العودة   الموقع الرسمي للاعلامي الدكتور عمرو الليثي > الأقسام العامة > المنتدى الإسلامى
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-23-2009, 08:44 AM
سحر سحر غير متواجد حالياً
مشرف
 


افتراضي مفهوم التوكل والخوف من المستقبل

يخاف الإنسان في أحيان كثيرة ما يخبىء له القدر، فتراه يخاف المستقبل ويخشاه، لأنه يراه لغزاً، وعنصراً لا يضمن له حياته الرغيدة الهانئة.. هذا الخوف من المستقبل ينبع من مفهوم عدم الثقة بتلك القدرة الغيبية التي تستطيع أن تغيّر الأحداث، وتمحو المستقبل لتستبدله بواقع جديد.. تلك هي قدرة الله سبحانه وتعالى..
إنَّ المفهوم القرآني لطبيعة الحياة الإنسانية، يستند على حقيقة في غاية الوضوح، وهي أنَّ الذي يتقي الله سبحانه، ويدين له بالعبودية والطاعة، فإنَّ الخالق عزَّ وجلّ سوف يفتح له آفاقاً رائعة في مستقبل حياته، ويجعل له أبواباً من الرزق لم يكن ليحسبها يوماً في حياته، ومن يتوكل على الله، فإنَّ الله سيكفيه مؤنة الحياة، ويرزقه بما يجعل حياته نعيماً وهدوءاً وسكينة.. وفي هذا المعنى يقول القرآن الكريم: (... وأقيموا الشهادةَ لله ذلكم يوعظُ به من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر، ومن يتَّق الله يجعل لهُ مخرجاً* ويرزقه من حيثُ لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إنَّ اللهَ بالغُ أمرِهِ قد جعلَ اللهُ لكُلِّ شيءٍ قدراً) (الطلاق/ 2-3).
والمعنى أنَّ الله سبحانه وتعالى سوف يكفي من يتوکّل عليه، لا على غيره، وأنَّ الله بالغٌ أمره، يبلغ حيثَ أراد، وهو القائل: (إنَّما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) (يس/ 82). (قد جعل الله لكل شيء قدراً) (الطلاق/ 3)، فما من شيء إلا له قدر مقدور، وحد محدود، والله سبحانه لا يحدّه حد ولا يحيط به شيء، وهو المحيط بكل شيء.. فالحاضر والمستقبل المشرق للإنسان المؤمن، محرَز عند الله سبحانه..
ويؤكد القرآن الكريم على أنَّ الخالق عزَّ وجلّ يملك غيب السماوات والأرض، وأن ما من شيء في السماوات والأرض إلا راجعُ إليه، وإن ما من أمرٍ في أرجاء الكون الواسع إلا رادٌ إليه، ولذلك فهو جدير بالعبادة، وجدير بالإعتماد والتوكُّل عليه.. يقول تعالى: (ولله غيبُ السماوات والأرضِ وإليهِ يُرجَعُ الأمرُ كُلُّهُ فاعبده وتوكَّل عليه وما ربك بغافلٍ عمَّا تعملون) (هود/ 123).
ويبلوّر القرآن الكريم مفهوماً رائعاً، في وقت يتلوى المسلمون فيه من آثار المعاناة والتشريد والهجرة والحروب مع المشركين..
هذا المفهوم الرائع هو أنَّ الإساءة التي تصيب العدو يجب أن لا تسر الإنسان المؤمن.. لأنَّ الولاية والأمر بيد الله سبحانه، وليس للإنسان من الأمر شيء، ولذلك يقول تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها أنَّ ذلك على الله يسير. لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) (الحديد/ 23).
(ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه) (التغابن/ 11)
. وكان شعور المنافقين أن أي غنيمة يغنمها المسلمون تسوء المنافقين، وأن القتل والجرح الذي يصيب المسلمين يفرحهم، فيقولوا: لقد احترزنا على الشر، وأمنَّا القتل والأذى.. يقول القرآن الكريم في هذا المعنى: (إن تصبك حسنة تسوؤهم وإن تصبك سيئة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون* قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فيتوكل المؤمنون) (التوبة/ 50-51).
والمعنى أنَّ حقيقة الأمر لله وحده، فهو الذي كتب حتمية ما يصيبنا من خير أو شر، وإذا كان الأمر كذلك فعلينا امتثال أمره.. وإذا كان الأمر لله وحده فعلينا أن نتوكل عليه ونرجع الأمر إليه.. فهو القادر على تثبيت الأمور، وهو الناصر وهو الولي، وعليه فليتوكل المؤمنون..
إنَّ القلق النفسي والاضطراب الروحي الذي تعيشه البشرية "المتحضرة" اليوم، إنَّما مردُّه ضعف العامل الإيماني في نفس الإنسان، فالإنسان المؤمن يتوكل على الله سبحانه في أعماله، وفي حركاته، فتطمئنُّ روحه وتتثبت سرائره، ويترسخ الاستقرار في شخصيته ونفسه، لأنه يؤمن أنَّ عليه أن يسعى ويجدّ، وما وراء ذلك فهو على الله سبحانه (وإليه يرجع الأمر كُلُّه)..
فالتوكل على الله سبحانه أفضل وسيلة لمعالجة الأمراض بيد الله سبحانه وتعالى: (نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين) (الواقعة/ 60)، وإنَّ الرزق بيده عزَّ وجلّ: (الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم) (الروم/ 4). وإنَّ النفع والضرّ بيد الله سبحانه: (قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضرّاً) (الأعراف/ 188)، فلِمَ لا يتوكل الإنسان على الله سبحانه، والله بيده كل هذه الأمور، وما الذي بقى بيد الآخرين، إذا كان الموت والحياة والرزق والنفع والضرّ بيده سبحانه؟.. إذن فالتوكل على الله سبحانه ضمان أكيد على سكينة النفس واطمئنانها لخطوط المستقبل الآتية بلا ريب..

وعن عمر بن الخطاب عن النبي قال: « لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً - جياعاً - وتروح بطاناً - شباعاً » [رواه أحمد والترمذي].


حقيقة التوكل:

قال ابن رجب: ( هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح، ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة وكِلَة الأمور كلها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه ).

وقال ابن القيّم: ( التوكل: نصف الدين. والنصف الثاني: الإنابة، فإن الدين: استعانة وعبادة. فالتوكل هو الاستعانة، والإنابة هي العبادة. ومنزلته أوسع المنازل وأجمعها. ولا تزال معمورة بالنازلين. لسعة متعلق التوكل، وكثرة حوائج العالمين، فأولياؤه وخاصته يتوكلون عليه في الإيمان، ونصرة دينه، وإعلاء كلمته، وجهاد أعدائه وفي محابه وتنفيذه أوامره ).

وقال الحسن: ( إن توكل العبد على ربه أن يعلم أن الله هو ثقته ).

قال سعيد بن جبير: ( التوكل جماع الإيمان ).

وقال بعض السلف: ( من سرّّه أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله ).

وقال سالم بن أبي الجعد: ( حُدّثت أن عيسى عليه السلام كان يقول: اعملوا لله ولا تعملوا لبطونكم، وإياكم وفضول الدنيا، فإن فضول الدنيا عند الله رجز، هذه طير السماء تغدو وتروح ليس معها من أرزاقها شيء لا تحرث ولا تحصد الله يرزقها ).

جعلنا الله من المتوكلين على الله حق التوكل. ورزقنا الإنابة والخضوع والحاجة له وحده دون ما سواه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله صحبه أجمعين
التوقيع:
أحياناً يغرقنا الحزن حتى نعتاد عليه .. وننسى أن في الحياة أشياء كثيرة يمكن أن تسعدنا وأن حولنا وجوهاً كثيرة يمكن أن تضيء في ظلام أيامنا شمعة .. فابحث عن قلب يمنحك الضوء ولا تترك نفسك رهينةللاحزان
رد مع اقتباس
قديم 11-25-2009, 02:27 PM   رقم المشاركة : [2]
علي الدين
عضو
 
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين انا اشكرك على جهدك فى ذلك وثقافكة الاسلامية اخوكى فى اللة على الدين


التوقيع: اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا
....
واعمل لاخرتك كانك تموت غدا
علي الدين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-26-2009, 09:11 AM   رقم المشاركة : [3]
سحر
مشرف
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي الدين مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين انا اشكرك على جهدك فى ذلك وثقافكة الاسلامية اخوكى فى اللة على الدين

جزاك الله خيرا على المرور


التوقيع:
أحياناً يغرقنا الحزن حتى نعتاد عليه .. وننسى أن في الحياة أشياء كثيرة يمكن أن تسعدنا وأن حولنا وجوهاً كثيرة يمكن أن تضيء في ظلام أيامنا شمعة .. فابحث عن قلب يمنحك الضوء ولا تترك نفسك رهينةللاحزان
سحر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مفهوم, المستقبل, التوكل, والخوف


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع