الموقع الرسمي لدكتور عمرو الليثي
تشرفت أني أنتمي لعائلة سينمائية عريقة، متمثلة في المنتج جمال الليثي عمي، والمنتج إيهاب الليثي عمي، ووالدي السيناريست والمنتج ممدوح الليثي، والمنتج وجيه الليثي.
هذه العائلة قدّر لها أن تقدم للشاشة الفضية أهم الأعمال في تاريخ السينما المصرية، على سبيل المثال لا الحصر «اللص والكلاب، والزوجة ١٣، وإشاعة حب، والوسادة الخالية، والقاهرة ٣٠، والليلة الأخيرة، وميرامار، والكرنك، والمذنبون، وثرثرة فوق النيل»، ومجموعة أفلام الراحل فؤاد المهندس «إكس»، وغيرها العشرات والعشرات من الأفلام، وأيضًا أفلام العظيم إسماعيل ياسين، وتلك المجموعة تحديدًا قام بإنتاجها وصاحب فكرتها عمي المنتج جمال الليثي، وهذه الأفلام التي بدأت بـ «إسماعيل ياسين في الجيش، إسماعيل ياسين في الطيران، إسماعيل ياسين بوليس حربي، إسماعيل ياسين بوليس سري، إسماعيل ياسين في البحرية»، أنتجها الراحل جمال الليثي، وهي كل أفلام إسماعيل ياسين المرتبطة بالجيش.
بعض هذه الأفلام شارك في إنتاجها مع الراحل المنتج الكبير الأستاذ رمسيس نجيب، وكان جمال الليثي مستشرفًا للواقع السينمائي بشكل كبير عندما اختار الفنان إسماعيل ياسين هذا الفنان المحبوب والموهوب الذي يتمتع بخفة ظل كبيرة وكانت له شعبية طاغية في الشارع المصري في ذلك الوقت، والمعروف أن جمال الليثي كان من الضباط الأحرار الذين قاموا بثورة ٢٣ يوليو ٥٢، من الصف الثاني للضباط الأحرار، وبالتأكيد تولى جمال الليثى بعد ذلك إدارة الشؤون المعنوية بالاشتراك مع الراحل العظيم وجيه أباظة، وقاموا بعمل حفلات فنية في الأندلس التي قدم من خلالها الراحل عبدالحليم حافظ، وكان جمال الليثى بعد ذلك مسؤولًا عن صناعة السينما في تلك الفترة، وأُعجب بشدة بفكرة الفنان الإنجليزى نورمان ويزدوم، هذا الفنان الإنجليزى أيضًا ذائع الصيت الذي قدم مجموعة من الأفلام «نورمان في الجيش، نورمان في الأسطول، نورمان في البوليس».. أُعجب جمال الليثى بابتكار نورمان لهذه الأفلام الجميلة التي حازت على شعبية كبيرة في المجتمع الإنجليزى في تلك الأوقات، فقرر أن يسند للفنان الكوميدى إسماعيل ياسين دور البطولة في مجموعة أفلام تتحدث أولًا عن إعلاء الإنسان المواطن المصرى البسيط بعد ثورة ٥٢، ثانيًا كان هدف جمال الليثي في إنتاج هذه الأفلام، بخلاف ذلك، هو تعظيم شكل القوات المسلحة، لكن بأسلوب غير مباشر، وأؤكد هنا بأسلوب غير مباشر، فكان إسماعيل ياسين هو البطل الإنسان البسيط المتواضع في «إسماعيل ياسين في الطيران» وكان شقيقه التوأم، ضمن أحداث الفيلم، معروفًا عنه أنه البطل الجسور في الطيران، أما هو فاضطرته الظروف لأن يُلحق بالعمل مكان أخيه عندما كان يستعد للزواج في تلك الفترة، لكن أراد أن يلبس هذه البدلة حتى يكون بطلًا في عين محبوبته التي أحبها.
وفى البوليس السري والبوليس الحربي أيضًا، عندما دخل إسماعيل ياسين البوليس الحربى ومن خلال مواقف كوميدية تبدو بسيطة كانت الخلفية في العمل الدرامى الإعلاء والتركيز على التطور الواقع في القوات المسلحة في تلك الفترة العظيمة من تاريخ مصر، وبالتأكيد كانت إدارة التوجيه المعنوى التي كان يتولاها من قبل عمي جمال الليثي، المنتج الراحل، تقدم العون والمساعدة لتلك الأفلام، خصوصًا بعد نجاحها نجاحًا باهرًا، ثم نجد بعد ذلك من يتحدث عن أن هذه الأفلام كانت أفلامًا تسيء للجيش والقوات المسلحة.
هذه الأفلام قدمت أول فيلم «إسماعيل ياسين في الجيش» وحقق نجاحًا كبيرًا، ومن ثم توالت الفكرة وكبرت في ذهن جمال الليثى ورمسيس نجيب للاستمرار في إنتاج مثل هذه النوعية من الأفلام التي تحمل اسم إسماعيل يس، فقدما بعد ذلك «إسماعيل ياسين في الطيران، إسماعيل ياسين بوليس حربي» وكانت هذه الأفلام لمن يراها يبتسم ويضحك لأن من يقوم بأدائها بطل من أحاد الناس وفى الوقت نفسه نجد أن النسيج السمعى البصرى الدرامى يعطى انطباعات إيجابية عن البحرية وعن الطيران وعن الجيش وعن البوليس أيضًا في تلك الفترة المهمة من تاريخ مصر.
استمرت هذه الأفلام وحققت نجاحًا كبيرًا وكانت تكلفتها بسيطة، أذكر أن تكلفة الفيلم الواحد لم تكن تتجاوز أربعة عشر إلى ستة عشر ألف جنيه على أكبر تقدير ممكن في ذلك الوقت، وهذه التكلفة ليست بالكبيرة لكنها كانت تحقق مردودًا إعلاميًا جيدًا ومردودًا للقوات المسلحة جيدًا وأيضًا مردودًا تجاريًا لمنتجي هذه الأفلام.
جمال الليثى ورمسيس نجيب تشاركا في بعض هذه الأفلام وبعضها أنتجه جمال الليثي منفردًا، مثل «إسماعيل ياسين بوليس حربى، وإسماعيل ياسين بوليس سرى، وإسماعيل ياسين في الجيش، وإسماعيل ياسين في الطيران»، ومن ثم نجد أن تقديم هذه الأفلام كان بمثابة نقلة جديدة في نوعية الدراما السينمائية البسيطة التي تمس المواطن البسيط والتى جسد المواطن البسيط فيها الراحل العظيم إسماعيل ياسين الذي لا يختلف عليه اثنان أنه كان شخصية فذة وعبقرية، قدم للفن المصرى الكثير والكثير ومازال تراثه حتى الآن يشاهده الجميع ويبتسم ويتذكر هذا الفنان الجميل الذي استطاع أن يضع الابتسامة على شفاه الكبار والصغار في تاريخ الدراما السينمائية المعاصرة.
وأخيرًا، فإن اسماعيل ياسين ذلك الفنان الذي أفنى حياته وماله في خدمة مصر، شخصية فريدة لم تتكرر، فلم نسمع عن أي فنان آخر نجح في عمل مجموعة أفلام تحمل اسمه وحققت هذا النجاح، ففن إسماعيل ياسين باقٍ والدليل أنه ينتقل من جيل إلى جيل.
رحم الله جمال الليثي هذا المنتج الفذ، ورحم الله إسماعيل ياسين هذا الفنان العبقري.