الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
ارتبطت طفولتى فى مطلع السبعينيات أنا والمرحوم أخى شريف بحلقات جرايندايزر، فعندما كنا نعود يوميًا من مدرستنا دار التربية بالجيزة كنا نجلس على الأرض وأمى تجهز لنا طعام الغداء وتعطى لأخى شريف حقنة الأنسولين قبل أن يأكل.. كانت تعطيه الحقنة ونحن نشاهد حلقات جريندايزر وكنا منبهرين ومتعلقين جدًّا كيف كان دوق فليد يحارب الشر الذى يريد أن يدمر الأرض.
ودوق فليد وهو أمير كوكب فليد، أحد كواكب المجرة التى تدور فيها أحداث هذا المسلسل، وفى يومٍ ما، يتعرض كوكب فليد إلى هجوم قائدٍ فضائى اسمه فيغا وقواته، ويدمرون الكوكب ويسيطرون عليه، بغرض فرض نفوذهم عليه، لأنه أكثر مناسبةً للعيش من كوكبهم الأصلى الذى تنبعث منه الإشعاعات وبعد هجوم فيغا وجيشه على كوكب فليد، يتمكن أمير الكوكب دوق فليد من النجاة بحياته ومغادرة الكوكب وبعد رحلة طويلة فى الفضاء يصل فيلد إلى كوكب الأرض.
ويعثر عليه عالمٌ يُدير مركز أبحاث الفضاء، واسمه غينزو أمون ويقرر الدكتور أمون مساعدة دوق فليد على إخفاء هويته الحقيقية، من خلال جعلهِ ابنه بالتبنى، ويُطلق عليه اسم دايسكى أمون، وكان شريف يسألنى عندما نجد ديسكى يكلم دكتور آمون عبر التليفون وهو يشاهده: هل ممكن يأتى اليوم الذى نتحدث فيه فى التليفون ونحن نشاهد من نحدثه وكان فى ذلك الوقت وجود تليفون فى منزلنا رفاهية كبيرة ومرت أعوام قليلة ومات أخى شريف عام ٨٣ واستمرت مشاهدتى لجراينديزر وكل مرة أتذكر فيها أننا كنا معًا أنا وشريف نشاهد كيف ينتصر دوق فليد على قوى الشر.
إن مسلسل جريندايزر واحد من أكثر أفلام الكرتون شهرة فى العالم العربى، وهو مسلسل يابانى تم عرضه عام ١٩٧٥ واستمر لسنوات وعدد حلقاته أربع وسبعون حلقة لم يحقق نجاحًا كبيرًا عند عرضه فى اليابان مثلما حققه فى الدول العربية بعد أن تمت دبلجته للعربية بين عامى ١٩٧٨ و١٩٧٩ وعُرِض فى بداية الثمانينيات فى التلفزيون المصرى. فى النسخة العربية من مسلسل «جريندايزر» قام الفنان القدير جهاد الأطرش بأداء صوت شخصية دوق فليد وتعلقنا به جميعًا الصغار والكبار وأنا لا أنسى صوته وصرخته الحماسية المميزة.
كانت شارة بداية المسلسل ونهايته مميزة جدًا هى الأخرى بصوت الفنان اللبنانى الكبير سامى كلارك الذى قدم المئات من الأغنيات لكنّ انتشار سامى كلارك القوى فى العالم العربى يعود خصوصًا لغنائه تترات مسلسلات كرتونية حققت نجاحًا كبيرًا فى الثمانينيات ولا تزال. مسلسل جريندايزر، يكفيه أنه يغرس فينا كأطفال من حب الوطن والدفاع عنه وانتصار الخير على الشر وغيرها من القيم الأخلاقية.
ومن المهم أن نركز على جانب مهم فى هذا المسلسل الشيق وهو الحوار، فلم يكن هناك أى تجاوزات أو ألفاظ بالعكس كانت الكلمات مختارة بعناية؛ فلم تكن جارحة أو مسيئة على عكس ما نراه اليوم من أفلام كرتونية تقدم للأطفال بها ألفاظ أو إيحاءات غير مناسبة تمامًا لأعمارهم. مسلسل جريندايزر ملىء بالإثارة والمغامرات ويتميز برسومات رائعة وقصة مشوقة تجمع بين الصراع بين الخير والشر والصداقة، والشجاعة.
ويقدم قيم الإنسانية والخير والصدق والعلم وأهميته للدفاع عن الوطن وحمايته. لعب «جريندايزر» دورًا كبيرًا فى تشكيل ذكريات جيل كامل، وما زال يحتفظ بشعبية كبيرة حتى اليوم ولا أخفى عليكم أننى ما زلت أشاهد حلقاته على اليوتيوب وأتذكر أخويا شريف والزمن الجميل الذى افتقدناه والذكريات الحلوة التى أصبحت هى ملاذنا الآن فى خضم الحياة