إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-13-2014, 06:41 PM
safy nada safy nada غير متواجد حالياً
مشرف
 

افتراضي الخوارج من هم؟

ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي أقوام آخر الزمان يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم ) ،
وإن لهؤلاء المارقة الخارجين عن الإسلام أوصافاً يحسن بنا في مثل هذه الأوقات أن نعرفها لكي نحذرهم ونحذر منهم ، ولكي نكون جميعاً صفاً واحدة في نحورهم ، فمن أوصافهم المستفادة من النصوص الشرعية ما يلي :

1- الغرور ، ففيهم من الغرور ورؤية النفس شيء عظيم فيرون أنهم خير الناس ، وأنهم صفوة الله من خلقه ، وأنهم وحدهم ومن تبعهم على الدين الحق ، وأن ما عداهم على الباطل بل على الكفر الصراح ، وحديث الرجل الذي مر معنا أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال له : «أنشدك بالله ، هل حدثت نفسك حين طلعت علينا أن ليس في القوم أحد أفضل منك؟» فقال : اللهم نعم . مع أن في القوم الذي يرى نفسه أفضل منهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ، وهل هناك غرور ورؤية للنفس أعظم من هذا .

وقد جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال : «إن فيكم قوماً يتعبدون فيدأبون حتى يعجب بهم الناس وتعجبهم أنفسهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية»[7] .

2- ومن أوصافهم أنهم «يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان»[8] .

ولم يعرف عن الخوارج على مر التاريخ أنهم قاتلوا الكفار إنما قتالهم دائماً للمسلمين وهذا من خذلان الله لهم .

3- ومن أوصافهم وهو سبب ما قبله أنهم أتوا إلى آيات نزلت في الكفار فأنزلوها على أهل الإسلام وبذلك استحلوا دماء المسلمين وأموالهم ، قال ابن عمر –رضي الله عنهما- : (انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين)[9] .

4- ومن أوصافهم أن مما يثيرهم المال ، وهم لا يخرجون غالباً إلا من أجله ، وشاهد ذلك ودليله حال ذو الخويصرة الذي هو أساسهم وأصلهم وإمامهم فإن الذي أثاره وحمله على الطعن في قسم النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه لم يعطه ولم يقسم له .

وهكذا الخوارج الذين خرجوا على عثمان –رضي الله عنه- لما قتلوه صرخ فيهم أحدهم : يا قوم أيحل لنا دمه ولا يحل لنا ماله . فسلبوا بيته ، وانتهبوا متاع الدار ، ثم انصرفوا إلى بيت المال فنهبوه[10] . قال : والله ما تركوا في داره شيئاً حتى الأقداح إلا ذهبوا به[11] .

فلما قتلوا أمير المؤمنين –رضي الله عنه- تنادوا : أن أدركوا بيت المال لا تسبقوا إليه ، فسمعهم حفظة بيت المال فقالوا : يا قوم النجا النجا ، فإن هؤلاء القوم لم يصدقوا فيما قالوا من أن قصدهم قيام الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك مما ادعوا أنهم إنما قاموا لأجله وكذبوا إنما قصدهم الدنيا ، فانهزموا وجاء الخوارج فأخذوا مال بيت المال ، وكان فيه شيء كثير جداً[12] .

وكذلك الخوارج الذين خرجوا في عهد علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- فإنهم كانوا يغيرون على سرح المسلمين ويقطعون الطريق عليهم لأخذ أموالهم .

5- ومن أوصافهم أن فيهم حقداً عظيماً على أهل الإسلام[13] ومن ذلك أنهم لما قتلوا الخليفة الراشد عثمان بن عفان –رضي الله عنه- وثب على صدره عمرو بن الحمق وكان بعثمان رمق ، فطعنه تسع طعنات وقال : أما ثلاث منهن فلله ، وست لما كان في صدري عليه[14] .

ومر أحدهم على عثمان –رضي الله عنه- ورأسه على المصحف –بعد موته- فضرب رأسه برجله ونحاه عن المصحف . وقال : ما رأيت كاليوم وجه كافر أحسن ولا مضجع كافرٍ أكرم[15] . قبح الله الخوارج .

قال ابن كثير : وذكر الواقدي أن عمير بن ضابي نزا على سريره –أي على سرير عثمان- وهو موضوع للصلاة عليه فكسر ضلعاً من أضلاعه[16] .

وخرج البخاري في تاريخه بسنده عن محمد بن سيرين قال : كنت أطوف بالكعبة وإذا رجل يقول : اللهم اغفر لي ، وما أظن أن تغفر لي . فقلت : يا عبدالله ما سمعت أحداً يقول ما تقول ، قال : كنت أعطيت الله عهداً إن قدرت أن ألطم وجه عثمان إلا لطمته ، فلما قتل وضع على سريره في البيت والناس يجيئون يصلون عليه ، فدخلت كأني أصلي عليه ، فوجدت خلوة فرفعت الثوب عن وجهه ولحيته ولطمته وقد يبست يميني . قال ابن سيرين : فرأيتها يابسة كأنها عود[17] .

فإذا كان هذا فعلهم بأفضل الناس في زمانه فكيف يكون فعلهم بمن دونه من عامة المسلمين .

وإليك صورة من صورهم المظلمة التي تنم عن حقدهم العظيم على أهل الإسلام ، فعن رجل من عبد القيس –كان مع الخوارج ثم فارقهم- قال : دخلوا قرية فخرج عبدالله بن خباب –رضي الله عنهما- ذعراً يجر رداءه ، فقالوا : لم ترع؟ لم ترع؟ مرتين ، فقال : والله لقد ذعرتموني ، قالوا : أنت عبدالله بن خباب صاحب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ؟ قال : نعم ، قالوا : فهل سمعت من أبيك حديثاً يحدث به عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- تحدثناه ؟ قال : سمعته يقول : عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : أنه ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ، فإن أدركتها فكن عبدالله المقتول ، قال أيوب : ولا أعلمه إلا قال : ولا تكن عبدالله القاتل ، قالوا : أنت سمعت هذا من أبيك ، فحدثه عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ؟ قال : نعم ، فقدموه على ضفة النهر ، فضربوا عنقه ، فسال دمه كأنه شراك ما أمذقه ، يعني ما اختلط بالماء الدم ، وبقروا أم ولده عما في بطنها[18] .

6- ومن أوصافهم الملازمة لهم أنهم أهل نفاق ، وقد وصفهم بذلك الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى ، فقد قال –صلى الله عليه وسلم- لعثمان بن عفان –رضي الله عنه- : «يا عثمان! إن الله مقمصك قميصاً ، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني»[19] ، والقميص هو الخلافة[20] ، والذين أرادوا نزعه عن عثمان -رضي الله عنه- إنما هم الخوارج . وقد وصفهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بالنفاق ، فليحذر المسلم من سبيل الخوارج المارقين فإنه من سُبل المنافقين .

وممن عد قتلة عثمان –رضي الله عنه- من الخوارج إمام دار الهجرة ، فقال عبدالرحمن بن مهدي : سمعت مالك بن أنس –رضي الله عنهما- يقول : ((لم يكن شيء من هذه الأهواء على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولا أبي بكر ولا عمر ولا عثمان)) وكان مالك يسمي الذين خرجوا على عثمان الخوارج . (القدر) للفرياني .

وقال ابن أبي العز –رحمه الله- : ((وكان في عسكر علي –رضي الله عنه- من أولئك الطغاة الخوارج الذين قتلوا عثمان)) . شرح العقيدة الطحاوية (493) .

7- ومن أوصافهم : أنهم يقصدون بقدحهم وذمهم أهل الحل والعقد في الأمة من العلماء والأمراء[21] .

وهم في ذلك مقتدون بذي الخويصرة فإنه إنما طعن على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- .

ومن وصايا ابن سبأ اليهودي لأتباعه ، قوله : وابدأوا بالطعن على أمرائكم وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تستميلوا الناس وادعوهم إلى هذا الأمر[22] .

ولو نظرنا إلى الخوارج في كل وقت وفي وقتنا هذا لوجدناهم يتجهون بطعنهم وتنقصهم إلى ولاة الأمور من العلماء والأمراء .

فهم في كلامهم يدندنون حول الحقوق في البترول والحقوق في بيت المال ، وأن الأمراء ظلمة مستأثرون بالمال ، ويلمزون العلماء بأنهم علماء حيض ونفاس ، لا يفقهون الواقع ، قد أشغلتهم المناصب ، وغير ذلك من التهم والبهتان .

والكلام في العلماء والأمراء من الغيبة أو البهتان التي نُهي عنها أهل الإسلام وجاء الوعيد الشديد لصاحبها .

قال الشيخ محمد العثيمين –رحمه الله- كلاماً معناه : إن الغيبة يعظم إثمها بعظيم أثرها في الناس .

فغيبة ولاة الأمور أعظم إثماً من غيبة غيرهم من العامة ، وذلك لأن الناس إذا وقعوا في العلماء كان ذلك سبباً لزهد الناس في الشريعة التي يحملونها ، وإذا وقعوا في الأمراء كان ذلك سبباً لزهدهم في طاعتهم فيحصل بذلك خراب الدين والدنيا معاً . انظر شرح رياض الصالحين (6/104) لنص كلامه .

8- ومن أوصافهم : الغلو في الدين والغلو هو تعدي الحد المشروع الذي شرعه الله ورسوله للمؤمنين ، وليعلم أن قول النبي –صلى الله عليه وسلم- فيهم «يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم وقراءته .... وصيامه .... ليس هذا مدحاً لهم وإنما هو غاية الذم ؛ لأن قراءة الصحابة –رضي الله عنهم- وصلاتهم وصيامهم هي القراءة والصلاة والصيام التي شرعها الله ورضيها لعباده ، فمن قصر عنها كان جافياً مذموماً ، ومن زاد عليها من الخوارج وغيرهم كان غالياً مذموماً .

9- ومن نتائج الغلو مروقهم عن الإسلام والمروق هو الخروج ، وفي صحيح البخاري (7562) : «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه» وفي هذا وعيد شديد لمن كان له قلب ، أو ألقى السمع وهو شهيد ، فتداركوا أنفسكم يا أهل الإسلام بمجانبة منهج الخوارج خصوصاً ، ومناهج البدع عموماً .

والخوارج مختلف في تكفيرهم بين أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم ، وقد نص على تكفيرهم أبو أمامة الصحابي الجليل في حديث رواه عن النبي –صلى الله عليه وسلم- : «قد كان هؤلاء مسلمين فصاروا كفاراً»[23] .

وفي البخاري برقم (6931) عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال سمعت النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول : «يخرج في هذه الأمة ولم يقل منها» . قال الحافظ : فيه إشارة من أبي سعيد إلى تكفير الخوارج ، وأنهم من غير هذه الأمة . الفتح (12/302) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- بعد أن ذكر الخلاف في كفرهم : والصحيح أن هذه الأقوال التي يقولونها التي يعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول –صلى الله عليه وسلم- كفر ، وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي كفر أيضاً ، وقد ذكرت دلائل ذلك في غير هذا الموضع ، لكن تكفير الواحد المعين منهم والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه[24] .

وممن قال بكفرهم العلامة عبدالعزيز عبدالله بن باز –رحمه الله- في كتاب الجنائز من الفتاوى (13/161) . فقد سُئِل عن حكم الصلاة على أهل البدع؟ فقال : إن كانت بدعتهم مكفرة كبدعة الخوارج والمعتزلة والجهمية والرافضة فلا يصلى عليهم .

10- ومن أوصافهم أنهم (أول من كفّر أهل القبلة بالذنوب ، بل بما يرونه من الذنوب ، واستحلوا دماء أهل القبلة بذلك)[25] ، بل (ويكفرون من خالفهم في بدعتهم ويستحلون دمه وماله ، وهذا حال أهل البدع يبتدعون بدعة ويكفرون من يخالفهم فيها)[26] .

11- ومن أوصافهم أنهم يحسنون القول ويسيئون الفعل ويقولون من خير قول البرية ويعملون من شر عمل البرية[27] .

12- ومن أوصافهم أنهم أتوا إلى نصوص الخطاب فيها لولي الأمر ، فأنزلوا أنفسهم منزلته وأفتاتوا عليه وتطاولوا على حقه ، ومن ذلك النصوص التي جاءت بالأمر بجهاد الكافرين ، والأمر بإخراجهم من جزيرة العرب .

ولو كلف هؤلاء الأحداث أنفسهم بالنظر في سير الصحابة والسلف من بعدهم ، لوجدوا أن الأمر خلاف ما يظنون ؛ فمن الذي أخرج الكفار من جزيرة العرب أليس هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- ومن الذي يبعث البعوث ، ويجيش الجيوش للقتال في سبيل الله أليس هو خليفة المسلمين وولي أمرهم في كل زمان ومكان .

13- ومن أوصافهم : «أنهم حدثاء الاسنان سفهاء الأحلام»[28] ، ولو نظرنا في هذه الفرقة الباغية المارقة في وقتنا هذا لوجدناهم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام ينطبق عليهم أكثر أوصاف الخوارج .
وهؤلاء المارقون في هذا الزمان ليس معهم أحد من العلماء ولا من كبار السن الحكماء ، بل هم حدثاء صغار من كل ناحية ، صغار في المعرفة والعلم ، صغار في التجربة والنظر لعواقب الأمور ، صغار في نفع أمتهم ومجتمعهم ، وسلفهم الذين خرجوا في عهد الصحابة وما بعده لم يكن فيهم أحد من الصحابة ولا من أئمة السلف البتة ، ولم يكن لهم منهم قدوة ولا أسوة .

وهذا كافٍ في بيان باطلهم إذ لو كان ما هم عليه حقاً لسبقهم إليه الصحابة –رضي الله عنهم- .

14- ومن أوصاف هذه الفرقة المارقة أنهم يمجدون دعاة الفتنة ويثنون عليهم ويطرونهم إطراءً عظيماً ، دعاة الفتنة الذين يدعون الناس للخروج على أئمتهم وولاة أمرهم .

والذين يقولون : بأن مجتمعات المسلمين في هذا الزمن مجتمعات جاهلية .

وأن الإسلام قد اندثرت معالمه منذ زمن بعيد .

وأن علماء المسلمين مثل أحبار اليهود والنصارى[29] .

ويقولون أيضاً : الرايات المرفوعة اليوم في طول العالم الإسلامي وعرضه إنما هي رايات علمانية !![30] . وغير ذلك من الأقاويل الشنيعة ، التي تهيج العامة على ولاة أمورهم ، فبالله عليكم لماذا يمجد مثل هؤلاء؟ ويبرزون على أنهم أئمة وقادة! ألنكايتهم بالعدو ، أو لسعيهم في عز الإسلام ، أو لحقن دماء أهله ، أو لتعليم جاهلهم ، والسعي في جمع كلمتهم ، وتوحيد صفهم ، فوالله –غير حانث- إن هذا كله وغيره من أمور الخير لم تحصل على أيدي هؤلاء الضلال ، بل حصل ضدها من إثارة الخلافات بين المسلمين ، وتهييج الرعية على الراعي ، والدعوة للمظاهرات ، والمسيرات ، والاعتصامات ، التي كانت سبباً لتسلط الكفار على المسلمين وأخذهم لبعض ما في أيديهم من الأموال ، والبلاد ، والمصالح . وهذا شأن الخوارج –خذلهم الله- فإنهم كانوا وما زالوا سبباً لجر البلاء على أمة الإسلام .

فإذا رأيت أحداً يمجد رموز الفتنة فاعلم أنه على شفا هلكة ، وأنه قد صادته حبائل الخوارج ، ولكن هل يسلم أو يهلك؟ الأمر لله من قبل ومن بعد ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .

15- ومن أوصافهم أنهم أول فرقة خرجت[31] في أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- وهم أول من فرق الأمة وأضعفوها ، وهذا ديدنهم في كل زمان ، فإنه من الأسباب الرئيسة في ضعف الدول الإسلامية ، وسقوطها على مر التاريخ .

16- ومن أوصافهم أنهم ما خرجوا لإنكار منكر إلا أتوا بمنكر أعظم منه . قيل للحسن –رحمه الله- : يا أبا سعيد خرج خارجي بالخريبة –محلة عند البصرة- فقال : المسكين رأى منكراً ، فأنكره ، فوقع فيما هو أنكر منه[32] .

17- ومن أوصاف الخوارج أنهم لا يزالون يخرجون في هذه الأمة ، كما جاء في الحديث : «كلما طلع منهم قرن ، قطعه الله ، كلما طلع منهم قرن قطعه الله ، كلما طلع منهم قرن قطعه الله ، فردد ذلك رسول الله عشرين مرة أو أكثر حتى يخرج في عراضهم الدجال» . (انظر مجمع الزوائد : 6/228) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : فإنه –يعني النبي صلى الله عليه وسلم- قد أخبر في غير هذا الحديث[33] ، أنهم لا يزالون يخرجون إلى زمن الدجال[34] .

18- ومن أوصافهم : أنهم اتباع الدجال إذا خرج في أخر الزمان ، فقد جاء في الحديث : «لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال فإذا لقيتموهم فاقتلوهم ، هم شر الخلق والخليقة»[35] .

19- ومن أوصافهم : أنهم لا يتبعون النبي –صلى الله عليه وسلم- إلا فيما بلغه عن الله تعالى من القرآن والسنة المفسرة له . وأما ظاهر القرآن إذا خالفه الرسول –صلى الله عليه وسلم- ، فلا يعملون إلا بظاهره[36] .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : (والخوارج جوزوا على الرسول –صلى الله عليه وسلم- نفسه أن يجور ويضل في سنته ، ولم يوجبوا طاعته ومتابعته ، وإنما صدَّقوه فيما بلغه من القرآن ، دون ما شرعه من السنة التي تخالف –بزعمهم- ظاهر القرآن ، وغالب أهل البدع والخوارج يتابعونهم في الحقيقة على هذا ، فإنهم يرون أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- لو قال بخلاف مقالتهم لما اتبعوه ، كما يحكى عن عمرو بن عبيد في حديث الصادق المصدوق ، وإنما يدفعون عن نفوسهم الحجة ، إما برد النقل ، وإما بتأويل القول ، فيطعنون تارة في الإسناد ، وتارة في المتن ، وإلا فهم ليسوا متبعين ولا مؤتمين بحقيقة السنة التي جاء بها الرسول –صلى الله عليه وسلم- ، بل ولا بحقيقة القرآن) . [الفتاوى : 19/73] .

20- ومن أوصافهم التي اشتهروا بها في هذا الزمان وما قبله أن الغاية التي يسعون لتحقيقها تبرر الوسيلة ، فهم يرون حل كل وسيلة توصلهم إلى غايتهم حتى إن منهم من يُعرّض نفسه للعنة الله عز وجل بتشبهه بالنساء في لبسهن للعباءة لكي يوهمون رجال الأمن أنهم من ذوات الخدور ، بل إن منهم من يقتل النفس المعصومة لكي يصل إلى غايته ، ومنهم من يحلق لحيته ويسبل إزاره ويظهر بمظهر الفساق حتى لا يظن أنه متدين قد يحمل فكراً غير مرضي ، أو أنه ينتمي إلى جماعة ضالة .

21- ومن أوصافهم أنهم يستغلون أزمنة الاضطرابات ، والفتن لإخراج ما عندهم من دنائس[37] الدسائس ، وإبراز مناهجهم العفنة الآسنة .

فمن المعلوم أنه لما حصلت الفرقة والاختلاف بين علي ومعاوية –رضي الله عنهما- استغلت الخوارج ذلك الظرف الحرج في إخراج ما كانوا يكتمونه .

وفي هذا يقول –صلى الله عليه وسلم- : «تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق» .

وفي صحيح البخاري (3610) : «يخرجون على حين فرقة من الناس» .

وقد جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أن لهم أوصافاً في مصيرهم ، منها :

1- أنهم كلاب النار [38] .

2- أنهم شر قتلى تحت ظل السماء [39] .

3- وإن خير قتيل من قتلوه [40] .

4- وجاء عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الأمر بقتلهم أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة[41]
.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : (وقد أجمع المسلمون على وجوب قتال الخوارج والروافض ونحوهم إذا فارقوا جماعة المسلمين) . [الفتاوى : 28/530] .

قال ابن هبيرة ((... قتال الخوارج أولى من قتال المشركين ، والحكمة فيه أن في قتالهم حفظ رأس مال الإسلام ، وفي قتال أهل الشرك طلب الربح ، وحفظ رأس المال أولى)) . [فتح الباري : 12/301] .

5- أنهم شر الخلق والخليقة عند الله عز وجل .

6- وقد جاء عن علي –رضي الله عنه- أنه قال : ((لقد علم أولو العلم من آل محمد وعائشة بنت أبي بكر –فاسألوها- أن أصحاب ذي الثدية ملعونون على لسان النبي الأمين –صلى الله عليه وسلم-)) ، وفي رواية : ((أن أصحاب النهروان)) رواه الطبراني بإسنادين قال البيهقي عن أحدهما رجاله ثقات (مجمع الزوائد : 7/239) .

وليكن معلوماً أن الخوارج –خذلهم الله- ليس لهم مؤلفات ولا مصنفات كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : ((وأقوال الخوارج إنما عرفناها من نقل الناس عنهم لم نقف لهم على كتاب مصنف)) . [الفتاوى : 13/49] .

وإذا كان الأمر كذلك : فإن هذه الخصال والظواهر قد لا توجد مجتمعة كلها في فئة بعينها أو شخص معين ، ولكن قد يوجد بعضها أو أكثرها في بعض الفئات أو الأفراد ، ولا يزال هذا الاتجاه بحاجة إلى دراسة أوفى ومعالجة أكبر . (كتاب الخوارج ، د.ناصر العقل ، ص:118) .

وقال الإمام الآجري –رحمه الله- باب في ذم الخوارج : وسوء مذاهبهم وإباحة قتالهم وثواب من قتلهم أو قتلوه ، قال محمد بن الحسين : لم يختلف العلماء قديماً وحديثاً أن الخوارج قوم سوء عصاة لله –عز وجل- ولرسوله –صلى الله عليه وسلم- ، وإن صلوا وصاموا واجتهدوا في العبادة ، فليس ذلك بنافع لهم ، وإن أظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وليس ذلك بنافع لهم ، لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون ، ويموهون على المسلمين ، وقد حذرنا الله –عز وجل- منهم ، وحذرنا النبي –صلى الله عليه وسلم- ، وحذرنا الخلفاء الراشدون من بعده ، وحذرنا منهم الصحابة –رضي الله عنهم- ومن تبعهم بإحسان رحمة الله تعالى عليهم[42] .

7] : رواه أحمد –رحمه الله- وقال الهيثمي –رحمه الله- رجاله رجال الصحيح ، مجمع الزوائد (7/229) .
[8] : خرجه الشيخان في الصحيحين .
[9] : أخرجه البخاري في الصحيح ، استتابة المرتدين ، باب 6 ، الفتح (12/282) .
[10] : البداية والنهاية : (7/178) .
[11] : البداية والنهاية : (7/174) .
[12] : البداية والنهاية : (7/178) .
[13] : وإذا تطرقنا للحقد والغل والحسد الذي تأصل في الخوارج وفي غيرهم من أهل الأهواء ، فمن أراد السلامة من هذا الداء العضال فعليه بما أرشد إليه النبي –صلى الله عليه وسلم- في قوله : «ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم : إخلاص العمل لله ، ومناصحة ولاة الأمر ، ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم» أي لا يبقى فيه غِل ، ولا يحمل الغل مع هذه الثلاثة ، بل تنفي عنه غِله ، وتنقيه منه ، وتخرجه عنه ، فإن القلب يغل على الشرك أعظم غل ، وكذلك على الغش وعلى خروجه عن جماعة المسلمين ، بالبدعة والضلالة . فهذه الثلاثة تملؤه غلاً ودغلاً ، ودواء هذا الغل واستخراج أخلاطه : بتجريد الإخلاص والنصح ، ومتابعة السنة . (مدارج السالكين : 2/89-90) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : ((يغل)) بالفتح هو المشهور ، ويقال : على صدره فغل إذا كان ذا غش وضغن وحقد . أي : قلب المسلم لا يغل على هذه الخصال الثلاثة . (الفتاوى : 35/7) . وإذا علمنا أن الخوارج أهل غل وغش وأهل خروج عن جماعة المسلمين ، علمنا خطأ بعض من كتب في الخوارج وجعل من صفاتهم أنهم أهل إخلاص وصدق ، لا والله لا يجتمع الإخلاص ، والصدق مع الغل والغش ، والخروج عن جماعة المسلمين .
[14] : البداية والنهاية : (7/175) .
[15] : البداية والنهاية : (7/174) .
[16] : البداية والنهاية : (7/180) .
[17] : البداية والنهاية : (7/180) .
[18] : خرجه الإمام أحمد –رحمه الله- في المسند : (5/110) ، والطبراني في الكبير : (4/59-61) برقم (3629 – 3630 – 3631) ، وأخرجه الإمام الآجري في الشريعة : (42-43) .
[19] : خرجه الإمام أحمد –رحمه الله- في مسنده (6/75) ، والطبراني في الكبير (5/193) برقم (5061) ، وابن أبي عاصم في السنة (ص:548) برقم (1179) ، والحاكم في المستدرك (3/99-100) ، وقال الشيخ الألباني –رحمه الله- (صحيح) انظر صحيح الجامع برقم (7947) .
[20] : قاله ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري (2/523) ، وقال الفيروز آبادي في القاموس المحيط : مقمصك . أي : سيلبسك لباس الخلافة (ص:629) .
[21] : قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في معرض ذكره لصفات الخوارج : (فهؤلاء أصل ضلالهم اعتقادهم في أئمة الهدى ، وجماعة المسلمين أنهم خارجون عن العدل ، وأنهم ضالون ، وهذا مآخذ الخارجين عن السنة من الرافضة ونحوهم ، ثم يعدون ما يرون أنه ظلم عندهم كفراً ، ثم يرتبون على الكفر أحكاماً ابتدعوها) . الفتاوى : (28/397) .
[22] : تاريخ الطبري : (2/647) .
[23] : خرجه ابن ماجه في السنن برقم (176) ، وحسنه الشيخ الألباني –رحمه الله- .
[24] : الفتاوى : (28/500) .
[25] : الفتاوى : (7/481) .
[26] : الفتاوى : (3/279) .
[27] : صحيح البخاري ، كتاب استتابة المرتدين . فتح (12/283) ، الحديث (6930) .
[28] : رواه البخاري ومسلم .
[29] : الضلال (2/1057) ، (3/1451) ، (4/2122 -2328) ، (6/3408) ، وانظر : معركة الرأسمالية والإسلام (ص:14-16-71-72) .
[30] : شريط (بالجراحات المسلمين) .
[31] : الفتاوى : (7/279) ، (3/349) .
[32] : الشريعة للآجري : (ص:28) .
[33] : الحديث الذي فيه أن علامتهم ذو الثدية .
[34] : الفتاوى : (28/496) .
[35] : أخرجه ابن أبي شيبة (7/559) برقم (37917) ، وأحمد (4/424) ، والنسائي (7/119) ، والحاكم (2/160) وقال : صحيح على شرط مسلم . وأخرجه أيضاً : الطيالسي (ص:124) برقم (923) ، والبزار (9/294) برقم (3846) ، وقال الهيثمي : رواه أحمد والأزرق بن قيس وثقه ابن حبان ، وبقية رجاله رجال الصحيح . (مجمع الزوائد : 6/229-239) .
[36] : الفتاوى : (28/491) ، (13/48) .
[37] : قال ابن فارس : (دنس) الدال والنون والسين كلمةٌ واحدة ، وهي الدَّنَس ، وهو اللَّطْخ بقبيحٍ (2/284) .
[38] : الشريعة للآجري (ص:36) .
[39] : الشريعة للآجري (ص:36) .
[40] : الشريعة للآجري (ص:36) .
[41] : خرجه البخاري في الصحيح ، برقم (6930) .
[42] : الشريعة للآجري (ص:21) .

التوقيع: ليه الواحد ساعات يكون متضايق وتعبان

ليه ربنا اعطى البشر نعمة النسيان

علشان الكل يقوم من النوم مبسوط وفرحان

انسى الالم والحرمان وتمتع بنعم الرحمن

ان حسيت انك تعبان عليك بتلاوة القران***
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع