العودة   الموقع الرسمي للاعلامي الدكتور عمرو الليثي > الأقسام العامة > القسم الاخباري
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-25-2012, 08:30 AM
محمد زنادة محمد زنادة غير متواجد حالياً
مشرف عام
 

Post "المصرى اليوم" «مزلقانات الموت».. سلسلة حديد.. وسيمافور معطل.. وحوادث لا تنتهي (تحقيق)

«مزلقانات الموت».. سلسلة حديد.. وسيمافور معطل.. وحوادث لا تنتهي (تحقيق)





عقارب الساعة تقترب من الخامسة مساء، يحمل حقيبته الثقيلة فوق كتفيه، يندفع من ميكروباص متهالك، ينظر يمينه ويساره ليعبر شارع السودان المكتظ بالسيارات، يتوارى جسده الضئيل للحظات خلف أتوبيس نقل عام، يسمع أجراس «السيمافور» تعلن عن قدوم قطار، ينتظر دقائق وسط المئات من المارة، يمر قطار البضائع، يتقدم لعبور القضبان، تسارعت دقات قلبه، قطار ركاب على بعد أمتار منه، يدفعه رجل فى السبعين من العمر لينقذه من موت محقق، أحمد فاروق ابن التسعة أعوام، تلميذ بالصف الثانى الابتدائى بمدرسة السيدة خديجة الابتدائية، يسكن فى شارع ترعة الزمر فى منطقة أرض اللواء فى محافظة الجيزة، اعتاد يومياً رحلة الموت، يعبر المزلقان ذهاباً وإياباً، حوادث التصادم تقع من وقت لآخر.

وجه اعتاد «أحمد» أن يلقاه، ذاك الشخص الذى اعتاد الوقوف يومياً، بين عشرات السيارات والمئات من المارة، بزيه البسيط ذى اللون الفسفورى، الذى تبرز منه شارة واضحة كتب عليها «سكك حديد مصر»، يضع السلسلة الحديدية عند قدوم القطارات، ويتدخل أحياناً كثيرة لتنظيم السيارات العابرة للمزلقان، من خلال صافرة لا تغادر فمه، إنه عامل المزلقان، المهدد بأن يصبح متهماً إذا وقع حادث قطار.

حول المزلقان تفرض العشوائية والزحام الشديد سيطرتهما، ما يزيد من صعوبة تحكم العامل فى حركة المارة والسيارات معاً، بالإضافة إلى قرب المزلقان من موقف ميكروباصات، ما يؤدى إلى وقوع العشرات من الحوادث، خاصة أن أغلب المارة لا يلتزم بالوقوف عند سماع أجراس السيمافور، التى تسبق قدوم القطار بدقائق معدودة.

ساعات عمله التى تتعدى 12 ساعة لم تشفع له عند رؤسائه، من توفير استراحة نظيفة له تلائم طبيعة عمله الصعبة، فى مراقبة القطارات القادمة من محطة مصر، متجهة إلى محافظات الصعيد أو العكس، عم إبراهيم محمد إبراهيم «45 عاماً»، خفير المزلقان فى محافظة الجيزة المسؤول عن حياة المئات من أرواح المواطنين يجلس فى كشك صغير يقع على رأس المزلقان، مكون من حجرتين لا تزيد مساحتهما على المترين يقضى فيهما ساعات عمله فى شمس النهار المحرقة، وبرودة الشتاء القارسة، تتوسطهما مصطبة يتكئ عليها فى الفترة ما بين عبور القطارات، داخل الحجرتين مجموعة من الدواليب الصغيرة، التى يحرص على إغلاقها بقفل محكم لأنه يضع بها عهدة المحطة من مفاتيح صناديق الكهرباء التابعة للمزلقان إلى جانب ملابسه الشتوية، كذلك تحتوى الحجرة على موقد صغير لعمل الشاى والقهوة، أما الحجرة الأخرى فلا يوجد بها سوى صندوق من الحديد معلق على الحائط بداخله تليفون من المفترض أن يكون دوره الاتصال بمرؤوسيه عند حدوث عارض بالسكة، أو فى حالة تأخر القطار، إلا أنه غالباً ما يكون معطلاً.

يحكى عم «إبراهيم» عن صعوبة عمله قائلاً: «يعد مزلقان أرض اللواء من أكثر المزلقانات خطورة، لأنه يوجد وسط منطقة سكنية يقطنها الآلاف من السكان، ويضطر مئات الموظفين والطلاب إلى عبوره يومياً بجانب الباعة الجائلين الذين يفترشون الأرصفة المحيطة، وهو المنفذ الوحيد لسكان أرض اللواء والبراجيل إلى منطقة المهندسين، الأمر الذى يزيد من صعوبة إتمام عملى فى منع السيارات والمارة من العبور لحظة مرور القطارات».

