الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
كان عمر بن عبدالعزيز، رضوان الله عليه، مجدد دين الأمة، ومصلح زمانها على رأس المائة الأولى من الهجرة، كما ألمح النبى وانطبق عليه فى قوله، صلى الله عليه وسلم، إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها.. ومما لا شك فيه أن سيرة عمر بن عبدالعزيز مثال راق من تاريخنا العريق على التفانى والزهد والورع والعدل، يزرع فى النفس السكينة ويحسسنا بروعة هذا الدين وأهله ودافع للمسلم للاقتداء بهم، والتأسى بأفعالهم، وأخلاقهم، ومآثرهم.. خصوصا أننا أمام مثال حى على التمسك بالآخرة والعمل لها. وعلى الرغم من أن كل مباهج الحياة والسلطان كانت أمام هذا الخليفة العادل، إلا أنه أدار لكل هذا ظهره من اليوم الأول لخلافته وكان شغله الشاغل أن يحقق عدل الله فى أرضه ويعز المسلمين وينصر المستضعفين. لقد عدل أحسن ما يكون العدل، لقد خاف عمر ولم يكن خوفه إلا من الله، فلم يكن بينه وبين الله أحدٌ من الخَلْق يخشاه.. ومن خوفه من الله وعدله الذى انتشر فى البلاد نجد أنه عندما سمع ملك الروم -الذى كان خصماً عنيدا لدولة الإسلام – بموت عمر بن عبدالعزيز، رضى الله عنه، نجده يبكى ويحزن حزناً شديداً وعندما سُئل عن ذلك قال: ماتَ والله رجلٌ عادلٌ، ليس لعدله مثيلٌ، إنى لست أعجب من الراهب أن أغلق بابه ورفض الدنيا وترهب وتعبد ولكن أعجب ممن كانت الدنيا تحت قدميه فرفضها وترهب.. نعم فلحظة الاختيار الحقيقية للإنسان عندما يكون لديه كامل الحرية للاختيار بين طريقين، ولقد اختار عمر بن عبدالعزيز منذ اللحظة الأولى طريقه إلى الله واختار الدار الباقيه فعمل لها فى دنياه ابتغاء لوجه الله تعالى، فنجد ذلك الخليفة العادل الذى كان متاحا له أن يلبس أفخم الملابس وأغلاها، نجده ليس لديه سوى قميص واحد، فكان إذا غسلوه جلس فى المنزل حتى يجف.. وكانت زوجته نعمت الزوجة المسلمة التى تساند زوجها حيا وميتا، وهى السيدة فاطمة ابنة الخليفة عبدالملك بن مروان التى خيرها عمر بين نفسه وبين ما تملك من زينة زُفَّتْ بها لتقول له هذه السيدة العظيمة والله لا أختار عليك أحدًا، هذا ذهبى، وتلك ثياب زفافى المرصَّعة بالماس والزُّمُرُّد، ليضعها ذلك الخليفة العادل ببيت مال المسلمين، وعندما مات عمر وتولى أخوها يزيد بن عبدالملك الحكم وأراد أن يعيد لها ما أخذه منها عمر رفضت رفضا قاطعا أن تأخذ شيئا من بيت مال المسلمين.