العودة   الموقع الرسمي للاعلامي الدكتور عمرو الليثي > الأقسام العامة > القسم الاخباري
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-18-2011, 05:32 PM
احزان القلب احزان القلب غير متواجد حالياً
عضو
 

Arrow كيف تزوّر لتدخل الجنة؟

كيف تزوّر لتدخل الجنة؟


December 18th, 2011 9:41 am
التحريرمقالات
[IMG]http://tahrirnews.com/wp-*******/uploads/cache/-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D9%89-120x158.jpg[/IMG]
زين العابدين خيرى
يكفى أن تذكر مصطلحا مثل «الميكيافيلية» أمام أحد معتنقى الإسلام السياسى -على اختلاف مسمياته «إخوان، سلفيين، جماعة إسلامية… إلخ»- حتى ينتفض مكفّرا نيكولا ميكيافيلى، صاحب فكرة أن ما هو مفيد فهو ضرورى، التى كانت الصورة المبكرة للنفعية والواقعية السياسية، والتى يُعبر عنها اختصارا بأن الغاية تبرر الوسيلة، وأسس لها فى كتابه الشهير «الأمير». وربما يزيد هذا الشخص ليكفّرك أنت شخصيا إذا جادلت كثيرا فى مراجعاتك للمنهج الذى تراه يتبعه هو أو جماعته وقلت إنه يمثل «الميكيافيلية» كما لم يتخيّله ميكيافيلى نفسه.
فى عام 1992 كنت طالبا فى الفرقة الثانية بكلية الإعلام وأحد المدافعين عن تيار الاستقلال الطلابى فى جامعة القاهرة «تمثله أسرة أسسناها فى الكلية اسمها أسرة النيل (1991)»، وكنت ناجحا فى الانتخابات الطلابية للعام الثانى على التوالى فى اللجنة الثقافية. وقبل تأسيس أسرة النيل كانت التيارات الدينية تسيطر على الانتخابات الطلابية بشكل كبير -مع وجود صغير لتيارات أخرى سياسية أبرزها التيار الناصرى- حتى سيطرت مع الوقت أسرة النيل وغيرها من أسر الاستقلال الرافضة التيارين الدينى والرسمى للدولة «ممثلا فى أسر حورس التى أسسها الوريث المسجون جمال مبارك، ولم تجد لها أى أرضية فى كلية الإعلام فى وقتنا». المهم اقتسمت أسرة النيل نتيجة الانتخابات مع أسرة نجوم الإعلام «مممثلة التيار الدينى، وأغلبه من الإخوان المسلمين»، كما فاز بعض المستقلين، الذين دخلوا فى مساومات مع الطرفين لأن أصواتهم ستحدد مَن الذى سيسيطر على لجان اتحاد الطلاب من التيارين.
ودرءا للخلافات وإعلاء للوحدة الطلابية اجتمع الطرفان «الدينى والاستقلالى» واتفقنا على أن نقتسم رئاسة لجان الاتحاد معا، دون أن نضطر إلى إجراء قرعة تُحدد من الذى سيفوز بها، وبالفعل قرأنا الفاتحة معا مباركة لهذا الاتفاق الذى سيحمى الكلية واتحادها من فتنة نحن فى غنى عنها. ومع أول اختبار نقض الطرف الآخر «المفترض أن مرجعيته دينية» اتفاقه معنا، وفى اجتماع انتخاب أمينى أول لجنة وبعد أن تركنا لهم مقعدا، فوجئنا بقائدهم يترشح على مقعد آخر كان من نصيبنا حسب الاتفاق والفاتحة!
وعندها أدركنا الحقيقة المفجعة، وهى أنهم كانوا يخفون حقيقة ما ينوون فعله معنا، وأظهروا لنا عكس ما يبطنون حتى نقع فى الفخ، فنترك لهم مقاعدهم المتفق عليها، ويدخلون هم على المقاعد المتبقية فى قرعة لا بد وأنهم -حسب الحظ والتوفيق- سيحصدون منها أى شىء يضمن لهم السيطرة على مجلس الاتحاد وبالتالى قراراته، وحينها يهتفون مع كل مقعد حصلوا عليه بالغش والتدليس «إسلامية إسلامية.. كل الجامعة إسلامية»!
فى تلك اللحظة كان أول صداماتى الفكرية الحقيقية مع المنتمين إلى هذا التيار، فلا الأخلاق ولا الدين -حسبما تعلمت- يسمح بما فعلوا، حتى قال لى صديق ينتمى إلى تيارهم إنهم يستخدمون فى ذلك «مبدأ التقية»، وهو ما يسمح لهم بالكذب والخديعة دون أى خشية من عقاب إلهى، لأنهم غايتهم هى إعلاء كلمة الدين!
لم أجادل كثيرا قبل أن أبحث وأفهم، فوجدت أن «التقية» كمصطلح دينى تعنى إخفاء معتقد ما خشية الضرر المادى أو المعنوى. وأهل السنة والجماعة والإثنا عشرية متفقون على مسألة «التقية» ولكن الخلاف فى معناها واستخدامها، وأن «التقية» هى الحذر من إظهار ما فى النفس من معتقد وغيره للغير، كما يمكن القول بأن «التقية» عند أهل السنة هى إظهار المسلم بعض الأقوال والأفعال الموافقة لأهل الكفر أو الجارية على سبلهم إذا اضطر المسلم إلى ذلك من أجل اجتناب شرِّهم، مع ثبات القلب على إنكار موافقتهم وبُغضها والسعى لدفع الحاجة إليها. كما يمكن القول بأن «التقية» هى إظهار الكفر وإبطان الإيمان وذلك عند خوف المسلم على نفسه من الكفّار والمشركين.
فى العادة حين أفهم أرتاح، ولكننى فى هذه الحالة بُهتّ وألجمتنى المفاجأة. عن أى كُفّار يتحدّثون؟ وعلى أى دين يتقوّلون؟ هل الكفّار هم نحن، الذين يُصلّون معهم على سجادة الصلاة نفسها فى مساجد ومُصليات الجامعة؟ هل اتحاد الطلاب الذين نتنافس على التطوّع من خلاله لخدمة زملائنا هو الغاية المنشودة التى سيعلون من خلالها كلمة الدين ولو عن طريق وقف جميع الأنشطة الطلابية كما فعلوا لسنوات؟ وهل دفاعنا عن استقلال الكلية واتفاقنا على أن يحتفظ كل منا بتياره السياسى المؤمن به بعيدا عن الأنشطة الطلابية التقليدية كالرحلات والمسابقات الثقافية والفنية والدينية والرياضية وغيرها كفر يستحق رفع مبدأ «التقية» فى وجهه؟
بحثت عن إجابات تُرضينى وتُقنع عقلى فلم أجد، ولكننى أصبحت بعدها أكثر قدرة على امتصاص المفاجآت، وأقل قدرة على الاندهاش، فمن ينتهج مبدأ «التقية» الذى حافظ به المسلمون الأوائل على إيمانهم ودينهم من بطش الكفار الحقيقيين فى وقت كان الإسلام والمسلمون فيه مستضعفين، سيفعل أى شىء بعد ذلك وسيتخذ المبدأ نفسه ذريعة فى مقابل كل ما ومن يخالفه الرأى والرؤية، فما الفارق إذن بين من ينتمون إلى تلك التيارات التى تتخذ من الدين مرجعا، وبين هؤلاء السياسيين المؤمنين بالميكيافيلية والنفعية والبراجماتية وغيرها من مصطلحات الفلاسفة الغربيين التى يراها هؤلاء المتأسلمون كفرا؟
اتخذت بذلك حصانة مبكرة، وقبل أن أمد يدى فى يد أحدهم للاتفاق على شىء ما -أيا كان هذا الشىء- يجب أن أكون واثقا فيه أولا كصديق أو شريك لا قيمة للتيار الذى يمثله عندى، ولا أضع اعتبارا إلا لمعرفتى الشخصية به لأحكم عليه إن كان صادقا أو خائنا.
فلا يتعجب أحد إذن من الطريقة التى فاز التيار الإسلامى من خلالها ببعض -وليس الكل بالتأكيد- مقاعد مجلس الشعب عن طريق مخالفات صريحة لقوانين الدعاية الانتخابية، أو بتزوير فاضح عن طريق تصويت جماعى، أو تصويت لمنتقبات أكثر من مرة لمرشحى هذا التيار أو ذاك، أو غير ذلك من طرق تـأباها الأخلاق والأديان -جميع الأديان- والقوانين المنظمة للعملية الانتخابية. ولو فعل أى شخص ينتمى إلى أى تيار آخر الفعل نفسه فلا حُكم عليه سوى أنه شخص غير محترم ومخالف للقانون ويجب أن يُعاقب بعيدا عن تصوراتنا الدينية والأخلاقية التى يجب أن تخرج من أى حسابات، ما دمنا لعبنا لعبة تعتمد على قواعد وقوانين.
وما دام ارتضى أصحاب المرجعية الدينية أن يشاركوا فى هذه العملية السياسية فلا حرج علينا إذن أن نسميهم ميكيافيليين حين يستخدمون أساليب وقواعد النفعية السياسية، ولا فارق إن سموها هم «تقية» -وهى براء مما يفعلون- أو سموها…!


التحرير



التوقيع:
لا تفكر فى الامر كثيرا بل دع الامر لمن بيدة الامر
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع