العودة   الموقع الرسمي للاعلامي الدكتور عمرو الليثي > الأقسام العامة > أقلام الاعضاء
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-07-2011, 07:27 PM
الصورة الرمزية محمد رجب الصفناوي
محمد رجب الصفناوي محمد رجب الصفناوي غير متواجد حالياً
عضو
 


إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى محمد رجب الصفناوي
Smile الحب الإلهي الجزء الثاني

الإبتلاء
و قد يسأل سائل إذا كان الله يحبني كل هذا الحب فلما يبتليني بالفقر مثلا أو بالمرض ؟
نقول له اعلم أن من شدة حب الله للعبد ابتلاءه ،وقد تتعجب من ذلك، ولكن لا تعجب، وهل كان الله لا يحب أنبياءه ورسلَه ؟! فانهم كانوا أشد الناس إبتلاءً . واعلم أن البلاء نوعان :بلاء بالنعمة كالمال والولد والسلطان ،فإذا كان هؤلاء عند العبد أحب إليه من الله، أصبحت النعمة نقمة عليهم ،والدليل على أن النعمة بلاء قوله تعالى: (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِي) أما النوع الثاني فهو بلاء بالمشقة ،كالفقر والمرض كما في قوله (وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِي)
الإشراك في محبة الله
واعلم أن حب الأموال والأولاد مثلا -وهم نعمةٌ من الله- إن كانوا أَحَبَّ إلي العبد من الله سبحانه وتعالى ،فانه قد أشرك في محبة الله سبحانه وتعالى ،كما قال تعالي قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) واعلم أن محبة المؤمنين لربهم أشد من محبة هؤلاء المشركين لربهم ولأندادهم ، ثم إن اتخاذ الأنداد هو من أعظم الذنوب، كما في الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ قُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ (رواه البخاري) فأنزل الله تصديق ذلك: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) فدعاء إله آخر مع الله هو اتخاذ ند من دون الله يحبه كحب الله، إذ أصل العبادة المحبة ، وكما قال تعالىيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رحيم) وكما قال تعالى (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) إذن كل نعمة تؤدي إلى البعد عن الله فهي فتنة ونقمة، ولا يفرح الإنسان بالنعمة لأنه إن لم يشكر الله عليها، و إن لم تقربه من الله تعالى تكن عليه و بالاً وجحيماً ، أما إذا ابتلى الله عبده ببعض الأمراض مثلا أو بالفقر فصبر واحتسب ذلك عند الله، فسوف يكون من الذين يحبهم الله تعالى كما قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) وكما قال تعالى (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) واعلم أن أمر المؤمن كله خير كما في الحديث عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ (رواه مسلم ) علمت كيف يحبك الله سبحانه وتعالى إذا صبرت على الأذى والبلاء !!
ثامنا - محبة العبـد لله
والآن وقد تأكد لك وعلمت علم اليقين محبة الله لك، وأنه جعل كل شيء يحبك كما وعد، فجعل الملائكة يحبونك و يستغفرون لك،و وجعل لك القبول في الأرض، وجعل بين المؤمنين مودةً ورحمة، ألا تستحي وتبادل الحب بحب ؟واعلم أن المحبة على أربعة أقسام:
الأول- محبة الله ولا تكفي وحدها في النجاة من الله من عذابه والفوز بثوابه،فان عباد الصليب واليهود وغيرهم يحبون الله ،وهذه المحبة باللسان فقط دون العمل ،و بالقول دون تصديق بالقلب ،ويدخل تحتها المنافقون أيضا.
الثاني -محبة الله بالقول والعمل وهذه هي التي تدخله في الإسلام،وتخرجه من الكفر ،وأحب الناس إلى الله أقومهم بهذه المحبة وأشدهم فيها.
الثالث- الحب لله وفيه وهي محبة ما يحب الله .
الرابع- المحبة مع الله وهى المحبة الشركية ،وكل من أحب شيئا مع الله ،لا لله، ولا من أجله، ولا فيه، فقد اتخذه ندا من دون الله وهذه محبة المشركين.
والحب أصل كل عمل من حق وباطل، وهو أصل الأعمال الدينية وغيرها، وأصل الأعمال الدينية حب الله ورسوله، كما أن أصل الأقوال الدينية تصديق الله ورسوله،فالتصديق بالمحبة هو أصل الإيمان وهو قول وعمل ،و محبة الله تنقسم إلى:
المحبة الواجبة : وهي تقتضي أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ،بحيث لا يحب شيئا يبغضه كما قال تعالي (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) وذلك يقتضي محبة جميع ما أوجبه الله تعال،ي وبغض ما حرمه الله تعالى ،وذلك واجب، فيجب علي كل مؤمن أن يحب ما أحبه الله ويبغض ما أبغضه الله
المحبة المستحبة : وهي أن يحب ما أحبه الله من النوافل والفضائل محبة تامة وهذه حال المقربين الذين قربهم الله إليه كما في الحديث القدسي الذي رواه البخاري أن رسول الله قال فيما يرويه عن ربه (وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)
ويجب أن نعرف انه لا فرق بين الأركان التعبدية من شهادة أن لاإله إلا الله محمد رسول الله ،وإقام الصلاة، وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا ،وبين عمارة الدنيا ،والتي تؤدي إلى إسعاد الناس .
فالأركان التعبدية ضرورية للشحن الإيماني حتى نستطيع إعمار الدنيا .وأما تقسيم علماء الفقه للأركان إلى عبادات ومعاملات إنما هو تقسيم اصطلاحي فقط والبتالي تنقسم محبة العبد لله إلى:
محبة العبد لله في الأركان التعبدية وهي خالصة بين العبد وربه
محبة العبد لله في عمارة الدنيا وهي محبة العبد للعبد(رسالة قادمة )
محبة العبد لله
اعلموا أن دلائل محبة العبد لله سبحانه وتعالى هي الطاعة فإذا سألتك هل تحب الله سبحانه وتعالى؟ سوف تكون الاجابة: نعم طبعا وهل أحد يحب الله مثلي. فأقول هل تطيعه هل تصلى هل تصوم ؟ لا تترد في الإجابة
تعصي الإله وأنت تزعم حبه هذا محال في القياس شنيع
لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن أحب مطيع
إذا أراد العبد أن يتأكد من محبته لله لابد وأن تكون عبادته خالصة لوجه الله تعالى بمعنى أنه إذا ذهب إلى الصلاة ليصلي لابد أن يسأل نفسه لماذا يذهب للصلاة- وهكذا في كل العبادات- فيسأل هل الغاية هي الحصول على أجر هذه الصلاة -وهى مثلا الصلاة بعشر صلوات- وهذا لا حرج فيه إطلاقا ،لأن ذلك وعد الله سبحانه وتعالى لنا، أم أن الغاية هي حب لقاء الله سبحانه وتعالى، والتذلل والخشوع له، والشوق إلى لقاءه، حيث يجب أن تكون عبادتك لله عز وجل خالصة له كما قال تعالى (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا)ثم إذا ذهبت إلى الصلاة هل تريد أن يقصر الإمام في الصلاة حتى تلحق بالمسلسل أو بالمباراة ؟أم تريد أن يطيل في الصلاة حتى تطيل اللقاء مع الله سبحانه وتعالى؟ فتأنس به وينشرح صدرك وتحس أنك في ملكوت الله ،ولكن قبل أن تجيب انظر إلى قول الله تعالى لسيدنا موسى (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا موسى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى) وهنا يجب أن نسأل لماذا أطال سيدنا موسى في الحديث مع الله ،ولم يكتفي بقوله هي عصاي أتوكأ عليها فقط ،ولكنه زاد - وأهش بها على غنمي -إنما أراد أن يتلذذ بالكلام مع الله سبحانه وتعالى وهذا حال المحبين لا يملوا الحديث مع بعضهم .والآن أيهما أحب إليك: الانصراف مسرعا من الصلاة إلى مشاهدة التليفزيون أم التلذذ بالوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى ؟
المقصود من ذلك ألا ننظر إلى حجم الجزاء فقط بقدر أننا نقصد بهذا العمل التقرب من الله، والحب له، وإن كان هدف الحصول على الجزاء من الله مشروع أيضا بل واجب الحصول عليه ،لأنه من الله، ولكن حب الله غاية أسمى وأجل، وكذلك في كل العبادات يجب أن تكون الغاية منها هي محبة الله سبحانه فيجب أن يكون الله ورسوله أحب ألينا مما سواهما وهذا واضح من الحديث الآتي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الإيمان أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّار (رواه البخاري) فمحبة الله ورسوله تُوجِد حلاوة في القلب لا يحس الإنسان بمثلها، حتى ولو كانت في جماع الزوجة ،فإن كانت هذه لذة عظيمة فإن لذة التضرع إلى الله أعظم وأحلى، ولما لا يكون الله ورسوله أحب إلينا مما سواهما، وقد قدم الله لنا محبته فهو الذي خلقنا ،وهو الذي يرزقنا، وهو الذي أنعم علينا بنعم لا تعد ولا تحصى كما قال تعالى (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) فإياك أن تنشغل بالنعمة عن المنعم أو أن تعبد الله طمعا في جنته فقط أو خوفا من ناره فقط، و إنما تعبد الله لأنك تريد أن تراه في الآخرة . وإنا لنتساءل لو لم يكن هناك جنة أو نارا ألم نعبد الله سبحانه وتعالى ؟ يجب أن يحب الله تعالى لذاته
أحبك حبين حب الهوى وحبا لأنك أهـل لذاكـا
فأما الذي هو حب الهـوى فشغلي بذكرك عمن سواكـا
وأما الذي أنت أهل لــه فكشفك لي حتى أراكــا
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
وقد يسأل سائل كيف أصل إلى محبة الله عز وجل ؟
إن الله سبحانه تعالى لم يخلقنا مقهورين على عبادته وإنما خلقنا مختارين لنقبل على عبادته بكامل إرادتنا ووعينا، وأن نأتيه سبحانه عن حب له ولذاته ،فالله أراد لنا عبادة المحبوبية ،وأول طريق الوصول إلى حب الله سبحانه وتعالى أن تطيعه عن حب وليس عن قهر ،ولكي تصل إلى هذه المرحلة من الحب يجب أن تفعل الآتي:
أولا : اجعل لسانك دائما رطبا بذكر الله وشكره على كل أحوالك كما قال تعالى(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ) فذكر الله يبعث في القلب الطمأنينة والراحة النفسية كما قال تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) فإذا لم يشغلك ذكر الله شغلتك عنه المعاصي ،وذكر الله أيضا يجعل القلب في شوق دائم له سبحانه وتعالى كما كان يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإيمان وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِين (رواه النسائيَ) وإذا ذُكر الله تعالى أمامك تجد قلبك قد خشع له كما في قوله (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) فإذا ذُكر الله تعالى ولم يخشع قلبك ولم تتحرك جوارحك يناديك سبحانه (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) وإذا ذَكرت الله تعالى طالبا حبه سوف تجد حلاوة هذا الحب في قلبك إن شاء الله تعالى .
ثانيا : اقرأ القرآن الكريم كثيرا ،وتدبر معانيه،وجمال ألفاظه وإذا قرأت القرآن ولم تبكِ تباكى، فإنه أدعى للخشوع كما في الحديث عَنْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا ( رواه ابن ماجة) وكذلك وأنت تقرأ القرآن تدبر معانيه كما قال تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) وإذا لم يخشع قلبك لقراءة القرآن فلأي شيء غيره يخشع، يا أخي إن الجبال تخشع من خشية الله إذا قريء عليها القرآن كما قال تعالى(لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
ثالثا : اجعل قلبك دائما خاليا من الحقد والحسد،ومن كل أمراض القلوب ،واملأه بحب الله تعالى
رابعا : طاعة الله سبحانه وتعالى في كل ما يأمر به وما ينهى عنه
خامسا : أقبل على عبادة الله رويدا رويدا بحيث لا تكلف نفسك ما لا تطيق، فإن الله لا يمل حتى تمل، بحيث لا ترهق نفسك ،فتكون العبادة حملا ثقيلا عليك لا تتحمله ،واجعل عبادتك على مراحل كلا منها تكمل الأخرى حتى تصل إلى قمة العبادة ولا يؤثر ذلك عليك كثيرا.
سادسا : اختلِ بنفسك مع الله، وناجه واعترف له بذنوبك ،واندم على ما فعلت من معاصي، وابكِ على خطيئتك، فناجه بقولك ربى ليس لي رب سواك ،وليس لي ملجأ إلا إليك، إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري ،ربي أصلح لي شأني كله ،ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ربي إني أذنبت وندمت وأنت غفرت لي وسترتني ولم تفضحني ورزقتني ولم تحرمني أتمم علي نعمتك وسترك في الدنيا والآخرة . ناجه وقل له ربي ربي أنت ربي أنت أرحم الراحمين ارحمني في الدنيا والآخرة، أنت القوي وأنا الضعيف، أنت الغني وأنا الفقير، أنت العزيز وأنا الذليل، أنت الغفور وأنا الذي أغرقتني الذنوب .ربي أريد أن أحبك فارزقني حبك وحب من أحبك وحب كل عمل يوصلني إلى حبك، اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب، وما منعته عني مما أحب فاجعله لي فراغا فيما تحب . المقصود من ذلك أن تقول كل ما تريد لله سبحانه وتعالى بكل حب وذل وخضوع ،واعلم إنما الذل إلى الله عزه ما بعدها عزة تجد حلاوتها في قلبك .
وإني لا آت الذنب أعرف قدره وأعلم أن الله يعفو ويغفر
لئن عظم الناس الذنوب فإنها وإن عظمت في رحمة الله تصغر
سابعا : احرص على قدر المستطاع على صلاة قيام الليل، فإنها تدخل في القلب سرورا وطمأنينة وراحة بال .
ثامنا : كن اجتماعيا تحب الناس ،وتعمل على قضاء مصالحهم ولا تحكم على نفسك بالعزلة بدعوى العبادة ،فلم يخلقنا الله سبحانه إلا لنتفاعل مع الآخرين.ونرشدهم إلى عبادة الرحمن .
تاسعا: إذا أردت أن تكلم الله تعالى أُدخل في الصلاة اجعله أكبر من كل شيء في حياتك وسبح بحمده وعظمه وادعوه وإذا أردت أن يكلمك الله تعالى إقرأ القرآن فسوف تجده يحدثك بقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا،أو يا أيها الناس، ويأمرك بأشياء هي في صالحك وصلاح المجتمع، وينهاك عن أشياء يكون فيها ضرر لك وفساد المجتمع .
عاشرا: اعلم أننا كلنا خطاءون ،واعلم أيضا أن خير الخطائين التوابون فلا تجرك المعصية إلى أختها أو إلى اكبر منها فتهلك ولكن كن على يقين أن الحسنات يذهبن السيئات وأن الله تواب رحيم لمن أراد أن يتوب . هذا باختصار ولا أريد أن أطيل أو أسهب في شرح كل نقطة من النقاط السابقة فلذلك تؤلف الكتب وإنما هو إرشاد لمن أراد أن يعرف حب الله في قلبه ويحس به وانظر إلى الإنس بالله
فليتك تحلـو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب وايضا قال الإمام الشافعي
تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفـــوك أعظمـا
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجا منك لعفوك سلمـا
فمازلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منة وتكرمـا
فلولاك لم يصمد لإبليس عابد فكيف وقد أغوى صفيك آدما
وانظر إلى حب الله لك ورحمته بك وحرصه عليك يقول الله تعالى في الحديث القدسي عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : قال الله عز و جل : إني و الإنس و الجن في نبأ عظيم أخلق و يعبد غيري و أرزق و يشكر غيري خيري إلى العباد صاعد وشرهم إلي نازل أتودد إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إلي ،أهل طاعتي أهل محبتي،أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي ،إن تابوا إلي فأنا حبيبهم ،وإن أبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب ، من أتاني منهم تائبا تلقيته من بعيد ومن أعرض عني ناديته من قريب أقول له : أين تذهب ؟ ألك رب سواي،الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد،والسيئة عندي بمثلها وأعفو،وعزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرتها لهم (روى البيهقي في شعب الإيمان الجزء الأول منه )
دعوة للحب
أحبوا الله الذي خلقكم بيده وصوركم فأحسن صوركم ونفخ فيكم من روحه ،واعلموا أن الله خلقكم ليسبغ عليكم نعمه وأن الله غني عن العالمين ، فإذا كان الناس يأنسون بالناس فأنسوا أنتم بالله ،وإذا كان الناس يتوددون إلى الناس فتوددوا أنتم إلى الله، وإذا استغنى الناس بالدنيا عن الناس فاستغنوا أنتم عن الدنيا بالله، وإذا استعان الناس على مصائبهم بالناس فاستعينوا أنتم على مصائبكم بالله ،وإذا غفل الناس عن ذكر الله فاذكروا أنتم الله
أحبوا الله بل املئوا قلوبكم بحب الله تحبون كل شيء ويحبكم كل شيء، اجعلوا الله أغلى شيء في حياتكم اجعلوه أغلى من ملذاتكم وأغلى من شهواتكم وأغلى من دنياكم التي تغركم ،اجعلوه أغلى من أنفسكم ومن أولادكم ومن أزواجكم
دعاء الحب
اللهم ارزقني حبك وحب من أحبك وحب كل عمل يقربني إلى حبك اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب وما زويت عني مما أحب فاجعله فراغا لي فيما تحب اللهم إني أغرقتني الذنوب وأهلكتني المعاصي وخدعتني قوتي وغرتني دنياي وأغواني الشيطان وفتنني المال وأنت أرحم الراحمين ذو الفضل العظيم تغفر وترحم فاغفر لي ذنوبي واستر علي معصيتي وارزقني قوة في سبيلك وهون علي أمر الدنيا وانصرني على الشيطان اللهم أنت ربي فليس لي رب سواك لا تكلني إلى نفسي فأهلك أو إلى الدنيا فأذل أو إلى الشيطان فأشقى وخذ بيدي إلى رحابك أأنس بالقرب منك وأسعد بالتودد إليك وأفرح بحبك لي. اللهم لك الحمد كله, اللهم لا قابض لما بسطت ولا باسط لما قبضت, ولا هادي لمن أضللت, ولا مضل لمن هديت, ولا معطي لما منعت ولا مانع لما أعطيت, ولا مقرب لما باعدت, ولا مباعد لما قربت. اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك, اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول. اللهم إني أسألك النعيم يوم العيلة والأمن يوم الخوف. اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا ومن شر ما منعتنا. اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين. اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين. اللهم ارزقنا الشوق إلى لقاءك ولذة النظر إلى وجهك، يا أرحم الراحمين ،يا أكرم العالمين ،يا أمان الخائفين، يا مجير المستجيرين يا الله . وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا ما انتهيت إليه فإن أصبت فمن الله وحده ، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان ، والله أعلم .
وفي النهاية أتمنى من الله العلي القدير أن أكون قد وفقت في أن ألقي الضوء على حقيقة الحب بين الله وعباده ويسعدني أن أتلقى آرائكم وتقيمكم لهذا الموضوع وإبداء مقترحاتكم حتى تكون نورا يضيء لي الطريق ويصحح لي المسار والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
التوقيع:
تعصي الإله وأن تظهر حبه*** هذا لعمري في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعتـه*** إن المحب لمن يحب مطيع
من عرف المحبة عن يقين*** محال أن يميـل إلى فراق
وكيف أحب غير الله يوما *** وليس سواه في الأكوان باق
فلـو أنا إذا متنـا تركنـا *** لكان الموت راحـة كل حي
ولكنـا إذا متنـا بعثنـا *** ونسأل یومذا عن كل شي
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحب الإلهي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع