الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
قضية الإلحاد من القضايا الشائكة وهى قضية ليست حديثة، بل ظهرت عبر التاريخ فى مختلف الحضارات والثقافات، فهى ظاهرة عالمية ومعقدة تتداخل فيها عوامل مختلفة مثل العوامل النفسية والاجتماعية والفكرية وفى ظل التقدم التكنولوجى الهائل الذى نشهده والانفتاح على العالم نجد أن هناك تزايدًا فى شكوك الشباب فى الدين، مما يستدعى حوارًا علميًا بناءً لمواجهة هذه الظاهرة التى يحتاج التعامل معها نهجًا متزنًا ومتفهمًا، فالحوار وطريقته من العوامل الهامة فى هذه القضية الشائكة فيجب أولًا فتح حوار هادئ وواضح وعقلانى، بدون اللجوء للهجوم الشخصى أو التحقير.
ومن المهم أن ندرك أن الإلحاد ليس بالضرورة معاداة للدين، بل قد يكون نتيجة لشكوك أو أسئلة لم تجد إجابات شافية عليها. فهناك الكثير من الشباب يبحثون عن إجابات منطقية وواقعية على أسئلتهم، وقد يؤدى عدم العثور على هذه الإجابات إلى الشك فى الدين كما قد تدفع الأزمات الشخصية والمشاكل التى قد يواجهها الفرد أيضًا إلى ذلك.
كما أن هناك تأثير الأصدقاء والبيئة خاصة إذا كانت هذه البيئة تشجع على الإلحاد. كما تلعب التأثيرات الخارجية مثل انتشار الأفكار المتباينة عبر وسائل التواصل الاجتماعى وغيرها دورًا كبيرًا فى التأثير على معتقدات البعض. وهناك بالتأكيد بعض الحلول التى يمكن أن تحد من تفشى هذه الظاهرة وأولها التشجيع على التعليم والتثقيف المستمر لأطفالنا وشبابنا فى الأمور الدينية والفلسفية، حتى يكون باستطاعتهم الجواب على التساؤلات التى تدور بخلدهم بشكل علمى وعميق.
ونحتاج أن نكون قدوة بأخلاقنا وسلوكنا، لأن الأفعال أحيانًا تكون أبلغ من الكلام وهذا ينطبق أولًا على دور الأب والأم فى الأسرة فدورهم أساسى ورئيسى فى حماية أبنائهم من الوقوع فى فخ الإلحاد أو التشكك مما يدور حولهم خصوصًا فى ظل الماديات الطاغية والانفتاح على العالم بثقافاته المختلفة عن طريق منصات التواصل الاجتماعى والإنترنت، فالعالم أصبح قرية صغيرة وبالطبع هذا له جانب إيجابى ولكن من سلبياته المتفشية دخول أفكار غريبة وتوجهات مختلفة عن معتقداتنا تفتك بشبابنا وأولادنا فيجب أن يرجع دور الأسرة ورب الأسرة كما كان من قبل فرب الأسرة هو المرشد والمعلم والصديق الأول لأبنائه وهو خط الدفاع الأول ضد الأفكار الهدامة التى من الممكن أن تحيط بأبنائنا.
هذا بالإضافة إلى أن الاستعانة فى وسائل الإعلام بمجموعة من العلماء المتخصصين هى وسيلة مهمة جدًا لحل هذه القضية الشائكة، فوجود علماء من مجالات مختلفة مثل الفلسفة، والعلوم الاجتماعية يساعد فى توضيح المفاهيم المعقدة بشكل علمى ومدروس ويعطى مصداقية فى النقاش، ويساعد أيضًا على تقديم أجوبة شاملة ومنطقية للتساؤلات المطروحة. وبالتالى يكون الحوار أكثر عمقًا وتأثيرا فيجب أن نتعامل مع الشباب المتشكك والحائر بمنتهى العقلانية والاحتواء فهو يحتاج من يأخذ بيده ليفهم ويدرك ويقتنع ولا يحتاج لمن ينظر إليه نظرة تكفير، فرفقًا بشبابنا وأولادنا.