الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
من الآداب الإسلامية حسن الظن بالناس، ولكننا أصبحنا دون أن ندرى ننقب عن خبايا الناس، وكأننا نرى نواياهم، وكأن كل فرد عليم خبير بما فى نفس من أمامه، وهذه هى الكارثة الكبرى، لأنه من كرم الله- سبحانه وتعالى- علينا أنه هو الوحيد الواحد الأحد الذى يعلم نوايانا وما تخفيه صدورنا، وكان سيدنا عمر يقول «كنا نحكم عليكم والوحى ينزل، أما ولا وحى فمن فعل خيراً أو قال خيراً ظننا به خيراً، ومن فعل شراً أو قال شراً ظننا به ما فعل وما قال»، فالسرائر تترك إلى الله وحده الذى يعلم الجهر وما يخفى، أما نحن فينبغى علينا التماس المعاذير للناس، وترك تتبع العورات، فمن نحن لنحكم على من أمامنا لمجرد حدس انتابنا سواء بالخير أو بالشر، ومن الغريب أن هناك الكثير من الناس الذين يظلون متمسكين بآرائهم السلبية فيمن حولهم حتى ولو تغير من حولهم للأحسن وكأنهم التقطوا صورة لمن أمامهم ورسخوها فى عقولهم ولا مجال لتغييرها، وهذا الفكر لا يتفق مع مبادئ الإسلام التى تدعو إلى حسن الظن بالناس وعدم تنقيصهم أو التماس عيوبهم.. وإذا تأمل كل منا فى حاله لوجد أنه هو نفسه يتغير يوماً بعد يوم،
وهذا ليس بشىء غريب، فالتغيير سنة من سنن الله فى الكون، وقد قال تعالى فى كتابه العزيز: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، فالإنسان يجب عليه دائما أن يغير نفسه للأحسن ويهذبها ويرتقى بها عن كل ما قد يصيبها من أمراض هذا العصر من الحقد والحسد والبخل والكره وغيرها من الصفات المذمومة، وعندما يتخلص الإنسان من هذه الصفات المذمومة التى تعيق نجاحه وتقدمه سيجد نفسه متحرراً من قيود كانت تثقل كاهله لينطلق متقدماً فى حياته.. وإذا أراد أحد أن يحكم على من أمامه يجب ألا ينسى أن الحكم على الناس يحتاج إلى روية وتثبّت، فالإنسان لا يعتمد على ظنه، ويقول المولى عز وجل «يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً» ولنتذكر دائماً أن الكلام فى الناس بغير علم جُرم عظيم.