أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 06-26-2010, 02:00 AM
صلاح ابوشنب صلاح ابوشنب غير متواجد حالياً
عضو
 


افتراضي الجنــــــــدى

الجُنـــــــــــــدى

من نوافذ القطار التى تنهب رتابة نواقيس عجلاته حقول الارض الخضار ، تترائى لى التبة والدشمه وانا اخترق عمق الصحارى وكثبان الرمال ، تتراقص أمامى الاشباح ويتوارى من خلفى العمار. التحق بالخدمة العسكرية فور تخرجه ، لا يدرى متى تسريحه كباقى الشباب ، الظروف قاسية والكل بعد النكسه ينتظر لحظة الأخذ بالثأ ر واستعادة الكرامة ، لم يكن السؤال عن متى يتم التسريح ؟ وانما كان متى نخوض الحرب ، جاء فى اجازته الشهرية يطرق باب مكتب صديقه ، جلس شاردا يفكر فيما تخبئه الأيام ، كان معتزا بنفسه وزادته الجنديه حزما . فى تلك العجالة كان يتذكرمع صديقه أصدقاء سبقوا الى سيناء قبل سنوات ولم يعودوا ، ويتذكر الذين عادوا جسدا بلا عقل ، ومنهم ساعى مكتبه الذى عاد مخبولا من هول المشاهد التى رأتها عيناه ، عندما قتلوا زملائه تحت جنازير الدبابات وحصد وا رؤسهم كما تحصد المناجل سنابل القمح ، كانت الدموع تتساقط من تلقاء نفسها مثلما تساقطت دماء الشهداء فوق رمال سيناء حارة غزيرة ، ومازالت تنادى وتنادى وتنادى . كانت تجلس تراقب الحديث دون أن يعنيها منه شىء ، فقد كان الزواج هو همها الأول ، خطبت اكثر من مرة وكانت خطوبتها تفشل فى اللحظات الاخيرة لأتفه الاسباب ، كل شىء لديها جاهزا لا ينقصه سوى العريس ، قطار العمر يسرع وتخشى ألا تلحقه ، كانت ترمقه بنظراتها خفية حين كان يزور صديقه ،ويتجاهلها مشيحا بوجهه ، فما زالت به حتى فازت . نزهه قصيرة ، وفى كافتيريا بوسط البلد ، جلست تحدثه عن الحب والغرام فحادثها عن الحرب وضرورة الانتصار ، حدثته عن الأحبه ، أخبرها عن تربص الأعداء ، تأففت .. عبست ، قساوة قلب يحملها ، لماذا تحمل هذه النظرة السوداوية ؟ حملق فيها ، تحسس خاصرته والسلسلة التى فى عنقه فأراد اسدال الستار على المسرحية الهزلية فى رأسها ، قال: هل انتهيت من تناول قطعة الجاتوه ؟ قالت : ولم أنت فى عجلة ؟ قال : لأن الرجل فى مكتبه وحده والعمل كثير . أحمر وجهها وقالت : مازال هناك متسع من الوقت . قال : ومن يدفع ثمن الوقت ؟
قالت : لا أفهك . قال : أمامك وقت طويل حتى تفهمين، تركت قطعة الجاتوه ، وافترقا . قالت وهى منصرفه : الجيش جعل قلبك كالحجر..
اجاب : ومن الحجارة ما يتفجر منه الماء .. افترش قلبى الرمال والتحف السماء وتوسد الحجر كى تعيشى انت فى راحة وأمان . قالت : أوليس فى قلبك مكان للحب ؟ قال بل الحب كل الحب .. قالت : ولكننى لا أرى فيك سوى العبوس .. قال : ذلك لأنك تنظرين الى أسفل قدميك .. قالت : وانت الى ماذا تنظر ؟ قال :الى القطار المتجه صوب رفقاء السلاح هناك..فى الظلام الدامس اتحسس مسدسى والكلاشنكوف .
قالت : ألهذا اراك شاردأ ، مليئة عيناك بالحزن ؟
قال : أنا فى المدينة جسد بلا روح ، وجندى بلا سلاح .
قالت : وأين بواقيك ؟
قال : قدمى فوق الربوة ، وعينى على الزيتونه وقلبى مع الرفقاء وروحى طوافه فوق رمال سيناء .

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجنــــــــدى


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع