الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
في يوم 23 يوليو 1952 خرج الجيش المصري عن بكرة أبيه ليطيح بحكم أسرة محمد علي وينقلب على الملك فاروق ويطالبه بالتنازل عن العرش لنجله أحمد فؤاد في مدة لا تتجاوز ثلاثة أيام وتوالت الأحداث والتحم الشعب مع الجيش وتحول الإنقلاب إلى ثورة .. وما هي إلا شهور قليلة وبدأت الثورة تجني ثمارها في القضاء على الإقطاع وسيطرة رأس المال وتم توزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين وتم تفعيل مفهوم العدالة الاجتماعية وإن كنا لسنا هنا بصدد تقييم ثورة 52 في ما لها وما عليها ولكن كانت نتائجها سريعة ومبشرة .. وفي 25 يناير 2011 خرج الشعب المصري متحداً ومطالباً بالعدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر وما هي إلا أيام قليلة حتى كانت نهاية شهر يناير من نفس العام تطالب بالإطاحة بنظام حكم الرئيس السابق مبارك .. وبالفعل نجحت الثورة في إسقاط النظام وأصبح المطلوب هو إقامة نظام جديد شكلاً وموضوعاً .. نظام دستوري يحقق مفهوم العدالة الاجتماعية والقضاء على الفساد وإقامة حياة ديمقراطية سليمة لكن وبعد فترة ليست بطويلة بدأنا نشعر بعكس ما شعرناه في ثورة 52 وهو أن الثورة تتحول تدريجياً إلى إنقلاب .. وهنا بيت القصيد .. كيف يمكن أن تنجح الثورة ولا ترتد إلى إنقلاب .. بالتأكيد الإجابة ليست معي ولكنها مع الحكومة التي تدير شئون البلاد مع المجلس العسكري .. مع الأحزاب السياسية .. والقوى الدينية ..مع المثقفين والنخبة .. وأيضاً مع الأغلبية الصامتة من الشعب المصري .. فمنذ يومين تم إلغاء حظر التجوال ولست هنا أيضاً بصدد تقييم هذا القرار من إيجابياته أو سلبياته .. ولكن السؤال المهم ( مصر رايحة على فين ) .. وما زلنا نتخبط ونختلف .. فهناك من يرى أن البداية تكون بالإنتخابات البرلمانية ثم لجنة وضع الدستور ثم إقتراح الدستور الجديد ثم التصويت عليه .. وهناك من يرى وأنا منهم أن هناك قوى دينية سوف تسيطر على الأغلبية في البرلمان القادم وأنه إذا ترك لها وضع دستور جديد فإنها بالتأكيد سوف تضع دستور يحقق أهدافها وأيدلوجياتها .. والمجلس العسكري حيران بين تلك الأطراف والأطياف المتعارضة وأتصور أنه يتمنى أن يترك السلطة أمس قبل اليوم ويعود إلى عمله الأصلي كدرع للوطن .. إذاً نحن أمام مفترق طرق ويجب أن نتوافق جميعاً على حل يرضي جميع الأطراف .. حل يسمو عن أي أهداف سياسية لكل فصيل سياسي أو ديني .. حلاً يعيد للثورة مكانتها ولا ينقلب عليها مستغلاً مناخ الحرية الذي إقترب من الفوضى !!.. حلاً يحقق لمصر دستوراً قوي راسخ يكون نقطة إنطلاق لعمل وطني صادق .. وفي تقديري أن الحل هو وجود ضمانه في إختيار اللجنة التي ستقوم بإعداد الدستور الجديد .. وأقترح على المجلس العسكري أن يقوم من الأن بتحديد الأشخاص الذين سيقومون بإعداد الدستور الجديد ويعلن أسمائهم والحصول على توافق عليهم من جميع القوى الوطنية .. ساعتها لن تفرق كثيراً أن تتم إنتخابات الشعب قبل الدستور أو العكس كل ذلك حتى لا تتحول ثورة يناير إلى إنقلاب .