاشا على الحلوة والمرة.. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت هناك عناصر محددة يجب أن يراعيها الرئيس فى اختياره للمشير وأهمها علاقة الثقة والولاء.. فجاء بعد عامر الفريق محمد فوزى وكان قريباً من قلب وعقل ناصر.. واستمر الحال بعد ذلك وكان كل رئيس يحكم مصر يراعى دائما أن يكون المشير قائد الجيش هو مصدر حماية له ولنظامه.. وهو حامى شرعية الرئيس وأمنه.. وقد ظهر ذلك بوضوح بعد أحداث ١٥ مايو، وبعدما شعر السادات بأن هناك خطة من رجال عبدالناصر للإطاحة به، وكان على رأسهم قائد الجيش (الفريق فوزى).. وهنا استعان السادات بقائد الحرس الجمهورى الليثى ناصف الذى قال له كلمته الشهيرة (أنا مع الشرعية يا ريس)، وبالفعل قام الحرس الجمهورى بالقبض على جميع القيادات بمن فيهم قائد الجيش نفسه الفريق محمد فوزى وتمت إحالتهم إلى المحاكمة، وكانت محاكمة هزلية بكل المقاييس لكنها كانت مقننة، والهدف منها حبس رموز النظام السابق، ويقصد بالسابق هنا الرئيس جمال عبدالناصر.. وما لبث الليثى ناصف بعد سنوات قليلة أن تم قتله وتم إلقاؤه من برج (سنيورث) فى لندن من بلكونة شقته هناك ولا يزال الفاعل مجهولاً.. (على الأقل على المستوى الرسمى)، وتكرر الحال وكان لابد للسادات من اختيار قائد جيش يثق فيه فاختار المشير عبدالغنى الجمسى، الذى لولا مساهمته الكبيرة فى التخطيط لحرب أكتوبر ودوره الرائع ما كان تحقق النصر وهو صاحب (كشكول الجمسى).. والذى أعلن السادات بعده أن الجمسى سيبقى وزيرا للدفاع مدى الحياة.. ثم بعدها بأيام قليلة أقاله، والأسباب غير معروفة حتى الآن!! ثم جاءت مرحلة اختيار الفريق أحمد بدوى قائداً عاماً للقوات المسلحة وهو رجل من رجالات حرب أكتوبر المشهود لهم بالكفاءة، والذى دافع عن السويس بالاشتراك مع أبطال المقاومة الشعبية هناك، ومنع الإسرائيليين من دخول السويس.. وعندما عُيِّن الفريق أحمد بدوى قائداً عاما للجيش ما لبث بعد فترة ليست بالطويلة أن سقطت أو أسقطت طائرته الهليكوبتر.. وعلى متنها مجموعة من خبرة قواتنا المسلحة، ومازال حادث مقتل المشير أحمد بدوى مقيداً ضد مجهول!!.. ومن ثم قام السادات بتعيين المشير عبدالحليم أبوغزالة قائداً عاما للقوات المسلحة.. وما لبث أن أصبح قريبا من قلب وعقل السادات لكن جاء يوم ٦ أكتوبر واغتيل السادات وسط جنوده وتورط فى اغتياله ٣ من العسكريين، اثنان قتلاه بالرصاص، والثالث ضابط أمدهما بالسلاح، وترددت شائعات كثيرة عمن قتل السادات فى ذلك الوقت؟ لكن استمر أبوغزالة قائدا عاما للقوات المسلحة ووثق فيه الرئيس السابق مبارك.. بل قام المشير أبوغزالة بحماية نظام حكم مبارك عندما اندلعت فى عام ١٩٨٦ مظاهرات الأمن المركزى وتولت القوات المسلحة تأمين البلاد، وكان يمكن لأبوغزالة فى تلك الفترة أن ينقض على الحكم، لكنه لم يفعل وهذا ما جعله مصدر ثقة للرئيس السابق مبارك، إلى أن انقلب مبارك على أبوغزالة وأطاح به فى مشهد سينمائى غريب، وهنا انقلب الرئيس على المشير، والأسباب كانت معلومة، والأغلب منها مازال فى طى الكتمان.. لكن لماذا انقلب مبارك على أبوغزالة، ولماذا انحاز المشير طنطاوى للشعب ضد مبارك؟!.. للحديث بقية الأسبوع القادم عن علاقة الرئيس بالمشير إذا كان فى العمر بقية!!