إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-26-2010, 01:55 AM
صلاح ابوشنب صلاح ابوشنب غير متواجد حالياً
عضو
 


افتراضي كلب الست حفيظة وعريس بعد التسعين

كلب الست حفيظة وعــريس
بعـــد التسعيــــــــن
من مجموعة حكايات اسكندرانية لصلاح ابوشنب
تهامس النسوة فى العمارة والشباب فى أزقة الحارة حول نية جارهم الحاج الزواج مرة أخرى ، وهم بين مصدق ومكذب . جاء بعد أن تعدى التسعين من عمره يتأبط ذراع زوجته الجديدة ويصعد بها الى الطابق السادس من العمارة على قدميه ، فاق الشباب بطربوشة الاحمر اللامع ، سمينة جدا تلك الزوجة ذات العينين الواسعتين المكتحلتين ، بينما هو نحيف ، ابيض الوجه أزرق العينين طويل القامه . اشترطت عليه قبل العقد أن يعيش ابنها الوحيد معهما ، فقبل ، سريعا ما نشبت الخلافات بسبب الولد ، الذى كانت امه مهتمه به اكثر من اهتمامها بالزوج الجديد فأصبح لا يطيق وجوده . ذهب الابن ليعيش مع جدته لامه ، تلك العجوزا التى انحنى ظهرها ، كانت تحبه حبا جما . بكت الأم على فراق وحيد ها وضنت على زوجها الجديد بما يريد ، ويوما بعد يوم اصبحت حياتهما صياح يسمعه الجيران فى كل مساء وصباح ، حتى تمنى كل منهما الموت لشريك حياته ، كانت تعيره لأن عينيه زرقاوتين ، فتقول له : يانبته فرنسى ، ولكونها من سكان بحرى ، فكان يحلو له ان يعيرها بقوله يا ماء مالح ووجه كالح وكلام جارح ، فترد : يا من ليس لك ونيس ولا وريث غدا ترحل وينتهى الحديث ، فيقول : ما كان للعيد الكبير أن يأتى قبل الصغير ، ولا قبل الملك الأمير ! كم غسّلت وكفنـّت تلك الأيادى أُناسا ظنوا أن رحيلهم عن الدنيا عسير ! فترد عليه قائلة : عتبى على الزمان الذى الى البخيل الجأنى فأورثنى الضنا حزنا على حزنى . كان سكان العمارة يستمعون الى ذاك الشاعرالعجوز الذى لا يقرأ ولا يكتب وتلك المرأة الأمية كيف يصنعون الكلمات بتلك السهولة وفى وقت الغضب بالذات ؟ ، كان يحلو للجميع الانصات سرا من خلف النوافذ الى مشاجراتهم ، وخاصة النوافذ المطلة على المناور . كان يتميز بنشاط ملحوظ يحسده عليه الشباب ، يهبط درج العمارة المكونة من ستة طوابق كل يوم خمس مرات لكونه مسؤلا عن رفع الأذآن عند كل صلاة فى المسجد المجاور . كانت الست حفيظة تنتهز فرصة نزول الشيخ لصلاة العصر فتستأذنه فى الصعود الى سطوح العمارة لتشميس ساقيها اللتان لم تقويا على حمل ذاك الكم الهائل من اللحم ، وهناك تأخذ فى البكاء على فراق وحيدها ، والنسوة من حولها يبكون لبكائها ، وتقول العين تبكى من تلقاء نفسها لحال عزيز ذله الزمان . كانت حفيظه اجمل بنات زمانها وحيدة أمها وأبيها تزوجت من اغنى رجل فى الحى ، بعد قصة حب كانت حديث الناس . ظلت عشرين عاما دون أن تنجب ، تزوج عليها بأخرى قبيحة ، سوداء كالليل البهيم ، لكنها فصيحة اللسان تعرف كيف تجذب الرجال ، وقع فى غرامها أملا فى أن ينجب ولدا . وجدت الام ان ابنتها على وشك الضياع وان زوجها سوف يطلقها ، دارت على كل الناس وكل المشايخ وكل الاطباء ، انفقت كل مالها لعلاج ابنتها ، لكنها فشلت . تزوج الرجل بالاخرى ، وظل الى جانبها وترك حفيظة فى بيتها وحيدة . أمرأة من الارياف زارتهم فجأة ، علمت بقصة حفيظة ، فقالت لامها أن شاء الله سيكون فك عقدتها على يدى ! صنعت المرأة وليمة ودعت اليها حفيظة وأمها ، وضعت أمام حفيظة سلطانيه شوربة بها أرنب صغير مسلوق ، لم تذق حفيظه طمعا ألـّذ منه من قبل ، طلبت منها أن تعود الى بيتها فتتجمل لزوجها على أحسن ما تصنع الزوجه لزوجها ففعلت . لم يمر الشهر حتى كانت حاملا ووضعت وليدها الوحيد طفل جميل ما رأت مثله العين ! ما أن حملت حفيظة حتى ثاب الزوج الى رشده وطلق الثانيه . ولكن القدر لم يمهل الاب طويلا ومات والطفل لم يتجاوز عامه الاول ، استولى اشقاؤه على تركته عنوه ،باعوا محلاته ،أخذوا أمواله ، ظنوا ان اخاهم قد مات مسموما ، وتوزعت التهمه فيما بين الزوجتين . لم تجد حفيظة مكانا يأويها وابنها سوى بيت أمها العجوز . قبلت حفيظة تلك الزيجة مرغمة كى تجد من ينفق عليها وعلى وحيدها الذى خرجت به من الدنيا ، لكن الزوج الجديد نغص عليها حياتها وطرد وحيدها ، فلما ماتت جدته لامه لم يجد مكانا يأوى اليه سوى ثكنات الجيش ، فتطوع وكان من أوائل شهداء حرب رمضان. قبل أن تموت الجدة قالت لابنتها أن الذى كان فى سلطانيه الشوربة هو جرو صغير وليس أرنبا ، صعقت حفيظة وكاد يغمى عليها . حزنت حفيظة على فلذة كبدها وظلت تبكى حتى ماتت قهرا عليه وحملها العجوز الى مثواها الاخير وصدق حسّه عندما كان يقول لها أن العيد الكبير لا يأتى مطلقا قبل الصغير .

رد مع اقتباس
قديم 06-26-2010, 03:13 AM   رقم المشاركة : [2]
شمس مصر
عضو
 
افتراضي

جميل ..جميلة جدا هذة القصة وفعلا .."لو علمتم ما فى الغيب "

استمعت كثيرا هنا ..وخاصة أشعار السجع فى الهجاء بين الزوجين ..
أضحكني كثيرا ..وأبدعت فى سطور النهاية لتبكينا ..أستاذ صلاح

لك كل الشكر


التوقيع: طموحي يقتلني فى اليوم ألف مرة ..

ويصفعني بشدة على وجهي قائلا ..

ألم تعديني يوما بأن تخرجيني من سجنك ..
شمس مصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-26-2010, 09:10 AM   رقم المشاركة : [3]
احمد مختار
مشرف عام
الصورة الرمزية احمد مختار
 
إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى احمد مختار
افتراضي

موضوعك جميل
وقصتك رائعة
جزاك الله خيرا


التوقيع:


احمد مختار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-27-2010, 03:26 AM   رقم المشاركة : [4]
صلاح ابوشنب
عضو
 
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الفاضلة شمس
اشكرك واكرر تحياتى وشكرى لتفضلك بالقراءة والتعقيب الجميل الرائع انت رائعة فعلا فى التعليق


صلاح ابوشنب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-27-2010, 03:52 AM   رقم المشاركة : [5]
الاميرة السمراء
عضو
 
افتراضي

قصة جميلة وحزينة بنفس الوقت لاكن كنت رائع ياأستاذ صلاح في طرحها وجزاك الله الف خير


الاميرة السمراء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-27-2010, 03:39 PM   رقم المشاركة : [6]
صلاح ابوشنب
عضو
 
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الاستاذة الاميرة السمراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكر لكم مروركم اليمون بالصفحة التى اشرقت بقدومكم واشكركم على تعليقكم الحسن .


صلاح ابوشنب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-28-2010, 03:13 PM   رقم المشاركة : [7]
tota
عضو
 
افتراضي

قصتك حقا رائعه رغم مافيها من حزن
تسلم ايدك
ربنا يكرمك
جزاك الله خير


tota غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-30-2010, 03:14 PM   رقم المشاركة : [8]
صلاح ابوشنب
عضو
 
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الفاضلة توتا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكر لكم مروركم الكريم وقراءتكم للنص وتعليقكم الموجز المفيد مع اطيب تحياتى وخالص تقديرى،،،


صلاح ابوشنب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
التسعين, الست, حفيظة, وعريس


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع