قصه سيدنا نوح

[سامح محمد البنا]

نبي الله نوح عليه السلام ـ هو أول رسول أرسله الله تعالى إلى أهل الأرض بعدما ظهرت فيهم عبادة الأصنام والطواغيت.

وقد ذكر القرآن الكريم قصته وما كان من قومه في مواضع كثيرة ، يمكن تلخيصها فيما يلي:

كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرة قرون كلهم على الإسلام ، ثم بعد تلك القرون الصالحة حدثت أمور ، اقتضت أن آل الحال بأهل ذلك الزمان إلى عبادة الأصنام ، ولما انتشر هذا الكفر والشرك في الأرض أرسل الله تعالى عبده ورسوله نوحا عليه السلام ، يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وينهى عن عبادة ما سواه ؛ قال تعالى: ( ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون )[ المؤمنون : 23 ].

وقد اجتهد عليه السلام في دعائهم إلى الإسلام ؛ دعاهم في الليل والنهار ، والسر والعلانية ، وبالترغيب والترهيب ، وبتذكيرهم بنعم الله عليهم ، وبتخويفهم من عذابه إن هم لم يؤمنوا .. ولكنهم تنقصوه ، وعاندوا ، وتمادوا في كفرهم وضلالهم.

مكث نوح عليه السلام في دعوة قومه إلى الإسلام ألف سنة إلا خمسين عاما ، فلم يؤمن من قومه إلا قليل ، وكان قومه يتواصون بعدم الإيمان ، فلما يئس منهم دعا ربه بعدها أن ينتصر له ، وأن يهلك القوم الكافرين فلا يبقي منهم أحدا ، فاستجاب الله تعالى دعاءه ، وأخبره الله تعالى بأنه لن يؤمن له من قومه إلا من آمن ، وأمره بأن يصنع الفلك ،وهي السفينة العظيمة التي لم يكن لها نظير قبلها ولا يكون بعدها مثلها.

فأصبح قومه يسخرون منه وهو يصنع الفلك في مكان لا ماء فيه ولا بحر ، واستبعادا منهم لوقوع ما توعدهم به من العذاب ، ثم جاءه الأمر من الله تعالى أنه إذا حل بأسه على هؤلاء القوم وجاءت اللحظة الحاسمة أن يحمل في تلك السفينة أهله إلا من كان كافرا ، وأن يحمل فيها أيضا من كل زوجين اثنين.

وفي الوقت المناسب فتحت أبواب السماء بالماء ، وفجرت الأرض عيونا ، فحدث بذلك طوفان عظيم لم تشهد له الأرض قبل ذلك مثيلا ، وفي هذا الموقف الرهيب نادى نوح ابنه أن يركب معه في السفينة ، فأبى ، فكان من المغرقين ؛ قال تعالى: ( وَهِىَ تَجرِى بِهِم فِى مَوجٍ كَالجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابنَهُ وَكَانَ فِى مَعزِلٍ يا بُنَيَّ اركَب معَنَا وَلاَ تَكُن معَ الكافرين (42) قَالَ سَاوِى إِلَى جَبَلٍ يَعصِمُنِى مِنَ المَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ اليَومَ مِن أَمرِ اللهِ إِلا مَن رحِمَ وَحَالَ بَينَهُمَا المَوجُ فَكَانَ مِنَ المُغرَقِينَ (43) ) [ هود : 42 ـ 43 ] . ثم أمر الله تعالى بنهاية الطوفان ، بعد أن لم يبق من أهل الأرض أحد ممن عبد غير الله تعالى ، ونجا الله تعالى نوحا عليه السلام ومن كان معه في السفينة ، وهبطوا منها بسلام.

ومن المواضع التي سرد فيها القرآن الكريم قصة نوح قوله تعالى : ( وَلَقَد أَرسَلنَا نُوحًا إِلَى قَومِهِ إِني لَكُم نَذِيرٌ مبِينٌ (25) أَن لا تَعبُدُوا إِلا اللهَ إني أَخَافُ عَلَيكُم عَذَابَ يَومٍ أَلِيمٍ (26) فَقَالَ الملأ الذِينَ كَفَرُوا مِن قِومِهِ مَا نَرَاكَ إِلا بَشَرًا مثلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتبَعَكَ إِلا الذِينَ هُم أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرأي وَمَا نَرَى لَكُم عَلَينَا مِن فَضلٍ بَل نَظُنكُم كَاذِبِينَ (27) قَالَ يا قَومِ أَرَأَيتُم إِن كُنتُ عَلَى بَينَةٍ من ربي وَءاتَانِي رَحمَةً من عِندِهِ فَعُميَت عَلَيكُم أَنُلزِمُكُمُوهَا وَأَنتُم لَهَا كَارِهُونَ (28) وَيا قَومِ لا أَسأَلُكُم عَلَيهِ مَالاً إِن أَجرِيَ إِلا عَلَى اللهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذِينَ ءامَنُوا إِنهُم ملاَقُو رَبهِم وَلَـكِنى أَرَاكُم قَومًا تَجهَلُونَ (29) وَيا قَومِ مَن يَنصُرُنِى مِنَ اللهِ إِن طَرَدتهُم أَفَلاَ تَذَكرُونَ (30) وَلا أَقُولُ لَكُم عِندِى خَزَائِنُ اللهِ وَلا أَعلَمُ الغَيبَ وَلا أَقُولُ إني مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلذِينَ تَزدَرِي أَعيُنُكُم لَن يُؤتِيَهُمُ اللهُ خَيرًا اللهُ أَعلَمُ بِمَا فِى أَنفُسِهِم إني إِذًا لمِنَ الظالِمِينَ (31) قَالُوا يا نُوحُ قَد جَادَلتَنَا فَأَكثَرتَ جِدَالَنَا فَأتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصادِقِينَ (32) قَالَ إِنمَا يَأتِيكُم بِهِ اللهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعجِزِينَ (33) وَلاَ يَنفَعُكُم نُصحِي إِن أَرَدت أَن أَنصَحَ لَكُم إِن كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَن يُغوِيَكُم هُوَ رَبكُم وَإِلَيهِ تُرجَعُونَ (34) أَم يَقُولُونَ افتَرَاهُ قُل إِنِ افتَرَيتُهُ فَعَلَيَّ إِجرَامِي وَأَنَا بَرِيء مما تُجرَمُونَ (35) وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنهُ لَن يُؤمِنَ مِن قَومِكَ إِلا مَن قَد ءامَنَ فَلاَ تَبتَئِس بِمَا كَانُوا يَفعَلُونَ (36) وَاصنَعِ الفُلكَ بِأَعيُنِنَا وَوَحيِنَا وَلاَ تُخَاطِبنِى فِى الذِينَ ظَلَمُوا إِنهُم مغرَقُونَ (37) وَيَصنَعُ الفُلكَ وَكُلمَا مَر عَلَيهِ مَلأٌ من قَومِهِ سَخِرُوا مِنهُ قَالَ إِن تَسخَرُوا مِنا فَإِنا نَسخَرُ مِنكُم كَمَا تَسخَرُونَ (38) فَسَوفَ تَعلَمُونَ مَن يَأتِيهِ عَذَابٌ يُخزِيهِ وَيَحِل عَلَيهِ عَذَابٌ مقِيمٌ (39) حَتى إِذَا جَاء أَمرُنَا وَفَارَ التنورُ قُلنَا احمِل فِيهَا مِن كُلٍّ زَوجَينِ اثنَينِ وَأَهلَكَ إِلا مَن سَبَقَ عَلَيهِ القَولُ وَمَن ءامَنَ وَمَا ءامَنَ مَعَهُ إِلا قَلِيلٌ (40) وَقَالَ اركَبُوا فِيهَا بِسمِ اللهِ مَجرَاهَا وَمُرسَاهَا إِن ربي لَغَفُورٌ رحِيمٌ (41) وَهِىَ تَجرِى بِهِم فِى مَوجٍ كَالجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابنَهُ وَكَانَ فِى مَعزِلٍ يا بُنَيَّ اركَبَ معَنَا وَلاَ تَكُن معَ الكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِى إِلَى جَبَلٍ يَعصِمُنِي مِنَ المَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ اليَومَ مِن أَمرِ اللهِ إِلا مَن رحِمَ وَحَالَ بَينَهُمَا المَوجُ فَكَانَ مِنَ المُغرَقِينَ (43) وَقِيلَ يا أَرضُ ابلَعِي مَاءكِ وَيا سَمَاء أَقلِعِى وَغِيضَ المَاء وَقُضِىَ الأمرُ وَاستَوَت عَلَى الجُودِي وَقِيلَ بُعدًا للقَومِ الظالِمِينَ (44) وَنَادَى نُوحٌ ربهُ فَقَالَ رَب إِن ابنِي مِن أَهلِى وَإِن وَعدَكَ الحَق وَأَنتَ أَحكَمُ الحاكِمِينَ (45) قَالَ يا نُوحُ إِنهُ لَيسَ مِن أَهلِكَ إِنهُ عَمَلٌ غَيرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسأَلنِ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إني أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَب إِني أَعُوذُ بِكَ أَن أَسأَلَكَ مَا لَيسَ لِى بِهِ عِلمٌ وَإِلا تَغفِر لِي وَتَرحَمنِي أَكُن منَ الخَاسِرِينَ (47) قِيلَ يا نُوحُ اهبِط بِسَلَـمٍ منا وَبَركَاتٍ عَلَيكَ وَعَلَى أُمَمٍ ممن معَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتعُهُم ثُم يَمَسهُم منا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) تِلكَ مِن أَنبَاء الغَيبِ نُوحِيهَا إِلَيكَ مَا كُنتَ تَعلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَومُكَ مِن قَبلِ هَـذَا فَاصبِر إِن العَاقِبَةَ لِلمُتقِينَ (49) ) [ هود : 25 ـ 49 ].

[سحر]

جزاك الله خيرا