يضيف: «أحلم بتطوير مزلقانات السكة الحديد من خلال تزويدها بالإشارات الإلكترونية والاستغناء عن السلسلة الحديدية، وذلك ليس بهدف راحتى فقط، وإنما للحد من الحوادث التى تقع بشكل يومى، لأن السلسلة الحديدية تمنع مرور السيارات فقط، فيما لا تمنع أصحاب الدراجات البخارية من العبور، كذلك لا تمنع قفز المواطنين، خاصة الطلبة والأطفال، وهو ما يعرضهم للموت تحت عجلات القطارات».

«من أكثر الأمور صعوبة أن تعامل مثل (الماكينة) وليس كونك بشراً من لحم ودم»، بهذه الكلمات عبر أحمد فتحى، أحد عمال المزلقانات، عن طريق تعامل الهيئة مع عمال المزلقانات، وقال: «من المرفوض أن يخطئ عامل المزلقان، فهو المسؤول عن سلامة مرور القطار والحفاظ على أرواح البشر، وتسيير حركات السيارات المارة وحده بمساعدة سلسلة حديدية تآكلت على معظم الخطوط و«صفارة» لا تغادر فمى منذ لحظة إعلان إطلاق السيمافور وحتى مغادرته المزلقان، وجميع تلك الأعمال مقابل 300 جنيه، فى الوقت الذى يتقاضى فيه المسؤولون بالهيئة آلاف الجنيهات نظير جلوسهم فى مكاتب مكيفة، وفى حالة حدوث أى حادث يكون المتهم الأول عامل المزلقان الذى يقع على عاتقه مهام صعبة دون أى تجهيزات فنية مناسبة».

واندهش «فتحى» عند اطلاعه على المستندات التى حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منها، تثبت فيها إنفاق الهيئة ما يقرب من 6 ملايين جنيه على تطوير المزلقانات، مؤكداً أن الهيئة لم تنفق مليماً واحداً عليها، والسلسلة الحديدية خير دليل على كذب المسؤولين.

توجهت «المصرى اليوم» إلى مزلقان ثان تابع للمنطقة المركزية الذى تقول المستندات إنه تم تطويره لكن على أرض الواقع لم يتغير شىء فإذا كنت من سكان منطقة الشرابية، فأنت على موعد مع مزلقان «الخليفة»، أحد أهم المزلقانات فى محافظة القاهرة، ذلك المزلقان الذى يمر عليه قطارات الركاب كل 10 دقائق تقريبا، ويشهد اختناقاً مرورياً شبه دائم حيث تتكدس السيارات الملاكى مع الأجرة وسائقى التوك توك والمارة من الموظفين وطلبة المدارس والجامعات، وعلى بعد عدة أمتار من مزلقان الخليفة تقع مدرسة «الفرز» الإعدادية التى تضم عشرات المئات من تلاميذ من حى الشرابية.

«طالبنا مئات المرات بإقامة كوبرى للمشاة بديلاً عن المرور من خلال مزلقان الخليفة للحد من حوادث القطارات التى تحدث بشكل دورى، إلا أنه لا حياة فيمن تنادى»، هكذا قال أحمد رأفت، أحد أهالى منطقة الشرابية، وأضاف: «يعد مزلقان المنطقة كابوسا لأهالى الشرابية، لأن عامل المزلقان وحده لا يستطيع السيطرة على عشرات السيارات ومئات الأهالى».

«مزلقان الموت».. هكذا أطلق أهالى منطقة العياط بمحافظة 6 أكتوبر على «مزلقان العياط»، بسبب كثرة الحوادث التى يشهدها، زيارة واحدة كفيلة بأن تعرف أسباب وقوع الحوادث على ذلك المزلقان خاصة فى الفترة الأخيرة، وأشهرها كارثة شهر أكتوبر عام 2009، التى أسفرت عن مصرع 18 شخصاً، وإصابة 33 آخرين، الأمر الذى أطاح بالمهندس محمد لطفى منصور، وزير النقل الأسبق.

فى هذا المزلقان تتعطل معظم الإشارات الضوئية والكهربائية والسيمافورات، وهو ما يساعد على وقوع العديد من الحوادث بالمنطقة حيث لا يكاد يمر أسبوع إلا ويقع حادث قطار بالمنطقة من بداية العياط وحتى نهاية حدودها مع محافظة بنى سويف، ما جعل الأهالى يعيشون فى حالة من الترقب والقلق خشية وقوع حادث قطار فى أى لحظة.

انتقد محمود زكى، أحد الأهالى، عدم تطوير مزلقان العياط على الرغم من وقوع عشرات الحوادث عليه قائلاً: «يترك عامل المزلقان عمله لساعات طويلة، فى الوقت الذى لا تعمل فيه أجراس الإنذار لتنبه المارة بقدوم القطار، حتى أصبحت العياط منطقة خصبة للحوادث، لذلك أطلق أهالى المنطقة عليها مزلقان الموت».

