إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-13-2018, 05:44 PM
الصورة الرمزية على الشامى
على الشامى على الشامى غير متواجد حالياً
إداره الموقع
 

افتراضي د عمرو الليثي يكتب صديق العمر «5» نذر بناء مسجد لله


وانقضى العزاء.. بعد وفاة شريف.. المنزل الذى كان يملأ أركانه الأقارب والمقربون يواسوننى وأبى وأمى.. رحلوا بعد انقضاء أيام العزاء.. وبقينا ثلاثتنا أبى وأمى وأنا.. وذكريات شريف.. ملابسه التى احتفظت بها، ولعبه ورسوماته الرقيقة التى كانت تعبر عن فنان صغير.. وزملاؤه فى المدرسة.. ورائحته فى سريرى الذى اقتسمناه ليالى طويلة.. أما أبى، فكان يستيقظ صباحا، ويخرج مبكرا، ولا نعرف أين يذهب.. إلى أن عرفت أنه كان يوميا يزور قبر شريف.. وكان يخشى أن يقول لى ولأمى حتى لا يزيد من آلامنا.. تحمل الكثير فى تلك اللحظات الصعبة.. وقال لى كلمة لن أنساها: «يا عمرو أنا ندرت إنى أبنى جامع لأخوك صدقة جارية على روحه، وإذا مت قبل أن أبنيه، فأنا أوصيك ببنائه».. لم أتمالك نفسى من البكاء، وقلت له: «أنت أيضا تريد أن تذهب كما ذهب شريف.. فكان دائما يقول لى.. شريف وحشنى أوى.. ثم يحاول أن يبدو متماسكا»..
كان ذلك منذ قرابة خمسة وعشرين عاما، أى بعد وفاة شريف بعدة سنوات.. كنا طوال هذه الفترة نعيش فى حزننا وألمنا أنا وأبى وأمى إلى أن جاء اليوم الذى دخل فيه أبى مستبشرا بأنه استطاع أن يحصل على موافقة لبناء المسجد الذى نذر يوما ما أن يبنيه لشريف.. وأن المكان فى شارع جمال الدين الأفغانى بالهرم، بجوار استديو النحاس.. وما هى إلا أيام، وبدأ والدى رحلة بناء المسجد.. كان يقف على العمال ليل نهار.. حتى بنى المسجد، وحرص على أن يكون هناك مصلى للسيدات.. وكان سعيدا سعادة بالغة، وهو ينزل ليشترى الموكيت والتكييفات، يحقق حلمه الذى طالما تمناه منذ وفاة فلذة كبده (شريف).. واكتمل بناء المسجد، وفى يوم 3 رمضان عام 2002 كان افتتاح المسجد الذى كتب عليه بناه ممدوح الليثى صدقة جارية على روح ابنه شريف.. كان يوما مشهودا لنا فى الأرض أنا وأبى وأمى.. وأظنه كان مشهودا لشريف فى السماء، فقد أرسل له والده هدية غالية- ربنا يتقبلها ويجعلها فى ميزان حسناته. فى ذات اليوم الذى تم فيه افتتاح المسجد الذى بناه والدى جلسنا على مائدة الإفطار أنا وأبى وأمى نتذكر صديقنا الرابع الذى فقدناه فى عام 1983 وبين دموع تنهمر من حزن على فراق، وفرح على بناء المسجد، بدأت الدموع تتحول إلى ابتسامة فى عين أبى، عندما جاءت طفلة صغيرة تطبطب عليه، وهو يبكى على مائدة الإفطار، وتقول له: «ما تعيطش يا جدو».. كانت هذه اليد الحنونة هى يد ابنتى ياسمين.. أول حفيدة جاءت لأبى، والتى أعتبرها هى وأشقاءها مرحلة مهمة فى قصة صديق العمر.. والدى الحبيب ممدوح الليثى.. ولكن ما بين تلك اللحظات، وبين سنوات منذ وفاة شريف وزواجى بعد ذلك رحلة طويلة لى فيها وقفات مع صديق العمر.. وللحديث بقية.
التوقيع:


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع