الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
إن التفاعل والاتصال سمة إنسانية أصيلة منذ قديم الزمان، لذا نرى تعدد وسائل الاتصال منذ آلاف السنين، بدءًا من الاتصال الشفهى والمكتوب، إلى أن ظهرت الصحف والإذاعة والتليفزيون.. مستمرة لحقب عديدة، وصولا إلى الحدث الأهم، ألا وهو: اختراع الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) الذى غيّر مسار التاريخ كله، فاختصر العالم فى قرية صغيرة، ليظهر الإعلام الجديد فى العالم الذى يستخدم المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعى فى نقل مجريات الأحداث، وصاحب هذا الاختراع ظهور مجموعة من المؤثرات الإلكترونية التى تنقل أفكارا مختلفة للأفراد من: منصات تفاعلية، شبكات للتواصل، مدونات فردية والعديد من الأطر الأخرى التى جعلت المتحدث والمتلقى فى موجة بث واحدة.
إذا أردنا وضع تعريف مختصر لـ«الإعلام الجديد» من عدة كلمات بسيطة دالة، فسوف أقول: «هو العملية الاتصالية الناتجة من تفاعل ثلاثة عناصر: الكمبيوتر، والشبكات، والوسائط المتعددة».. فهو إذن يقوم على استخدام التكنولوجيا الرقمية وتطبيقات البث والنشر الإلكترونى، مع إتاحة مشاركة الجميع كمنتجين ومتلقين لمواده ومتفاعلين معها بحرية ومرونة.. وسوف أذكر هنا عدة مصطلحات أكاديمية تصنف هذا الإعلام الجديد، منها: (الإعلام التفاعلى، الإعلام الشبكى الحى، إعلام المعلومات، إعلام الوسائط المتعددة والإعلام الرقمى).. تشير المصطلحات سالفة الذكر إلى أنماط عدة، لن يتسع المجال هنا للخوض فى تفنيدها، لكن مجملًا قد نوجز ونقول: (الإعلام الجديد الاجتماعى التفاعلى).
يسمح الإعلام الجديد فى العالم أجمع بجعل المتلقى فاعلا وليس مفعولا به؛ أيضا يسمح الإعلام الجديد بالانتقاء، والقراءة المتخصصة غير المستنزفة الوقت والجهد انتظارا لموضوع ما، فهناك الإتاحة وإمكانية الاطلاع حسبما وحينما يريد المتلقى. لم يعد المكان حاجزا: فالرسالة الإعلامية تصل عبر القارات والمحيطات دون كلفة إضافية.. فهو شبه مجانى.. أيضًا، أضحت حرية الإعلام فى العالم حقيقة لا مفر منها، حينما أتاحت شبكات التواصل الاجتماعى، إضافة إلى انتشار الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر ذات الكاميرات الدقيقة، وصول الخبر وانتشاره بسرعة البرق، إضافة إلى رفع سقف حرية التعبير إلى اللامحدود.
دعنا نتساءل: لماذا نحّى هذا النمط الإعلامى الحديث الإعلام التقليدى؟!.
قد نعتبر أول سبب لهذا هو تشكك الجمهور فى مصداقية بعض وسائل الإعلام التقليدية فى العالم؛ فهى لم تعد تغذى عقله، ولا تفى باحتياجاته، فلا تمده بالخبر حين حدوثه.. أيضًا أتاح الإعلام الجديد له المشاركة فى صنع ونقل الحدث.. فهو إعلام ديناميكى تفاعلى قائم على السرعة فى البث، النشر والتلقى.
إن الإرهاب الحديث هو إرهاب إعلامى. تنجذب وسائل الإعلام فى العالم أجمع إلى الأعمال الإرهابية المتطرفة، ليس فقط لأنه من واجبها الإبلاغ عن أى حدث كبير، ولكن أيضا لأن دراما الإرهاب فى العالم تجذب الانتباه على نطاق واسع فى الوقت نفسه.
التقط إرهابيو اليوم هذه الديناميكية، واتخذوا إجراءات، ليس فقط لجعل ضحاياهم يعانون، ولكن أيضا لخلق أقصى قدر من الاهتمام فى جميع أنحاء العالم.