عدم تطوير المزلقانات لا يعتبر كابوسا فى حياة عامل المزلقان وحده باعتباره المسؤول عن مرور القطارات، بينما يشكل هما لسائق القطار، المتهم الثانى فى الحوادث فالسائق علاء عبدالفتاح لا ينسى اليوم الذى شاء فيه القدر أن يدهس طفلا، لم يتجاوز عمره السادسة، أثناء عبوره مزلقان «أبوخليفة» بمفرده قبل ثلاثة أعوام كانت الحادثة ليلة عيد الأضحى. ويقول عبدالفتاح «تعد مزلقانات السكة الحديد السبب الرئيسى وراء حوادث القطارات والهيئة تقف محلك سر، وسمعنا وعودا من وزراء النقل بتطوير المزلقانات للحد من الحوادث إلا أنها مجرد وعود فى الهواء فقط لتهدئة الرأى العام ولا تنفذ».

«الإهمال فى تطوير المزلقانات بإشارات إلكترونية لا يدفع ثمنه حياة الركاب فقط، بل حياة سائق القطار ومساعديه» هكذا يرى جمال نصر، سائق قطار بضائع وقال: «ندفع حياتنا ثمنا لإهمال السكة الحديد، فعلى شريط مزلقانات السكة الحديد سالت دماء زملائنا وأغفلتها الهيئة حتى لا يغضب قطاع السائقين ويضربوا عن العمل، واكتفت بتعويض أسرهم بمبلغ زهيد لا يعوضهم غياب أبنائهم ومنهم عصام عبدالمجيد، الذى لقى مصرعه عند مزلقان مزغونة عندما اصطدم القطار الذى كان يستقله بسيارة نقل اخترقت حاجز المزلقان، وزميلنا عيد محمد إبراهيم الذى توفى ليلة عيد الأضحى الماضى، وغيرهم ممن أهدرت الهيئة حقوقهم».

وأشار «نصر» إلى تعطل معظم «السيمافورات» التى تشير إلى اقتراب القطار من شريط المزلقان، وتعطل الأبراج فى العديد من المناطق، إلى جانب الظلام الحالك أمام شريط المزلقان الذى يدفع الأهالى والسيارات إلى عبور المزلقان دون علم بمرور القطار فى هذه اللحظة.

مستندات رسمية: «الهيئة» أنفقت 5.5 مليون جنيه على تطوير 1725 مزلقاناً.. وعمال: أين الإشارات الإلكترونية؟

كشفت مستندات رسمية عن أن الهيئة العامة لسكك حديد مصر، صرفت 5 ملايين و667 ألف جنيه، تحت بند تطوير 1725 مزلقانا فى المناطق المركزية، والصعيد وغرب الدلتا، فيما قال عمال المزلقانات إنها مازالت على حالها وإن التطوير مجرد وهم.

وتضمنت المستندات، التى حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منها، أذونات صرف تفيد باستحقاق شركة النيل العامة لإنشاء الطرق، الحصول على مليون و232 ألف جنيه عن عملية تطوير المزلقانات بالمنطقة الوسطى بالصعيد بعدد 345 مزلقاناً كمرحلة أولى، وصرف 554 ألفا و587 جنيهاً لشركة النيل العامة للطرق الصحراوية قيمة عملية تطوير مزلقانات الهيئة بشمال الصعيد، وذلك خلال الفترة من 15 ديسمبر الماضى حتى الأول من إبريل الماضى بواقع 345 مزلقاناً كمرحلة أولى.

وحصلت شركة النيل العامة للإنشاء والرصف على 954 ألف جنيه قيمة تطوير المزلقانات بغرب الدلتا، فى الفترة من فبراير حتى مايو الماضيين، وحصلت أيضا شركة النيل لإنشاء الطرق على مليون و551 ألف جنيه عن عملية تنفيذ وتطوير المزلقانات بالمنطقة الجنوبية بواقع 345 مزلقانا كمرحلة أولى بداية من شهر يناير وحتى 18 إبريل من العام الجارى، وكذلك صرف مليون و375 ألف جنيه للنيل للطرق الصحراوية عن عملية تطوير 345 مزلقانا فى المنطقة المركزية فى الفترة من شهر سبتمبر وحتى ديسمبر من العام الماضى.

وأجرت «المصرى اليوم» جولة فى عدد من المزلقانات بالمنطقة الوسطى والشمالية والمركزية، وتحدثت إلى عمال المزلقانات القائمين عليها، الذين قالوا إنه لم تحدث أى عمليات تطوير، ومازالت تعمل بالسلاسل الحديدية ولم تزود بالإشارات الإلكترونية كما أعلن المسؤولون مراراً.

















المصدر:
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المصري اليوم


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع