العودة   الموقع الرسمي للاعلامي الدكتور عمرو الليثي > الأقسام العامة > المنتدى الإسلامى
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-28-2010, 11:47 PM
هشام عبده هشام عبده غير متواجد حالياً
عضو
 

افتراضي انوار العلم"محمد عبده" ج 2

انوار العلم
"الامام محمد عبده" ج2
الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله اما بعد :
استكمالا لحياة للسير فى مناقب السادة العلماء التى اتشرف بكتابتها ...كنا بدأنا فى المقال السابق عن الامام محمد عبده فى نشأته وتربيته وتلقى تعليمه واليوم نستكمل هذه المسيرة حتى ختامها فنبد مستعينين بالله ونقول عن :
حياة الإمام العملية :
تأثر الشيخ "محمد عبده" بعدد من الرجال الذين أثروا حياته وأثّروا فيها، وكان من أولهم الشيخ "درويش خضر" الذي كان يلتقي به في إجازته من كل عام، فيتعهده بالرعاية الروحية والتربية الوجدانية، فيصب في روحه من صوفيته النقية، ويشحن عزيمته ونفسه بالإرادة الواعية، ويحركه للاتصال بالناس، والتفاعل مع المجتمع، ويدعوه إلى التحدث إلى الناس ونصحهم ووعظهم ، وهو الذي ساعده على تجاوز حدود العلوم التي درسها بالأزهر، ونبهه إلى ضرورة الأخذ من كل العلوم، بما فيها تلك العلوم التي رفضها الأزهر وضرب حولها سياجًا من المنع والتحريم.
ومن ثم فقد اتصل "محمد عبده" بالرجل الثاني الذي كان له أثر كبير في توجيهه إلى العلوم العصرية، وهو الشيخ "حسن الطويل" الذي كانت له معرفة بالرياضيات والفلسفة ، وكان له اتصال بالسياسة، وعُرف بالشجاعة في القول بما يعتقد دون رياء أو مواربة.
وقد حركت دروس الشيخ "حسن الطويل" كوامن نفس محمد عبده، ودفعته إلى البحث عن المزيد، وقد وجد ضالته أخيرًا عند السيد "جمال الدين الأفغاني" ووجد "الأفغاني" في "محمد عبده" الذكاء وحسن الاستعداد، وعلو الهمة، فضلا عن الحماسة في الدعوة إلى الإصلاح، ورأى "محمد عبده" من خلال "الأفغاني" الدنيا التي حجبتها عنه طبيعة الدراسة في الأزهر.. وتلازم الشيخان، ونشأت بينهما صداقة صافية، وساد بينهما نوع من الوئام والتوافق والانسجام على أساس من الحب المتبادل والاحترام والتقدير.
بعد أن نال الإمام "محمد عبده" شهادة العالمية من الأزهر، انطلق ليبدأ رحلة كفاحه من أجل العلم والتنوير، فلم يكتف بالتدريس في الأزهر، وإنما درّس في "دار العلوم" وفي "مدرسة الألسن"، كما اتصل بالحياة العامة.
وكانت دروسه في الأزهر في المنطق والفلسفة والتوحيد، وكان يُدرّس في دار العلوم مقدمة ابن خلدون، كما ألّف كتابًا في علم الاجتماع والعمران ، واتصل بعدد من الجرائد، فكان يكتب في "الأهرام" مقالات في الإصلاح الخلقي والاجتماعي، فكتب مقالا في "الكتابة والقلم"، وآخر في "المدبر الإنساني والمدبر العقلي والروحاني"، وثالثا في "العلوم العقلية والدعوة إلى العلوم العصرية" .
دعوة الإمام للإصلاح :
قام رياض باشا ( رئيس النظار في عهد الخديوي توفيق) بتعيين الإمام محمد عبده في جريدة الوقائع المصرية وهي الجريدة التي قام رياض باشا بإجراء بعض الإصلاحات عليها وضم بها عدد من الشخصيات البارزة للعمل فيها مثل سعد زغلول، محمد خليل والشيخ محمد عبده، حيث قام محمد عبده بمهمة التحرير والكتابة في القسم الخاص بالمقالات الإصلاحية الأدبية والاجتماعية .
كان الإمام محمد عبده ينتمي في تيار حركة الإصلاح إلى المحافظين الذين يرون أن الإصلاح يكون من خلال نشر التعليم بين أفراد الشعب والتدرج في الحكم النيابي وكان سعد زغلول أيضاً من مؤيدي هذا التيار، وهو عكس التيار الذي يدعو للحرية الشخصية والسياسية مثل المنهج الذي تتبعه الدول الأوروبية، وكان من مؤيدي هذا التيار "أديب إسحاق" ومجموعة من المثقفين الذين تلقوا علومهم في الدول الأوروبية.
قامت الثورة العرابية في عام 1882م وكان محمد عبده من مؤيديها فتم القبض عليه وحكم عليه بالنفي لمدة ثلاث سنوات.
ولم يصير الشيخ في دعوته على بدع أو اختراع في الدين وإنما كان الشيخ يبين كيف اهتم المسلمون والعرب اهتماما لا حدَّ له بالعلوم الأدبية، وبعد مرور عشرين عاما علي وفاة سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم ،كما اهتموا بالعلوم الكونية وخاصة أيام الدولة العباسية عند أمثال المنصور وهارون الرشيد والمأمون، كما اهتم المسلمون بإنشاء دور الكتب سواء في بلدان المشرق العربي أو في بلدان المغرب العربي، بالإضافة إلي إنشاء المدارس للعلوم والتي انتشرت في كل الأقطار في المغول والتيار من جهة المشرق، ومراكش وفارس من جهة المغرب، كما يشير الإمام محمد عبده إلي أهمية العلوم العربية ، وأن أول شيء تميز به فلاسفة المسلمين عمن سواهم من فلاسفة الأمم هو بناء معارفهم علي المشاهدات والتجربة، وألا يكتفوا لمجرد المقدمات العقلية في العلوم ما لم تؤيدها التجربة.
ويبين لنا أيضا أن سلوك بعض المسلمين والمعادي للعلم والفلسفة والفكر بوجه عام، لا يصح أن يتخذ دليلا علي أن العيب في الدين، لقد كان ينشر بالجرائد -فيما يقول محمد عبده- العديد من المقالات التي تستهجن إدخال علم الجغرافيا التي يتلقاها طلبة الجامع الأزهر، وكان كتاب تلك المقالات يقومون بالهجوم على من أشار بإدخال هذا العلم وغيره بين تلك العلوم التي تدرس بالأزهر ،ومن الواضح أن الإمام يشير إلي نفسه لأنه من أنصار تعليم هذه العلوم- وأنا أرى انه ربما كان حريص على أن يعرف طالب الأزهر بكل علم حوله وألا يكون جاهلا بأي شئ فنشأ طالب الأزهر عالما ملم بما حوله واسع الإطلاع- ، وقد وجدت آراؤه معارضة شديدة من جانب بعض المشايخ الأزاهرة ، أنه إذا قيل لطلبة الأزهر بأنه ينبغي دراسة بعض مباديء الطبيعة والتاريخ الطبيعي، فإن هؤلاء المشايخ -فيما يقول محمد عبده- يصيحون أجمعين: هذا عدوان علي الدين، هذا توهين لعقده المتين، هذا تغرير بأهله المساكين" .
وكان للامام تلاميذ آمنوا بفكرة و اخذوا عنه ومن أبرزهم
الإمام في المنفى :
انتقل الإمام محمد عبده إلى بيروت حيث مكث بها قرابة العام، ثم انتقل بعدها إلى باريس ليكون بالقرب من أستاذه وصديقه جمال الدين الأفغاني حيث قاموا معاً بتأسيس جريدة " العروة الوثقى" ولكن للأسف هذه الجريدة لم تستمر كثيراً حيث أثارت المقالات التي كانت تكتب بها حفيظة الإنجليز والفرنسيين خاصة وأنها كانت تتضمن مقالات تندد بالاستعمار وتدعو للتحرر من الاحتلال الأجنبي بجميع أشكاله، فتم إيقاف إصدارها .
عاد مرة أخرى لبيروت حيث قام بتأليف عدد من الكتب، والتدريس في بعض مساجدها، ثم انتقل للتدريس في "المدرسة السلطانية" في بيروت حيث عمل على الارتقاء بها وتطويرها، كما شارك بكتابة بعض المقالات في جريدة " ثمرات الفنون"، وقام بشرح " نهج البلاغة" و " مقامات " بديع الزمان الهمذاني".
عودة الإمام للوطن :
صدر العفو عن محمد عبده بعد ست سنوات قضاها في المنفى، فعاد إلى مصر وكان يراوده حلم دائماً بمحاولة الإصلاح في المؤسسات الإسلامية ومحاولة النهضة بالتعليم وتطويره، عين محمد عبده قاضياً أهلياً في محكمة بنها، ثم في محكمة الزقازيق ، وعابدين ثم مستشاراً في محكمة الاستئناف .
تعلم الإمام محمد عبده اللغة الفرنسية وأتقنها واطلع على العديد من الكتب والقوانين الفرنسية، كما قام بترجمة كتاب في التربية من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية.
عندما تُوفي الخديوي "توفيق" سنة (1310هـ = 1892م)، وتولي الخديوي عباس، الذي كان متحمسًا على مناهضة الاحتلال، سعى الشيخ "محمد عبده" إلى توثيق صلته به، واستطاع إقناعه بخطته الإصلاحية التي تقوم على إصلاح الأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية، وصدر قرار بتشكيل مجلس إدارة الأزهر برئاسة الشيخ "حسونة النواوي"، وكان الشيخ محمد عبده عضوا فيه، وهكذا أتيحت الفرصة للشيخ محمد عبده لتحقيق حلمه بإصلاح الأزهر، وهو الحلم الذي تمناه منذ أن وطئت قدماه ساحته لأول مرة ، وفي عام (1317هـ = 1899م) تم تعيينه مفتيًا للبلاد، ولكن علاقته بالخديوي عباس كان يشوبها شيء من الفتور، الذي ظل يزداد على مر الأيام .
الحملات ضد الإمام حتى توفى :
لقد خاض محمد عبده الكثير من المعارك الفكرية وكان له من الأعداء أكثر بكثير من الأصدقاء، وكان هذا شيئا متوقعا ، إذ أننا في كل عصر وكل مكان، إذا كنا نجد دعاة للنور والوسطية والتقدم ، فإننا نجد أيضا خفافيش الفكر والذين يؤثرون الظلام، ولا تقوي أبصارهم علي مواجهة النور والضياء وإذا كنا نجد دعاة للإصلاح والتجديد والتقدم إلي الأمام، فإننا نجد أيضا دعاة الجمود والانغلاق والرجعية والتخلف بدعوى الحفاظ على الدين وما أكثرهم اليوم وطبعا اغلبهم من خارج الأزهر ولا يكادوا يفهموا شيئا من الدين .
بدأت المؤامرات والدسائس تُحاك ضد الإمام الشيخ بسبب الكثير من اراءه واجتهاداته الفقية، وبدأت الصحف تشن هجومًا قاسيًا عليه لتحقيره والنيل منه، ولجأ خصومه إلى العديد من الطرق الرخيصة والأساليب المبتذلة لتجريحه وتشويه صورته أمام العامة؛ حتى اضطر إلى الاستقالة من الأزهر والإفتاء في سنة (1323هـ = 1905م)، وإثر ذلك أحس الشيخ بالمرض، واشتدت عليه وطأة المرض، الذي تبيّن أنه السرطان، وما لبث أن تُوفي بالإسكندرية في (8 من جمادى الأولى 1323 هـ = 11 من يوليو 1905م) عن عمر بلغ ستة وخمسين عامًا ويقال أن آخر ايه له في التفسير (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا واتخذ الله إبراهيم خليلا) .
وقد تتشابه خواتم الصالحين إن الإمام الراحل محمد سيد طنطاوى كما يخبر عنه احد الاساتذه المحيطين به أن آخر آية كان يشرحها لطلاب الدراسات العليا قبل سفره إلى السعودية ليقابل ربه عز وجل هي (‏ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله‏ وكان الله غفورا رحيما) .
ولا عجب انهم يسبون ويشتمون حتى اليوم من خفافيش الظلام وارى ذلك ان الله يريد ان يملا ميزانهم حتى بعد موتهم ..... رحم الله الإمامين
مؤلفاته الإمام :
إذا كان الإمام قد مات جسدا فلم يمت حبر قلمه الذي سطر لنا أجمل اجتهادات في الكتب ، قام الإمام محمد عبده بكتابة وتأليف وشرح عدد من الكتب نذكر منها "رسالة التوحيد"، تحقيق وشرح "البصائر القصيرية للطوسي"، تحقيق وشرح "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة" للجرجاني، كتاب "الإسلام والنصرانية بين العلم والمدنية" وفي هذا الكتاب قام الإمام محمد عبده بإجراء مقابلة بين الدينين الإسلامي والمسيحي وأثرهما في العلم والمدنية، تقرير إصلاح المحاكم الشرعية سنة 1899 م.
كما قام العديد من الكتاب والصحفيين بتناول شخصية محمد عبده وآرائه الإصلاحية من خلال كتبهم ومقالاتهم المختلفة منها: كتاب "محمد عبده" تأليف محمود عباس العقاد، كتاب "رائد الفكر المصري – الإمام محمد عبده" من تأليف عثمان أمين، كتاب " الإمام محمد عبده في أخباره وآثاره" تأليف رحاب عكاوي، وغيرها العديد من الكتب ... ما أود قوله في نهاية هذا المقال هو "قد مات الإمام محمد عبده ولا تزال سيرته تذكر حتى اليوم وستذكر بأذن الله الى قيام الساعة ما دام هناك من يقدر ويحافظ على السادة العلماء امثال اناس كثيرين ، هذا الإمام أين اليوم من يسبونه ويشتمونه لا احد يعرف عنهم شيئا وهنا نختم بقول الله تعالى (اما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث فى الارض ) .
والحمدلله رب العالمين
سنلتقى باذن الله مع شخصية جديدة قريبا .......
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
العلم"محمد, العلممحمد عبده, انوار, عبده"


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع