مبارك: تدخلت شخصياً لمنع اقتحام غزة

[اسامه فؤاد]

مبارك: تدخلت شخصياً لمنع اقتحام غزة

كشف الرئيس حسنى مبارك عن تدخله الشخصى لمنع قيام إرائيل شارون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق باقتحام غزة، من خلال رسالة عاجلة بعث بها إليه منتصف الليل، يبلغه فيها بخطورة القيام بتلك الخطوة، وينصحه بعدم الإقدام عليها.

وقال مبارك ، على هامش زيارته اليوم فى محافظة كفر الشيخ ،إن مصر حاربت من أجل فلسطين، وقدمت نحو 120 ألف شهيد من أبنائها، وهى أكبر دولة تضحى من أجل القضية الفلسطينية، مؤكدا أن الانقسام الحالى فى الصف الفلسطينى، لا يخدم سوى إسرائيل، وأن تأخير المصالحة بين أبناء الشعب الفلسطينى سيؤدى إلى تأخير حل القضية وزيادة المستوطنات، وتفاقم معاناة الشعب الفلسطينى، سواء فى الضفة الغربية أو قطاع غزة. كما أكد الرئيس مبارك أن مصر لا تفرض شيئا على أحد، وأن الفلسطينيين هم الذين صاغوا ورقة المصالحة، وأن ما يتردد عن أن مصر أدخلت تغييرات على ما اتفقت عليه فتح وحماس هو كذب فى كذب، وأنهم وافقوا جميعا على ما جاء فى هذه الورقة، وتمت الموافقة على مطلب حماس بإرجاء موعد الانتخابات من يناير إلى يونيو القادم.

وقال الرئيس مبارك إن مصر تعمل من أجل القضية الفلسطينية، رغم كل الإساءات التى توجه إليها من قبل البعض.. مشيرا إلى أن مصر مستمرة فى أداء واجبها ومسئولياته تجاه عملية السلام من أجل استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى. وأضاف أن مصر قدمت بعض المقترحات لاستئناف المفاوضات، وأن مصر أرسلت وفدا إلى واشنطن بتلك المقترحات، حيث تدرسها الإدارة الأمريكية حاليا، وشدد على أن السلام يحتاج إلى صبر ومثابرة لأن البديل هو الحرب.

وأكد الرئيس مبارك أن مصر تساعد بالطرق السلمية، لأنه "كفانا حروبا وخسائر مادية"، مشيرا إلى أنه لولا الحروب التى خاضتها مصر لكانت الآن من أكبر الدول المتقدمة فى المنطقة، وقال إن مصر استعادت أرضها بالكامل، وخضنا طريق السلام، ونساعد على إقراره، وإنه لن يتمكن أحد من استفزاز مصر للدخول فى حرب جديدة، ولكنها ستخوض فقط هذه الحرب فى حالة الاعتداء على أراضيها، فالأرض هى العرض.

وحول مشكلة الأنفاق على الحدود مع قطاع غزة، قال الرئيس حسنى مبارك إن تلك الأنفاق تلحق بمصر أضرارا بالغة على أكثر من مستوى من أهمها المستوى الأمنى، حيث كانت سببا فى تفجيرات شرم الشيخ وطابا، بالإضافة إلى خطورة عمليات التهريب، وتهريب الأسلحة.

وأضاف أن تلك الأنفاق قد تحولت إلى مصدر للتجارة من الجانب الفلسطينى، وما يهمنا نحن فى مصر هو أننا نفتح معبر رفح لدخول الأفراد، فيما تصل المساعدات والاحتياجات الأخرى عبر معابر أخرى، والهدف فى النهاية تلبية احتياجات الشعب الفلسطينى، مشيرا إلى أننا لا يمكن أن نمنع دخول شىء من الاحتياجات اليومية للشعب الفلسطينى من غذاء ودواء.

وتساءل الرئيس مبارك لماذا يوجه اللوم إلى مصر التى تقوم بكل ذلك فى الوقت الذى لا يجرؤ أحد على الذهاب إلى المعابر الستة الأخرى بين غزة والضفة الغربية والتى تسيطر عليها إسرائيل. وأعرب الرئيس مبارك عن حزنه من التجاوزات التى صدرت عن بعض الفلسطينيين فى غزة على الحدود مع مصر، وأشار إلى أنه حزن كثيرا على الجندى المصرى أحمد شعبان الذى استشهد مؤخرا

وحول العلاقات مع إيران، قال الرئيس مبارك إن مصر ليس لديها أى مشكلة فى إقامة علاقات مع كل الدول، بما فيها إيران، مشيرا إلى أنه التقى فى الآونة الأخيرة مع رئيس مجلس الشورى الإيرانى، وقبله مع وزير الخارجية، وأكد أنه طلب منها حل المشاكل الأمنية المعلقة بين البلدين أولا لاستعادة العلاقات، معربا عن حرص مصر على إقامة علاقات طيبة مع كل دول العالم.

وأدار الرئيس حسنى مبارك حوارا مفتوحا مع القيادات الجماهيرية والشعبية والسياسية بمحافظة كفر الشيخ، ورجال الدين الإسلامى والمسيحى الذين شاركوا فى اللقاء، وتصدرت قضايا المزارعين والفلاحين أولوية خلال الحوار الذى شهده عدد كبير من ممثلى الفلاحين، وبحضور رئيس الوزراء وعدد من الوزراء المعنيين.

وقد أعرب ممثلو الفلاحين عن تقديرهم البالغ لمبادرة الرئيس مبارك بإسقاط الديون عن صغار الفلاحين المتعثرين والتى بلغت قيمتها 500 مليون جنيه، استفاد من تلك المبادرة 450 ألف مزارع، ممن تقل مديونيتهم عن 40 ألف جنيه. وطلب الرئيس مبارك من أمين أباظة وزير الزراعة التعقيب، فأشار الوزير إلى أن هناك أساليب أخرى سيتم إتباعها لعلاج التعثر بالنسبة للمزارعين المتعثرين أصحاب المديونيات الكبيرة، مؤكدا أن الحكومة ستواصل التعاون معهم للوفاء بما عليهم من التزامات، لكنه أكد فى الوقت ذاته على ضرورة أن يلتزم المزارعون باستخدام القروض فى الأغراض المخصصة لها.

وطالب أحد المزارعين بأن يتم السماح بتصدير منتجاتهم من الأرز أثناء موسم الحصاد، لمصلحة المزارع الصغير، فقال الرئيس مبارك إننا عندما اتخذنا قرارا بوقف تصدير الأرز للحيلولة دون ارتفاع سعره، فقد اتخذناه لصالح المواطن الفقير، الذى يعتمد على الأرز بشكل أساسى.

وأوضح وزير الزراعة أنه يتم الآن العمل بنظام تصدير كمية من الأرز بشكل شهرى، وليس فقط فى وقت محدد، وهو ما سيسهم فى تحقيق سعر عادل وثابت على مدى العام.

كما أثار أحد المزارعين مشكلة نقص مياه الرى بمحافظة كفر الشيخ، فعقب وزير الرى د.محمد نصر علام قائلا إنه لأول مرة هذا العام يمر الصيف بدون الشكاوى من نقص المياه، وأن الوزارة تتلقى أى شكوى من المزارعين عبر خط ساخن، وأبدى استعداد الوزارة لإصدار تراخيص لإقامة آبار لمزارع الأسماك.

وعند إثارة أحد المزارعين لمشاكل مصرف "كتشنر" فى كفر الشيخ الذى يعانى من التلوث، بسبب الصرف الصحى والصناعى، قال الرئيس مبارك إذا كان هناك بالفعل صرف صناعى أو صحى فى هذا المصرف، فأنا معكم فى رأيكم.

ومن جانبه، أوضح وزير الإسكان أحمد المغربى أن هناك 200 مليون جنيه مرصودة بالفعل لعمل محطات لتنقية الملوثات، وهناك تعليمات من الحكومة لتنفيذ ذلك، وأن العمل قد بدأ بالفعل فى هذا الخصوص.

وأكد الرئيس حسنى مبارك أننا كلنا شعب واحد، لا نتعصب، فكلنا أبناء هذه الأرض، ولا فرق بين مسلم ومسيحى أو حتى يهودى مصرى، وأن الجميع هم نبت هذا الوطن، ولدوا فيه، وعملوا من أجله

وطالب الرئيس مبارك جميع المصريين بالتماسك كأبناء وطن واحد، حتى لا يعطوا أية ذريعة لكل من يحاول الوقيعة فيما بينهم، معربا عن رفضه لإثارة أية نعرات طائفية أو تعصب، خاصة وأن البعض فى الخارج يحاول زيادة الهوة بين المسلمين والمسيحيين.

وأكد الرئيس مبارك اهتمامه بتحسين معيشة المواطن المصرى، وتوفير كافة الخدمات والمرافق بكافة القرى والمحافظات، مشيرا إلى أنه تم توفير 10 مليارات جنيه كاعتماد إضافى فى الميزانية لتحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحى فى المحافظات.

ونوّه إلى أن العام المقبل سيشهد توفير مياه الشرب وخدمات الصرف الصحى لكل المدن.. موضحا أنه عندما تولى المسئولية عام 1981، كانت 90% من المدن والقرى بلا خدمات للصرف الصحى، كما كانت تعانى من مشكلات فى خدمات مياه الشرب.. مشددا على أن صعيد مصر حظى بأولوية خاصة من الاهتمام بمشروعات مياه الشرب والصرف الصحى، بعدما عانى طويلا من التجاهل.

وتطرق الرئيس مبارك إلى مخاوف البعض بشأن حصة مصر من مياه النيل، مؤكدا أن علاقات مصر بدول حوض النيل قوية جدا، وأنه شخصيا يحرص على استمرار اللقاءات والاتصالات مع قادة هذه الدول، والدخول فى مشروعات مع دولهم تحقق المصلحة المشتركة لشعوب تلك الدول.

وشدد الرئيس مبارك على أن العلاقات الطيبة والصداقات العميقة التى تربطه مع قادة دول حوض النيل تسهم بشكل إيجابى فى دعم علاقات التعاون الوثيق مع دول حوض النيل.

وأكد الرئيس مبارك كذلك أن علاقات مصر بجميع دول العالم، وبخاصة الدول العربية علاقات طيبة، وأنه يتغاضى عن بعض التجاوزات من جانب البعض، وذلك "لأننى أنظر إلى الهدف الأكبر وهو مصلحة المواطن المصرى".

وخلال اللقاء الجماهيرى، حرص الرئيس حسنى مبارك على الاستماع إلى مداخلة من القمص بطرس بطرس وكيل عام مطرانية كفر الشيخ ودمياط، الذى أكد فى كلمته على أن المسلمين والمسيحيين شعب واحد فى سفينة واحدة يقودها ربان ماهر وحكيم وعادل، مشيرا إلى أن الجميع يعيش فى عشرة طيبة.

ووجه الشكر إلى الرئيس مبارك على دعمه الواضح لروح المواطنة.. معربا عن أمله فى أن يواصل الرئيس مبارك مسيرة العطاء، وقيادة سفينة مصر بما عهد فيه من حكمة واقتدار.

وقد حرص الرئيس مبارك عقب ختام اللقاء الجماهيرى على مقابلة ومصافحة رجال الدين الإسلامى والمسيحى الذين حضروا اللقاء.

حضر اللقاء الجماهيرى كل من رئيس مجلس الوزراء ووزراء الدفاع والإعلام والإسكان والزراعة والصحة والتنمية المحلية والرى ومحافظ كفر الشيخ، ود.زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية، والسيد جمال مبارك الأمين العام المساعد للحزب الوطنى أمين السياسات، جنبا إلى جنب مع القيادات التنفيذية والشعبية بالمحافظة.

كان الرئيس مبارك قد استهل جولته صباح اليوم بمحافظة كفر الشيخ بافتتاح ميناء الصيد بالبرلس، حيث أزاح الرئيس مبارك الستار عن اللوحة التذكارية الخاصة بالميناء، واستمع الرئيس إلى شرح من المهندس أحمد المغربى وزير الإسكان والمرافق، حيث أكد أن الميناء يستهدف زيادة الطاقة الإنتاجية لصيد الأسماك لأكثر من 20 ألف طن سنويا، بالإضافة إلى تقليل معدل الفاقد نتيجة سوء التفريغ والتخزين، وكذلك يستهدف الميناء تنظيم حركة سفن الصيد، وإقامة مشروعات تكميلية، من خلال إقامة ورش لإصلاح السفن، وتصنيع وتعليب الأسماك، إضافة إلى إقامة مصنع للثلج.

وأوضح المغربى أن تكلفة إنشاء الميناء الذى تصل مساحته إلى 75 فدانا، تبلغ 50 مليون جنيه، ويخدم أكثر من 500 مركب صيد وهو رقم كبير بالنسبة لعدد السفن العاملة بالمنطقة، وقد بدأ تنفيذ المشروع عام 2001 من خلال شركة الكراكات المصرية.

وأشار وزير الإسكان إلى أن ميناء الصيد بالبرلس تضمن إنشاء عدد من الأعمال البحرية، من بينها إقامة حاجز أمواج بطول 630 مترا، وحائط بحرى بطول 118 مترا، إضافة إلى إنشاء 6 أرصفة بطول 1290 مترا، فضلا عن عدة أعمال إنشائية أخرى لحماية قرية البرلس من الامواج بطول 330 مترا ..مؤكدا ان تلك الاعمال تؤمن منطقة برج البرلس من اية مخاوف من إرتفاع مستوى الأمواج نتيجة ظاهرة الاحتباس الحرارى فى المستقبل.

كما تضمنت المنشآت الخدمية والإدارية بالميناء إقامة 3 ثلاجات سعة 15 طنا، ومظلة لعرض وبيع الأسماك بمساحة 400 متر، وكذلك إنشاء شبكة تغذية للسفن بالوقود، ومبانى لإدارة الميناء وحرس الحدود، والمولدات، بالإضافة الى إقامة مسجد لخدمة رواد الميناء.

وأضاف المغربى أنه تطبيقا لمبدأ اللامركزية تم تشكيل أول مجلس إدارة للميناء برئاسة السكرتير العام المساعد للمحافظة، ويضم المجلس فى عضويته ممثلى عدد من الجهات الحكومية والشعبية من بينهم رئيس مدينة بلطيم، وشيخ الصيادين بقرية برج البرلس، ورئيس جمعية صيادى المراكب الآلية ببرج البرلس، ورئيس الوحدة المحلية بقرية برج البرلس.. وتتولى هيئة الثروة السمكية بالتنسيق مع جمعية الصيادين ومجلس إدارة الميناء تسويق حصيلة الأسماك التى يتم صيدها.

وأشار الوزير إلى أن هذا الأسلوب الجديد يحقق النفع للمحافظة، وللصيادين أنفسهم.. كما أنه قابل للتطبيق فى عدد من موانئ الصيد الأخرى

أخبار عالمنا