الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
«إذا التبس عليك أمران فانظر أثقلهما على النفس فاتبعه، فإنه لا يثقل عليها إلا ما كان حقاً».. من الحكم الجليلة لابن عطاء الله السكندرى، فدائماً اتباع هوى النفس أسهل على النفس من اتباع الحق، فالنفس الطبيعية الموجودة عند أغلب الناس هى النفس الأمّارة بالسوء، التى تصد الشر بالشر وتحب أن تنتصر لنفسها فلا تترك الأمر لله.. فالإنسان عندما يتعرض لموقف من المواقف فإما أن يتبع هوى نفسه أو ينظر إلى ما هو صعب على نفسه ويفعله، فعندما تتعرض النفس لظلم، إما أن تقتص لنفسها، وهذا سهل، وإما العفو فإنه صعب جداً على النفس وثقيل على النفس لأنه حق.. والذى يجب على الإنسان فعله هو أن يعفو، فالقصاص – من الناحية القانونية – رادع للإنسان عن ارتكاب الجرائم، ولكن العفو من الناحية الإنسانية ومن ناحية تكامل حياة الإنسان يكون هو الرادع، وقد يرتدع الإنسان بالعفو أكثر مما يرتدع بالقصاص، فإذا تعرض لك شخص بالأذى واخترت الأثقل على نفسك وعفوت عنه فقد يكون عفوك هذا هو وسيلة لتأديبه، وتدريب أنفسنا على العفو أو اختيار الأثقل على النفس هذا ما يسمى «التربية النفسية»، فالإنسان يجب أن يربى نفسه بهذا المنطق، وهذه هى التزكية التى تجعل الإنسان يرتب أولويات أفكاره مرة أخرى ويعيد صياغة حياته مرة أخرى نتيجة أنه يختار الأثقل على نفسه.. فالحق ثقيل كثقله يوم القيامة والباطل خفيف كخفته يوم القيامة.. والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم.. فنفس الإنسان عندما توضع فى مدار المسؤولية، ترى ما هو الثقيل عليها وتقوم به فتنضبط، لأن النفس تحتاج إلى تربية وتهذيب، فالنفس كالدابة إن ركبتها أوصلتك وإن ركبتك قتلتك، فعن أبى بكر يقول «إنى بليت بأربعة ما سلطوا إلا لجلب مشقتى إبليس والدنيا ونفسى والهوى.. كيف الخلاص وكلهم أعدائى».. فمغالبة ما تهواه النفس لهو أمر صعب، ولكن عندما يرضى الإنسان بما يثقل على نفسه ابتغاء مرضاة الله تعالى ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، يكرمه رب العباد بما يرضيه فى دنياه وآخرته.