البحث عن وسيط بين سوريا وإسرائيل؟‏!‏

[بسمة ناصر]

البحث عن وسيط بين سوريا وإسرائيل؟‏!‏

فجأة اصبحت كرواتيا احدي الدول المدعوة للقيام بدور البديل في الوساطة بين سوريا وإسرائيل بعد توقف مفاوضاتهما معا منذ عام تقريبا وبعد ان ألمحت تل ابيب إلي ضرورة تنحية الوسيط القديم التركي بحجة اتخاذه مواقف منحازة ضدها منذ حربها علي قطاع غزة؟ ايضا تردد اسم فرنسا بقوة وكذلك اسبانيا خاصة ان الأخيرة ستتولي رئاسة الاتحاد الأوروبي قريبا‏!!‏

زيارة الرئيس السوري بشار الاسد إلي باريس عقب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نيتانياهو لنفس البلد بيوم واحد يوحي بأن موسم الكلام عن المفاوضات وان كانت غير مباشرة والبحث عن وسيط بين دمشق وتل ابيب قد بدأ؟‏!‏ دخول كرواتيا علي الخط بين سوريا وإسرائيل غير مستغرب علي اساس ان رئيسها ستيبان ميسيتش له علاقات متميزة بالقيادة السياسية في البلدين كما انه مالبث ان اختتم زيارة لإسرائيل حتي زاره الرئيس السوري بشار الاسد في بلده لاجراء مباحثات قيل انها تناولت ملف الوساطة‏!‏

ورغم ان سوريا مازالت متمسكة بالوسيط التركي حتي ان الرئيس الأسد طالب تركيا بتحسين علاقاتها مع إسرائيل حتي تكون قادرة علي ممارسة دور الوسيط؟‏!‏ كما طالب بعض الدول الأوروبية بدعم هذا الوسيط الذي تطورت علاقة سوريا معه حتي صارت استراتيجية؟‏!‏ فإن الرفض الإسرائيلي مازال يعطل هذه الوساطة ويدفع باتجاه الوسيط الجديد؟

والسؤال الآن ماهي اسباب عودة الكلام عن مفاوضات بين سوريا وإسرائيل في هذا الوقت بالذات‏,‏ وماهي فرص نجاح عملية البدء في هذه المفاوضات بعد تعثر؟‏!‏

ثلاثة اسباب وراء الجدل عن المفاوضات المرتقبة ووراء تسويقها في هذا التوقيت الأول ان الولايات المتحدة برئاسة أوباما ترغب في دفع عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط حتي ولو علي المسار السوري علي اعتبار ان المسار الفلسطيني معطل بفعل الوضع السييء بين حركتي حماس وفتح‏,‏ والثاني ان استحالة عودة المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية في الوقت الراهن بفعل الازمة التي تعيشها القيادة الفلسطينية حول الوجهة الإسرائيلية وربما الدولية إلي المسار السوري لكن بشروط إسرائيلية؟‏!‏

اما السبب الثالث فهو دخول دول علي الخط بقوة وعلي رأسها فرنسا وإصرار رئيسها ساركوزي علي لعب دور في المنطقة منذ استلامه السلطة في بلاده؟‏!‏ تشترط سوريا ان تحضر تركيا كوكيل يتمتع بالنزاهة من وجهة نظرها وأن اي محاولات لسحب هذا الوسيط من مكانه لن تحقق نتيجة‏,‏ اما إسرائيل فيعنيها اسم الوسيط بقدر سياسة هذا الوسيط تجاهها وتجاه اعدائها في المنطقة‏,‏ فهي تري الاتراك الآن منحازين ضدها خاصة منذ حرب إسرائيل علي غزة‏.‏

ولكن القضية الرئيسية عند تل ابيب الآن ليست في الوسيط ولامتي واين تبدأ هذه الوساطة بقدر ماهي حسبة سياسية واقتصادية وعسكرية فحرب لبنان الثانية وعدم الرضا العام في إسرائيل عن طريقة ادارتها ونتائجها اضعفت ردع إسرائيل سوريا وان كان الثمن الذي دفعته لبنان وبعدها غزة خفف كثيرا من هذه النتيجة‏,‏ إلا ان سوريا وجدت ان إسرائيل اصبحت اضعف من ذي قبل وعزز تصريحات الرئيس السوري بشار الاسد عندما كرر مرارا ان علي إسرائيل ان تختار بين بديلين‏:‏ اما تجديد التفاوض واتفاق سلام مع سوريا‏,‏ واما المقاومة لتحرير هضبة الجولان بالقوة‏,‏ كل ذلك اقتضي فحصا جديدا للطرق الصحيحة لجعل حدود إسرائيل الشمالية مستقرة‏.‏ هذه التطورات استحثت تجديد التفاوض بين سوريا وإسرائيل قبل عام اما الآن فمن جهة إسرائيل زادت اهمية احراز اتفاق مع دمشق لانه يفترض ان يخدم الحاجة إلي اضعاف محور إيران ـ سوريا ـ حزب الله ـ حماس‏,‏ ولكن بسبب تكوين الحكومة سيضطر نيتانياهو الي العمل في إطار لا يمكنه من حرية المناورة في الشأن السوري‏,‏ وسيصعب عليه ان يستمر علي التفاوض في هذا المسار‏.‏

علي اي حال سيوجد في سنة‏2010‏ نافذة فرص لتجديد التفاوض المباشر مع سوريا ايا كان الوسيط‏,‏ وسيكون استغلال هذه الفرصة متعلقا بقدر كبير بالتطورات الداخلية في إسرائيل‏,‏ لكن يبقي انه حتي الآن لم يظهر في الصورة الوسيط الحقيقي والقادر علي لعب دور البطل في سيناريو التفاوض بين العدوين ســوريا وإســرائيل ألاوهو الولايات المتحدة الأمريكية حتي اشعار آخر؟‏!‏