إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-16-2018, 04:47 AM
الصورة الرمزية على الشامى
على الشامى على الشامى غير متواجد حالياً
إداره الموقع
 

افتراضي دكتور عمرو الليثي يكتب ثرثرة فوق النيل

بدأ الفنان عماد حمدى أول مشاهده فى فيلم «ثرثرة فوق النيل» بمونولوج داخلى يقوله، وهو يسير فى شوارع القاهرة عام ١٩٦٧، وكان يقول فيه «اللى يردموه يرجعوا تانى يفحتوه، واللى يسفلتوه يرجعوا تانى يهدوه، مرة عشان الكهرباء ومرة مواسير المياه، ومرة سلك التليفون، ومرة المجارى، وياما جارى فى الدنيا، ياما جارى، طب ما كانوا فحتوا مرة واحدة مش بيقولوا فى لجنة تخطيط يمكن الواحد غلطان ولجنة التخطيط هى اللى صح.. آه أدام بيجتمعوا كتير وبيخططوا كتير يبقى لازم يفحتوا كتير!! ماله التقرير؟ أنا مسطول.. ما كل التقارير بتكتب كده.. يكونش المدير العام هو اللى مسطول، أما الأدوية موجودة والسراير موجودة، نكتب تقارير ليه؟ مش بيقولوا فى أدوية، طب هى فين؟؟ فى الأجزاخانات. خلاص بدل ما نكتب تقارير نسأل فى الأجزاخانات هى الحكومة ماورهاش إلا التقارير، كل واحد يخاف من مسؤولية يكتب تقرير، طب حانعمل إيه بالتقارير دى كلها، لازم فى حكمة فى كده..آه.. الحكمة بقا إن مادام بنكتب تقارير يبقى حانحتاج ورق تقوم مصانع الورق تشتغل ولما تكتر التقارير نضطر نحرقها تقوم مصانع الكبريت تشتغل ولما نيجى نحرق التقارير الكبريت حايولع فى هدومنا، تقوم مصانع القماش تشتغل قصدهم يحصل يعنى اكتفاء ذاتى.. يا سلام..».



هذا المونولوج كتبه والدى رحمه الله السيناريست الكبير ممدوح الليثى ضمن سيناريو فيلم «ثرثرة فوق النيل» المأخوذ عن قصه الكاتب الكبير نجيب محفوظ وإخراج المخرج الكبير حسين كمال، وحكى لى والدى كيف قام برسم وصياغة الشخصيات التى ظهرت فى الفيلم لتناسب الأوضاع الاجتماعية لمصر فى فترة الستينيات، فيستعرض من خلال الفيلم أنماطا مختلفة لكثير من البشر، ويلخصهم الفيلم فى بضعة أشخاص قرروا الهروب من الواقع إلى عالم خاص بهم ملىء بالمخدرات والخمر والجنس والثرثرة الفارغة التى لا طائل منها، ويجتمعون مساء كل ليلة داخل إحدى العوامات التى ترسو فى النيل، فنجد الموظف والمحامى والفنان والصحفى والأديب، أى أنه اختار وبعناية فائقة الشخصيات التى من المفروض أن يقوم عليها المجتمع وينهض، إلا أن العكس هو ما يحدث، فهؤلاء الأشخاص قرروا الهروب من كل شىء حولهم إلى هذا العالم الموبوء، ليوضح إلى أى مدى استشرى الفساد فى المجتمع على كل المستويات، ولعل من المشاهد المؤثرة فى الفيلم عندما اصطحب رجب (أحمد رمزى) كل أعضاء العوامة فى سيارته احتفالا بعيد الهجرة بمنطقة سقارة، وفى طريق العودة صدموا فلاحة (زيزى فريد) فماتت، وهربوا جميعًا، متناسين ما حدث، ولعل الفلاحة هنا ترمز إلى مصر بلدهم الذين تناسوا واجباتهم تجاهها، واستمروا فى اللامبالاة..

عرضت سمارة (ماجدة الخطيب) الصحفية على الجميع زيارة الجبهة وجنودها البواسل لعلهم يفوقون مما هم فيه، فذهب معها أنيس (الفنان عماد حمدى) وشاهد الدمار الذى لحق بالسويس وباقى مدن القناة.. وأذكر من ضمن مشاهد الدمار لقطات صورها الأستاذ عماد حمدى عند عمارة سكنية فى بورتوفيق بالسويس كانت مملوكة لجدى والد والدتى المرحوم أمين الديدى، وكانت تعيش فيها أسرتى، وللأسف أطلق الإسرائيليون صاروخا على عمارة جدى لأنه كان على سطحها نقطة مراقبة عسكرية، وانهارت العمارة، وكانت عائلتى من المهجّرين من السويس للقاهرة.. صوّر عماد حمدى لقطات وهو واقف أمام العمارات المنهارة صارخا: «فين الناس.. راحوا فين.. راحوا فين؟»، وفاق وندم على غيبوبته، وتذكر الفلاحة التى ماتت، وعندما عاد للعوامة، حاول ومعه سمارة أن يحث الجميع على إيقاظ ضمائرهم، وقال لهم: «الفلاحة ماتت، ولازم نسلم نفسنا»، ورقص الجميع وطردوا أنيس الذى خرج ومعه سمارة، وقام عم عبده (أحمد الجزيرى) غفير العوامة بفك سلاسلها لتنطلق فى النيل بمن فيها، وهم لاهون دليلًا على ضياعهم، وانطلق أنيس بين الجموع يصيح فيهم «فوقوا فوقوا». فى إبراز وتوضيح شديد لرسالة الفيلم الأساسية. إن هذه القصة التى كتبها أستاذ نجيب قبل نكسه ٦٧ وطورها والدى، رحمهما الله، لتعبر عن المجتمع المصرى فى هذه الفترة، تدل على أن السينما كانت بحق مرآة للمجتمع.
التوقيع:


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع