إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-13-2018, 05:50 PM
الصورة الرمزية على الشامى
على الشامى على الشامى غير متواجد حالياً
إداره الموقع
 

افتراضي د عمرو الليثي يكتب صديق العمر (10)



رحلتى مع صديق العمر أبى ليست شكلا تقليديا من علاقة الأب بابنه، بل إنها مزيج مختلط تجمع فى طياتها كل أشكال العلاقات الإنسانية.. ففى لحظة هو أبى الذى يقول لى فى بداية حياتى احترس من السجائر لأنها تضر بصحتك، ويحكى لى عن تجربته مع أبطال السجائر فى شهر فبراير عام 1977، وبعد فترة استمرت قرابة 40 سنة يشرب فيها السجائر، ويقول لى: «أكبر غلطة فى حياتى إنى كنت بدخن»، وتحول إلى عدو للدخان والسجائر.. وكنت أستمع له هنا بأذن الابن لأبيه الذى ينصحه ويوجهه، وتارة أخرى بروح المعلم.. عندما يقول لى: عمرو، المقال اللى كتبته الأسبوع ده معجبنيش.. عمرو، الحلقة بتاعة امبارح فى «اختراق» كنت طالع فيها عصبى شوية.. عمرو، إيه الكرافتة السَّكَّة اللى كنت لابسها امبارح، حابعتلك من عندى كرافتة أحسن.. عمرو، شوف صحتك انت بدل ما انت عشمال تقول صحتى، شوف مشاكل قلبك.. وكان هنا المعلم الذى كان يتحدث.. يوجه بخبرة وهدوء شديد.. والغريب عندما أعود بذاكرتى إلى الوراء أتذكر أن أبى لم يقم يوماً ما بضربى أنا أو أخى، بل كان يكفى أن ينظر لنا نظرة من عينيه الثاقبتين، أو أن «يقاطعنا»، وذلك كان يوماً أسود فى حياتى عندما يغضب علىَّ بابا.. ولا أجد أمامى سوى العظيمة أمى التى تقول لى: أنا هاحاول أكلمه.. وبعدها بلحظات أكون واقفاً أمامه «بابا.. أنا آسف» وأمسك يده أقبّلها، وبعدها أقوله: خلاص مش زعلان؟!
فيسكت ثم يبتسم بتلطف.. فأستطيع أن أعاود حياتى بشكل طبيعى.. كانت أكبر كارثة ممكن تحيط بى يوم أن أغضبه، أو أتكلم بأسلوب لا يعجبه على المستوى الخاص أو العام.. أما الوجه الآخر فهو وجه الصديق الذى أفضفض له مشاكلى العاطفية فى بداية حياتى فيبادلنى الحوار ويحكى لى عن ذكرياته قبل زواجه من أمى، والحب الأول، وبنت الجيران.. وأنا أحكى له كل شىء، وكنت لا أخبئ عنه شيئاً..
وفى لحظات كثيرة عندما كانت تمر بى ظروف.. ويتآمر علىَّ المتآمرون، أو يقوم أحد الأشخاص بسبّى والإساءة لى دون حق أذهب إليه وأحكى له، فيرد رده المعروف «ارمى من ورا ضهرك»، «يا ابنى أنا مريت فى حياتى بمؤامرات كتيرة، واتضربت فى ضهرى وعمرى ما اتهزيت.. خليك مقاتل ولا تهتز»، كانت كلماته تنزل على قلبى برداً وسلاماً.. وكانت تحمل لى الطمأنينة.. لذلك فهمت المقولة التى تتحدث عن فقدان الابن لأبيه، وشعوره بأن مصدر الأمان والسند والطمأنينة قد رحل.. وقد شعرت بهذا الشعور وأنا أحمل نعش والدى إلى مثواه الأخير.. وللحديث بقية مع صديق العمر.
التوقيع:


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع