إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-20-2018, 09:42 AM
رضا البطاوى رضا البطاوى غير متواجد حالياً
عضو
 

افتراضي نقد جمهورية أفلاطون

[align=justify]نقد جمهورية أفلاطون
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد
كتاب الجمهورية أو جمهورية أفلاطون من الكتب التى أخذت شهرة فى عالمنا غير مبررة يبدو مرجعها على أمرين :
الأول أنها تناولت كما يقول البعض مقولة المدينة الفاضلة أو اليوتوبيا لأول مرة فى التاريخ وهو زعم غير صحيح
الثانى انبهار تلاميذ الفلسفة فى العصر الحديث فى بلادنا بالمحاورة وعملهم على نشرها وتناولها فى أبحاثهم وكتبهم عبر تعلمهم على أساتذة الغرب تلك الفلسفة
تبدو المحاورة كغيرها من المحاورات الأفلاطونية قد أصابها التحريف فالمفترض أن الرجل يتناول تأسيس دولة عادلة ولكن المحاورة تتحدث عن دولتين الأولى وهى المشهورة والمعروفة دولة يحكمها فيلسوف أو فلاسفة والمجتمع فيها طبقى والطبقة الحامية للدولة تعيش عيشة المشاع فى المال والنساء والأولاد ويغرقها الحكام بالتشريفات والتكريمات والعطايا والثانية دولة النموذج الإلهى وهى دولة يبدو أن النصوص الخاصة بها حذفت لتحل محل الدولة الأولى
والمفترض أن الرجل يتكلم عن إله واحد ومع هذا نجد نصوص متناقضة عن إله واحد هو الله وآلهة متعددة
تبدأ المحاورة بذهاب سقراط لبلدة بيرايوس للصلاة ومشاهدة الاحتفال بالعيد فيقول أفلاطون:
"بالأمس هبطت إلى بيرايوس مع جلوكون بن ارستون لأؤدى فروض الصلاة إلى الآلهة كما أردت فى الوقت نفسه أن أرى كيف يحتفلون بالعيد إذ أنهم كانوا يحتفلون به للمرة الأولى "ص177
المحاورة كما يبدو من اسمها تتناول الدولة من خلال الحديث عن العدل والظلم وأنواع الحكومات وسكان الدولة وتقسيمهم وتربيتهم
الحكام والصالح العام:
بين الرجل أن الحكام والحكومات لا يعملون لصالحهم الخاص وإنما لصالح الناس الضعفاء فقال:
"وإذن فلم يعد شك الآن يا ثراسيماخوس فى أنه لا الفنون ولا الحكومات تعمل لصالحها الخاص ولكنهم كما قلت من قبل يحكمون ويهتمون بصالح موضوعاتهم ورعاياها أعنى الضعفاء لا الأقوياء "ص201
بالطبع المفترض أن كلامه عن الحكومات والحكام الصالحين ولكن الكلام على الحكومات على إطلاقها هو ضرب من الجنون فمعظم الحكومات يعمل حكامها على العمل لصالحهم بمعنى الاستحواذ على الثروات والسلطة وحرمان الشعب منها
أجر الحاكم:
وضح الرجل أنه لا يوجد حاكم يعمل دون أجر فقال:
"ولذا السبب ذاته يا عزيزى ذكرت منذ قليل أن لا أحد يرغب من تلقاء ذاته أن يحكم وفى أن يأخذ على عاتقه تقويم الشرور التى لا تهمه دون أجر لأن الفنان الصحيح إذ يؤدى عمله ويلقى بالأوامر إلى غيره لا يضع نصب عينيه نفعه الخاص وإنما نفع من يطلبون فنه وعلى ذلك فلكى يقبل الحكام أن يحكموا يتعين على الدولة أن تدفع لهم إما بالمال وإما بالتكريم أو أن تعاقبهم فى حالة الرفض"ص201
والكلام على عمومه خاطىء فمعظم الحكام عبر التاريخ حكموا من قبل أنفسهم حيث قاموا بالاستيلاء على السلطة بالخديعة أو بالقوة بينما القلة القليلة هى من حكمت دون رغبتها
سبب تولى الخيرين الحكم:
وضح الرجل أن السبب الذى يجبر الخير على تولى الحكم دون إرادته هى الخوف أن يحكمه من هو دونه قدرا فقال:
"على أن أسوأ أنواع العقاب التى يمكن أن تحل على من يأبى أن يحكم هو أن يحكمه من هو دونه قدرا وإننى لأعتقد أن الخوف من هذا النوع من العقاب هو الذى يدفع الخيرين إلى تولى المناصب لا رغبة فيها وإنما لأن كل حل غير ذلك شر أى أنهم لا يحكمون وفى ذهنهم أنهم سينتفعون أو يتنعمون وإنما لأن الضرورة ارتضت ذلك ولأنهم لا يمكنهم أن يجدوا من هو أصلح منهم أو على الأقل مثلهم ليعهدوا إليه بمهام الحكم"ص202
بالطبع هناك أسباب متعددة لتولى الخيرين الحكم أهمها خوفهم من عقاب الله لهم فى الآخرة لأنهم تركوا شرع الله لا يطبق وخوفهم من فساد الدولة إن تولى أمرها شرير أو خير ليس له رؤية ثاقبة
تبدل أسماء المحرمات:
بين الرجل فى حديثه أن الناس يبدلون الأسماء المحرمة كالظلم بأسماء لا تعنى نفس المعنى كتسمية الظلم فطنة فقال :
"-عكس ما ذكرت أتسمى العدالة رذيلة إذن
-كلا أوثر أن أسميها بلاهة مبعثها الطيبة
-وإذن فالظلم فى رأيك منبعث عن الخبث؟
-كلا أفضل أن أطلق عليه اسم الفطنة"ص203
وهو يبين بذلك أن كثير من الناس يعتبرون الطيبة جنون والظلم ذكاء مع أنه العكس
مراد العادل والظالم مع أمثاله وأعدائه:
بين الرجل أن العادل لا يريد التفوق على أصحابه والمراد مواطنى دولته بل يريد أن يكون مماثل مساوى لهم وهو يريد التفوق على أعدائه وأما الظالم فيريد أن يكون أفضل من مواطنى دولته ومن أعدائه معا فقال :
"وإذن فقد وصلنا الآن إلى هذه المرحلة من بحثنا فالعادل لا يريد أكثر مما لدى مثيله وإنما أكثر مما لدى نقيضه أما الظالم فيريد أكثر مما لدى مثيله ونقيضه معا"ص205
وقال:
"إذن فالحكيم والخير لا يود أن يتفوق على مثيله وإنما على ضده والمخالف له "ص206
وهى وجهة نظر صحيحة
عدل الله:
يؤمن الرجل بكون الله عادل فيقول:
"ولا جدال فى أن الآلهة عادلون ص209
وقد بين أن الخيرية وهى العدالة الإلهية هى من يجب تنفيذها فقال :
"ولكن أليس الله فى ذاته خير وأليست هذه الصفة التى يجب أن يمثل عليها" ص239
شر الظالم لا يكون كاملا:
بين الرجل أن الحاكم الظالم لا يمكن أن يرتكب كل الشرور وهو يقصد أنه لن يقتل رعيته كلها لأنه محتاج إلى خدماتهم ومن ثم ظلمه يكون فى حدود بحيث يجد من يحرسه من يطعمه من يشبع شهوته الجنسية من يأخذ منه كثير من ماله من يضربه من يجرحه ....وهذا الظلم المحدد يجعل الظالم يجعل شعبه يقوم بأعمال تمجده وفى هذا قال :
" فنحن قد بينا أن العادل أحكم وأصلح وأقدر على العمل من الظالم وأن الظالمين عاجزون عن القيام بأى عمل يقتضى تعاونا فإذا قيل أن فى وسع الظالمين على الرغم من ظلمهم أن يقوموا سويا بأعمال كثيرة لأكدنا أن هذا خطأ تماما إذ لو كان شرهم كاملا لأطبق كل منهم على الأخر كما ينقضون على ضحاياهم فهم فى أعمالهم إنما كانوا نصف أشرار إذ لو كان شرهم مطلقا وظلمهم تاما لما أمكنهم القيام بأى عمل على الإطلاق هذا فى رأيى هى الحقيقة ص209
الفضيلة والرذيلة:
عرف الرجل الفضيلة بكونها صحة النفس وجمالها وقوتها والرذيلة بكونها مرض النفس وقبحها وضعفها فقال :
"فالفضيلة هى إذن على ما يتراءى لى صحة النفس وجمالها وقوتها وأما الرذيلة فهى مرضها وقبحها وضعفها ص320
ماهية العدالة:
بين الرجل أن العدالة هى كمال النفس والمراد تحليها بالفضائل كما أن الظلم هو تحلى النفس بالرذائل فقال :
"ولقد سلمنا بأن العدالة كمال النفس والظلم نقصها "ص212
فذلك يا صديقى أعنى انصراف كل إلى ما يعنيه هو ما قد يؤدى بنا إلى العدالة "ص305
وبين معنى أخر للعدالة وهو أن يمتلك المرء ما ينتمى فعلا ويؤدى الوظيفة الخاصة به فقال:
-فهذا إذن سبب أخر يقنعنا بأن العدالة إنما هى أن يمتلك المرء ما ينتمى فعلا ويؤدى الوظيفة الخاصة به"ص306
وكرر الرجل أن العدالة هى تنفيذ كل فريق العمل الملائم له فى مجاله فقال :
"أما إذا اقتصرت كل من الطوائف الثلاث ص306 الصناع والمحاربين والحكام على مجالها الخاص وتولت كل منها العمل الذى يلائمها فى الدولة فهذا عكس كل ما قلناه الآن أى هو العدل وهذا هو ما يجعل الدولة عادلة "ص307
وبالقطع هذا يخالف تعريف كمال النفس فهناك أمور فى النفس لا تتعلق بمجال العمل مثل علاقته بأقاربه كوالديه ومثل علاقته بأصحابه خارج مجال العمل
طبقات الدولة :
قرر الرجل أن الدولة تتكون من طبقات وأن النظام الطبقى هى العادل فقال:
-وإذن فالإنسان العادل لا يختلف عن الدولة العادلة فى كل ما يتعلق بصفة العدالة وإنما يشبهها فى ذلك
_أجل إنه يشبهها
_على أننا قد رأينا أن الواقعية فى الدولة إذا ما قامت كل طبقة من الطبقات التى تكون بما بما يتعين عليها أداؤه ص307
ونظام الطبقات يناقض مقولة أن الخير لا يود أن يتفوق على مثيله فى قوله:
"إذن فالحكيم والخير لا يود أن يتفوق على مثيله وإنما على ضده والمخالف له "ص206
فالطبقية لا تعنى التماثل أى المساواة فى الحقوق والواجبات
سبب نشأة الدولة:
وضح الرجل أن الدولة تنشأ عن عجز الفرد عن الاكتفاء بذاته وحاجته إلى أشياء لا حصر لها فقال :
"فقلت فى اعتقادى أن الدولة تنشأ عن عجز الفرد عن الاكتفاء بذاته وحاجته إلى أشياء لا حصر لها ص225
وبالطبع سبب نشأة أى دولة ليست العجز من قبل الفرد وإنما إيمان أفراد بحكم أى شرع معين يريدون تنفيذه خاصة إذا كان فى الشرع أمر بتنفيذه وهو ما يسمى السلطة من قبل الحكم الذى هو الدين وسواه سماه البشر دستور أو قانون أو عادات أو تقاليد أو غير ذلك
أنواع الحكومات :
وضح الرجل أن الحكومات خمسة أنواع والنفوس طبقا لها خمسة أنواع وهى
الحكومة الملكية حيث السلطة لفرد واحد
الحكومة الأرستقراطية حيث السلطة لعدة أفراد
الحكومة الديمقراطية
الحكومة الأوليجاركية
حكومة الطغيان وفى هذا قال :
"-إن للحكومات أنواعا خمسة وللنفوس بدورها أنواعا خمسة
_سمها إذن
_إن نوع الحكومة الذى تتبعناه إلى ألان هو أحد هذه الأنواع وإن يكن فى وسعنا أن نطلق عليه اسمين فإذا سيطر أحد الحاكمين على الباقين كان ذلك النوع حكومة ملكية وإذا تقاسم السلطة عدة أشخاص كان أرستقراطية
-هذا صحيح
- فهذان إذن ليسا نوعا واحدا إذ أن وجود عدة رؤساء أو وجود رئيس واحد لا يغير من قوانين الدولة الأساسية شيئا وذلك إذا كان هؤلاء القادة قد تلقوا التربية والتهذيب اللذين عرضنا لهما ص321
كما قال :
"فقلت ليس من الصعب أن ألبى رغبتك إذ أن للحكومات التى أقصدها أسماء معروفة وهاهى ذى إن أولها هى الحكومة المشهورة فى كريت وإسبرطة وهى الحكومة التى يشيع الإعجاب بها والثانية فى الترتيب وفى المكانة الأوليجاركية وهى حكومة فيها عيوب عديدة وتليها حكومة هى عكس الحكومة السابقة وأعنى بها الديمقراطية وأخيرا حكومة الطغيان التى يظن أنها حكومة مجيدة والتى تتجاوز الأخريات جميعا من حيث أنها الداء الرابع والأخير للمجتمع فهل تعتقد أن للحكومات نوعا أخر يمكن حسبانه نوعا قائما بذاته هناك بالطبع حكومات الملكية الوراثية وتلك التى يمكن شراء مناصب الحكم فيها غير أن هذه يمكن أن تندرج تحت تلك التى ذكرتها ويوجد منها لدى الأجانب مثلما يوجد لدى اليونانيين ص439
بالطبع كلمة الطغيان وهو نوع من الحكومات عنده تدخل فى معظم الحكومات الأخرى فالملك وحاشيته قد يكونون طغاة وهو الغالب والحكام المتعددون وهى حكومة الأرستقراط غالبا ما تكون حكومة طغاة وحكومة القلية وهى الحكومة الأوليجاركية نفس الأمر
ومن ثم فهذا التقسيم خاطىء لأن حكومات العالم على نوعين :
الأول حكومة الملأ والمراد كل ما ذكره الرجل من أنواع فهى تقوم على حكم البعض للكل حيث ينفذ البعض ما يشرعه من أحكام وقوانين غالبا تعمل قى صالح الحكام وإن بدا بعضها أنه فى صالح الناس عامة كالنص المعروف فى الدساتير المختلفة فى البلاد المختلفة والقاضى بتساوى المواطنين فى الحقوق والواجبات وهو نص تخالفه الكثير من القوانين فى كل دولة
الثانية حكومة الشورى أى حكومة الله وهى تقوم على حكم الله للكل فالناس فيها منفذون لعدل الله فى بعضهم البعض
تشابه الدولة وأفرادها:
وضح الرجل أن هناك تطابق بين الدولة وأفرادها فى العناصر والصفات فقال:
-ينبغى علينا أن نسلم بأن نفس العناصر والصفات التى تظهر فى الدولة تتمثل فى كل فرد منها أيضا ذلك لأن الدولة لا تستمد هذه الصفات إلا منا ومن المحال أن يتخيل المرء أن صفة الاندفاع التى نلمسها فى الدول المشهورة بالعنف كدولة التراقيين والاسكوذيين وشعوب الشمال بعامة أو صفة الميل إلى العلم التى نلمسها فى بلدنا هذا أو حب المال الذى يمكننا أن نعده الصفة الأولى الفينقيين وسكان مصر أقول إن من المحال أن يتخيل المرء أن هذه الصفات لم تنتقل على الدولة من أفرادها ص308
وهو كلام خاطىء فالدولة إنما شرعها أى قانونها الذى يؤمن به البعض ليس مسلما به عند كل أفرادها وهم سكانها لأن الغالب فى الدول أن سكان الدولة لا يؤمنون جميعا بشريعتها فالمؤمن بها هو من يمسكها ويديرها وأتباعه وهم غالبا أغنياء البلد باستثناء دولة العدل وحتى هذه الدولة هناك داخلها من لا يؤمن بها لأنها أخذت مميزاته وساوت بينه وبين غيره
ويجعل الرجل الدولة تتشابه فى النفس فى تركيبها بقوله:
فهل هو متميز عن العقل أيضا أم أنه ليس إلا حالة من حالاته بحيث لا تكون النفس مشتملة على ثلاثة أجزاء وإنما على جزءين هما العقل والرغبة أم النفس أيضا شأنها شأن الدولة التى تشتمل على طبقات ثلاث الصناع والمحاربون والحكام تنطوى على مبدأ ثالث هو الغضب الذى يحارب فى سبيل العقل إن لم تفسده التربية السيئة؟
-لابد أن يكون الغضب هو ذلك الجزء الثالث
-أجل إذا ثبت لنا أن الغضب يتميز عن العقل مثلما أدركنا تميزه عن الرغبة ص315
بالقطع التشبيه خاطىء فالدولة لا تحتوى على ثلاث طبقات أو أنواع من الناس وهم الصناع والمحاربون والحكام أى طبقا لتقسيمه لأجزاء النفس الرغبة والغضب والعقل مقابل كل صنف من الثلاثة فهذا التقسيم يخرج الفلاحين ويخرج الخدم ويخرج المعلمين ....... من الدولة فالدولة كالنفس لابد أن تحتوى على كل الأعضاء وليس على جزء منهم وتهمل الباقى
نظام الوظيفة:
بين الرجل أن من ولد فتعلم من آباه وظيفته يجب عليه أن يكون عاملا بها فيما بعد ولا يغيرها فقال:
لقد كانت تلك الصورة البسيطة للعدالة التى أعانتنا على أن نكشف الأصل هى ذلك النظام البديع الذى ينبغى بمقتضاه لمن ولد ليكون حذاء أن يقتصر على صناعة الأحذية ولمن ولد نجارا أن يقتصر على صناعة النجارة وبالمثل فى باقى الصناعات ص318
بالقطع الكلام خاطىء فلا أحد يولد بوظيفة فكل إنسان يولد ولديه استعداد للعمل بكل الوظائف ولكن الظروف هى التى توجه كل فرد للعمل بوظيفة معينة سواء كان مقتنعا بها أم لا وحكاية توارث الوظائف هى ابقاء للظلم على ما هو عليه فليس من حق ابن الحذاء أن يكون فيلسوفا وإن كان لديه عقل أفضل من ابن الفيلسوف وليس من حق ابن النجار أن يكون مقاتلا ولو كان واسع الحيلة قوى الجسم
هذه الفقرة تؤسس لمجتمع الظلم ولا تجعل الأفراد لهم نفس الحقوق والواجبات
ووضح الرجل أن المرأة كالرجل فى الوظائف كالحراسة لا فرق بينهم مع أنه يعترف بكونها أضعف من الرجل فى هذا الجزاء من المحاورة:
-ففى المرأة إذن كما فى الرجل طبيعة تتلاءم مع حراسة الدولة وكل ما فى الأمر لأن هذه الطبيعة لديها أضعف مما هى لدى الرجل
- هذا واضح
- فعلينا إذن أن نختار هذا النوع من النساء ليشاركن هذا النوع من الرجال حياة الحراس وواجباتهم لأن قدرتهن تؤهلهن لذلك ولأنهن يتشابهن فى طبائعهن مع أولئك الرجال
-لابد أن نفعل ذلك ص331
تساوى الرجال والنساء فى الدولة:
بين الرجل أن النساء المقاتلات كالرجال المقاتلين لا فرق بينهم حتى فى تعرية الأجسام والأعمال:
-وإذن فعلى نساء الحرس أن يقفن عاريات ما دمن سيكتسين برداء من الفضيلة وعليهن أن يشاركن الرجال فى الحرب وفى كل الأعمال التى تتعلق بحراسة الدولة دون أن يقمن بأى عمل أخر وكل ما فى الأمر أن علينا أن نعهد إليهن بأسهل الأعمال بالقياس إلى ما يقوم به الرجال ص332
ونلاحظ أنه يناقض نفسه فى نهاية الفقرة حيث يسند أسهل الأعمال للنساء فلو كن متساويات ما قال هذا وما قاله فى الفقرة السابقة أنهن أضعف من الرجال
وبين الرجل أنه يجب أن تكون صفات الرجل والنساء الشركاء فى الحراسة والمراد القتال والحرب متوافقة والمعاملة تكون واحدة لهم فى قوله :
فإن كنت مشرعا فعليك أن تختار للرجال الذين انتقيتهم أقرب النساء إلى طبيعتهم ثم تجمع بين هؤلاء وأولئك فيكون للجنسين نفس المسكن ونفس الطعام ما دام من المحظور على أحد أن يملك شيئا لنفسه ويعيشون سويا ويختلطون معا فى الرياضة البدنية وفى بقية التدريبات ويشعرون برابطة قوية تجمع بينهم بالطبيعة أليس من الضرورى أن يحدث هذا ص334
وكرر الرجل كلامه عن الشراكة التامة والتساوى بين الرجل والمرأة فقال فى هذا الجزء من المحاورة التالى:
وإذن فأنت توافق على أن تشترك النساء مع الرجال فى كل شىء كما قلنا من قبل أعنى فى شئون التربية والأطفال وحراسة بقية المواطنين وأن على النساء سواء ظللن فى المدينة أم ذهبن إلى الحرب أن يسهمن فى حراسة الدولة ويشتركن مع الرجال كما تفعل إناث الكلاب حين تشارك ذكورها فى الصيد والحراسة وأن يتقاسمن معهم كل شىء أتوافق على أن يفعلن كل هذا بقدر ما فى وسعهن وألا يتجاوزن النظام الذى وضعته بين الرجل والمرأة وذلك فى الأمور التى خلقت للجنسين القدرة على التعاون فيها
-أوافق على ذلك ص345
ويقرر الرجل ضرورة تزاوج الرجال المقاتلين بالنساء المقاتلات للحفاظ على أصالة القطيع من خلال ولادة أطفال أقوياء مثلهم فيقول:
"من الضرورى تبعا للمبادىء التى أقررناها أن يتزاوج هذا النوع الرفيع من الجنسين على أوسع نطاق ممكن وأن يتزاوج النوع الأدنى على أضيق نطاق ممكن ولابد من تربية أطفال الأولين لا الآخرين إن كنا نود أن نحتفظ للقطيع بأصالته ومن الناحية الأخرى على الحكام أن يدركوا وحدهم سر هذا الإجراء كيما يتجنبوا على قدر استطاعتهم كل خلاف داخل قطيع الحراس ص336
بالطبع كلام لا أساس له فضعف الطفل وقوته لا يعود لأمه وأبيه وإنما لإرادة الخالق وأساطير الإغريق مليئة بأبناء الآلهة المزعومة المصابين بالعاهات والضعف رغم قوة وجمال الآباء والأمهات
تربية أطفال الدولة:
فرق الرجل بين المواطنين من حيث الأولاد فجعل هناك أبناء صفوة وأبناء الأقل رتبة وجعل تربية هؤلاء تختلف عن الأخرين بسبب مرتبة الوالدين فقال :
-أما الأطفال فعندما يولدون يعهد لهم إلى هيئة تتولى شئونهم تتكون إما من رجال وإما من نساء وإما من الجنسين معا ما دامت المهام العامة مشتركة بين الرجال والنساء
حسن ومن الواجب أن يعنى هؤلاء الموظفون بأبناء صفوة المواطنين ويعهدوا بهم إلى مربيات يقطن وحدهن مكانا خاصا من المدينة أما أطفال المواطنين الأقل مرتبة الذين يولدون وفى أجسامهم عيب أو تشوه فعليهم أن يخبئوهم فى مكان خفى بعيد عن الأعين
-أجل إذا أردنا الحفاظ على نسل الحراس"ص337
وبالقطع الرجل هنا يعتبر رجل قاسى بشكل مستفز وكأن الأطفال المعاقين هم من خلقوا أنفسهم وينبغى التخلص منهم باخفاءهم عن أعين الناس
كما أن الرجل يجعل التربية بعيدا عن الآباء والأمهات من خلال ما أسماه بهيئة تربية الأطفال وهو مقولة فاشلة فلا تربيو دون الأب والأم كما قال تعالى "وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا"فالأغراب لن يربوا الأطفال كأطفالهم بالضبط ولن يحصلوا على الحنان الكامل من خلال تلك الهيئة
وبين الرجل أنه لا يجب أن يعرف الطفل أمه الحقيقية فالأم المقاتلة عندما تمتلىء أثداؤها باللبن تأتى لارضاع الأطفال دون أن يتم تعريفها بابنها أو ببنتها وهو قوله:
-وعليهم أن يعنوا بتغذية الأطفال وينقلوا الأمهات إلى دور الحضانة عندما تمتلىء أثداؤهن باللبن مع اتخاذ كل التدابير الكفيلة بألا تتعرف الأمهات على أطفالهن فإن لم يكن فى وسع الأمهات أن يرضعن فلابد من إيجاد مرضعات ومن الواجب تحديد الوقت الذى تقوم فيه الأمهات بالرضاعة بحيث لا يقمن بالسهر على الأطفال لأن هذه وغيرها من الأعمال من شأن المربيات والخدم ص337
وهى طريقة تربية قاسية بلا رحمة وهى تساعد على شيوع زواج الأقارب لأن لا أحد يعرف هذا ابن ولا هذه بنت من كما أن الطريقة تقوم حتى على حرمان الأطفال من حنان الأمهات من خلال منع الأمهات من السهر عليهم
والفقرة تكرس مقولة الطبقية والعنصرية من خلال التفرقة بين طبقة الحراس وطبقة المربيات والخدم وهى مقولة خاطئة فلا أحد يولد مقاتلا ولا أحد يولد خادما وإنما الكل صفحة بيضاء بلا أى علم كما قال تعالى "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"ومن ثم فالكل لديه نفس الخاصية
الأطفال فى الدولة:
بين الرجل أنه لا يسمح للمرأة بالإنجاب قبل العشرين ولا بعد الأربعين كما لا يسمح للرجل بالإنجاب بعد الخامسة والخمسين حفاظا فى زعمه على قوة النسل وهو ما يبينه هذا الجزء من المحاورة:
-أى الأعوام تعنى
-أعنى أن للمرأة أن تنجب للدولة أطفالا منذ سن العشرين حتى الأربعين أما الرجل فبعد أن يجتاز أشد فترات العمر حماسة للسباق يظل ينجب أطفالا حتى الخامسة والخمسين
-الحق أن هذه هى الفترة التى تبلغ فيها القوى الجسمية والذهنية عند الجنسين أقصى مداها ص338
وهو كلام جنونى فلا أحد يستطيع أن يتحكم فى عملية الانجاب مهما كان ومهما ابتكر من أساليب كما أن السن لا علاقة له بقوة الجنين وضعفه
كما بين الرجل أن إنجاب أطفال على غير قانون الدولة هو جريمة حتى ولو كان من زواج فقال فى هذا الجزء من المحاورة :
_فإذا حاول رجل أن ينجب أطفالا للدولة قبل هذه السن أو بعدها فسنتهمه بأنه آثم فى حق الدين والعدل إذ لو أفلح فى اخفاء ميلاد أطفاله فمعنى ذلك أنه يأتى للدولة بأطفال لم يقترن مولدهم ببركات القرابين والصلوات التى يقوم بها الكهنة والكاهنات وكل هيئة دينية فى الدولة لكل زواج مبتهلين أن تنجب الصفوة المختارة من الناس أبناء خيرا منهم وان ينجب النافعون للدولة أطفالا أنفع لها منهم أما هذا الذى يفعله أولئك ففيه مخالفة وإباحية شنيعة
-هذا حسن
- وينطبق نفس الحكم على الرجل الذى بلغ سن النضوج حين يحاول أن ينجب من امرأة بلغت نفس السن دون أن يكون الحاكم قد جمع بينهما إذ أن الطفل الذى يهباه للدولة فى مثل هذه الظروف دون أن يكون القانون أو الدين قد باركهما لا يكون بالنسبة إلينا لقيطا
-هذا هو عين الصواب"ص338
ويبين الرجل محرمات الزواج على الرجل والمرأة بعد سن الإنجاب فيقول:
_فإذا تجاوز الرجل أو المرأة سن الانجاب للدولة فأرى أن نترك للرجال حرية الاختلاط بمن يشاءون من النساء فيما عدا بناته وبنات بناته أو أمه أو جدته ونترك للنساء نفس الحرية مع استثناء الأبناء والآباء والأحفاد والأجداد ص338
وبالقطع هذا الكلام يتناقض مع فقرة قالت باخفاء القرابة عن المقاتلين خاصة الأمهات وهى :
-وعليهم أن يعنوا بتغذية الأطفال وينقلوا الأمهات إلى دور الحضانة عندما تمتلىء أثداؤهن باللبن مع اتخاذ كل التدابير الكفيلة بألا تتعرف الأمهات على أطفالهن فإن لم يكن فى وسع الأمهات أن يرضعن فلابد من إيجاد مرضعات ومن الواجب تحديد الوقت الذى تقوم فيه الأمهات بالرضاعة بحيث لا يقمن بالسهر على الأطفال لأن هذه وغيرها من الأعمال من شأن المربيات والخدم ص337
كما يتناقض مع الفقرة التالية وهى كون أولاد المقاتلين بنين وبنات هم أبناء لكل مقاتل ومقاتلة وأولادهم هم أحفاده وهو ما قاله فى الفقرة التالية:
لن يستطيعوا تمييزهم قط وإنما ينبغى أن ينظر الرجل منذ الوقت يبدأ فيه زواجه على كل الأطفال الذين يولدون فى الشهر السابع أو العاشر الذكور منهم على أنهم أبناؤه والإناث على أنهن بناته وعلى هؤلاء الأطفال أن يدعوه بالأب وعليه أن يعد أبناء هؤلاء أحفادا له كما يعدونه هم جدا وامرأته جدة لهم كذلك ينبغى على الأطفال الذين يولدون فى الفترة التى يجب فيها آباؤهم وأمهاتهم على أنهم أشقاء وشقيقات لهم وبهذا يمتنعون فيما بينهم كما ذكرت عن كل اختلاط جنسى ومع ذلك فإن القانون يسمح بزواج الأخ من الأخت إذا شاء الاقتراع ذلك وإذا ما أيدته نبوءة دلف ص339
ما قاله الرجل هنا يعتبر شيوعية النساء والأطفال معا فالحياة هنا مختلطة ولا أعرف لماذا أباح الزواج طالما المقاتل لا يعرف ابن أو ابنة أو حفيد وكذلك المقاتلة وهو ما اعترف به صراحة فى قوله:
-وإذن فقد ثبت لنا أن شيوع النساء والأطفال بين الحراس هو أصل الخير العظيم
-هذا أمر مؤكد ص342
تكريم المقاتلين:
بين الرجل أن المقاتل يمنح فى ظل الدولة ما يحرم على غيره من الزنى مع فتى معجب بجماله أو فتاة معجب بها فقال:
"فقال إلى على العكس من ذلك أوافق على هذا كل الموافقة وأود أن اضيف إلى هذه القاعدة أن كل من معه ينبغى الا يأبى عليه قبلة خلال المعركة إن شاء وبهذا نضمن أنه إذا كان احد المحاربين مفتونا بشاب أو فتاة فيزداد حماسة لإحراز النصر فقلت هذا عظيم ولا تنس أننا قد ذكرنا من قبل أن المواطنين الشجعان سيمنحون فرصا للزواج تفوق فرص الآخرين وأننا سنختار لهم نساء
-هذا ما قلناه بالفعل ص348
ووضح الرجل أنه ينبغى تكريمهم فى الحياة وفى الممات بدفنهم دفنا رائعا ورعاية قبورهم بعد الدفن فقال:
-وسنسأل أصحاب النبوءة أن ينبؤنا عن أى الجنازات وأى التكريمات أليق بهؤلاء الذين يجمعون بين صفات البشر والآلهة معا وندفنهم كما تشير علينا النبوءة
- هذا ما سنفعله
- ومنذ أن ندفنهم نظل نرعى قبورهم ونبجلها كما لو كانوا أرواحا ملائكية بحق وسنقدم نفس هذه التكريمات لأولئك الذين يموتون بالشيخوخة أو بغيرها بعد أن يكونوا قد امتازوا فى حياتهم بفضيلة رفيعة ص349
العبودية والجمهورية :
يحرم الرجل فى عنصرية واضحة العبودية بين اليونان بينما هى مباحة فى غيرهم فيقول فى جزء من المحاورة:
-أولا فيما يتعلق بالعبودية أترى من العدل أن تنزل مدينة يونانية إلى مرتبة العبيد أليس علينا أن ننهاهم عن ذلك على قدر استطاعتنا حتى بالنسبة إلى بقية الدول وأن نعودهم احترام الجنس اليونانى وهو إجراء يكفل لنا تجنب الوقوع عبيدا فى أيدى البرابرة
-هذا ما يتعين علينا أن نتجنبه بكل وسيلة
- وعلى ذلك فلن يكون لنا عبيد إغريق وسننصح بقية اليونانيين بأن يحذوا حذونا ص350
بالقطع الجمهورية هنا وقعت بالتفرقة بين الناس لمجرد العصبية أى اللغة فما يجمع اليونانيين هو اللغة لأن أديانهم كانت مختلفة لأن آلهتهم المزعومة متنوعة فلكل مدينة آلهتها المزعومة التى تحصها بالعبادة
وينقض الرجل كلامه فيطالب بنفس المعاملة لليونانيين والأجانب فيقول:
"فقال إنى لأسلم معك بأن سلوك مواطنينا نحو خصومهم يجب أن يسير على هذا النحو وبأن عليهم أن يعاملوا الأجانب كما يعامل اليونانيون الآن بعضهم بعضا
-فليكن من القوانين إذن ألا يخرب حراسنا الأرض ولا يحرقوا البيوت
-لنسن هذا القانون ولنعترف بأنه قانون عادل باقين
-هذه الدولة لا تتحقق إلا عندما يصبح الفلاسفة ملوكا ص352
الفلاسفة وحكم الدولة:
وضح الرجل أن الحكام لابد أن يكونوا فلاسفة حتى ينجحوا فى إدارة الدولة ويحققوا للناس الرضا ومن لا يكون فيلسوف يجب استبعاده كحاكم وهو قوله:
"ما لم يصبح الفلاسفة ملوكا فى بلادهم أو يصبح أولئك الذين نسميهم الآن ملوكا وحكاما فلاسفة جادين متعمقين وما لم تتجمع السلطة السياسية والفلسفة فى فرد واحد وما لم يحدث من جهة أخرى أن قانونا صارما يصدر باستبعاد أولئك الذين تؤهلهم مقدرتهم لأحد هذين الأمرين دون الأخر من إدارة شئون الدولة ما لم يحدث ذلك كله فلن تهدأ يا عزيزى جلو كون حدة الشرور التى تصيب الدولة بل ولا تلك التى تصيب الجنس البشرى كله بأكمله وما لم يتحقق ذلك فلن يتسنى لهذه الدولة التى رسمناها هنا خطوطها العامة أن تولد وأن يكتمل نموها ذلك ما كنت أتردد فى إعلانه منذ وقت طويل إدراكا منى لمدى مخالفته للآراء الشائعة ومع ذلك فمن الصعب أن يتصور المرء كيف يمكن أن يتحقق الخير للدولة أو للفرد على أى نحو آخر ص355
وبين الرجل أن الفيلسوف يعرف الأزلى الثابت ولذا يجب إسناد الحكم والسلطة له فقال:
"فأجبت إنها قطعا تلك التى تلى السابقة فى الترتيب فإذا كان الفلاسفة هم أولئك الذين يمكنهم أن يدركوا ما هو أزلى ثابت على حين أن من يعجزون عن ذلك ويضلون طريقهم وسط الكثرة والتغير لا يستحقون هذا الاسم فأيهما ينبغى أن نعهد إليه بالإشراف على الدولة ص366
ووضح الرجل أن حكومة الفلاسفة هى حكومة إلهية حكومة مثلى وهى ليست من ضمن أنواع الحكومات الخمس التى ذكرها سابقا ويعبر عن هذا الجزء التالى من المحاورة:
"فقلت لا واحدة منها وهذا بعينه هو ما أشكو منه فليس من بين أنواع الحكومات الحالية ما يلائم الطبيعة الفلسفية ومن هنا فإن هذه الطبيعة تزيف وتفقد طابعها الخاص مثلما تتغير طبيعة البذرة النادرة إذا زرعت فى تربة غير تربتها وخضعت للمؤثرات الجديدة وفقدت مميزاتها فيها وهكذا تعجز الطبيعة الفلسفية عن الاحتفاظ بخصائصها المميزة وتتحول إلى طبيعة أخرى أما لو وجدت الفلسفة حكومة تتفق طبيعتها وإياها فعندئذ سيتضح أنها إلهية بحق على حين أن جميع الطبائع والمهام الأخرى إنسانية فحسب وأنا واثق من أنك ستسألنى الآن وما هى هذه الحكومة المثلى فقال كلا لقد أخطأت فى هذا فقد كنت أود أن أسالك عن كانت هذه هى الدولة التى رسمناها أم أنها دولة أخرى فأجبت إنها هى على وجه التقريب ولكنك تذكر قولنا أن دولتنا ينبغى أن تتضمن سلطة ترعى الدستور بنفس الروح التى أملت عليك سن قوانينها عندما قمت بعمل المشرع فيها ص383
وبين الرجل أن الفيلسوف يعيش فى ظل النظام الإلهى ومع هذا لن يرضى عنه كل الناس بل بعض منهم وهو قوله:
"وهكذا فإن الفيلسوف الذى يحيا فى صحبة النظام الإلهى للعالم يغدو إلهيا منظما بدوره وذلك على قدر ما تتحمل طبيعة البشر وإن لم يكن فى استطاعته أن ينجو على الرغم من ذلك من تحامل الناس ص387
ووضح الرجل أن الفلاسفة لا يعملون فى الدولة على هواهم وإنما وفق نموذج إلهى وهو هنا يقصد الوحى أى الشريعة المنزلة فيقول:
"فإذا أدرك الناس أن حديثنا عن الفلاسفة حديث صدق فهل يظلون على بغضهم لهم وهل يظلون على شكهم فى قولنا أن الدولة لن تعرف السعادة إن لم يرسم خطتها فنانون يعملون وفقا لأنموذج إلهى ص387
ووضح الرجل أن صفة الحكام هى أصول الحكم والذين اكتسبوا من مظاهر الشرف والحياة الفاضلة ما يغنيهم عن مطامع الحكام فقال:
-وإذن فإلى من سنعهد بحراسة الدولة إن لم يكن إلى أولئك الذين يفوقون كل من عداهم فى فهم أصول الحكم والذين اكتسبوا من مظاهر الشرف والحياة الفاضلة ما يغنيهم عن مطامع الحكام "ص411
وكرر الرجل الكلام أن الفيلسوف لا يتوق للحكم فقال:
-ولا شك أن الوصول إلى السلطة ينبغى أن يقتصر على من لا يتوقون إليها وإلا استحكمت الخلافات والحزازات
- بلا جدال "ص
وبين الرجل لأن النموذج الإلهى أى الخير يتم التدريب عليه واكتساب الصفات خلال فترة طويلة ولا ينبغى أن يتولى فيلسوف الحكم قبل سن الخمسين وهو ما بينه الجزء التالى من المحاورة :
"فأجبت 15عاما وعندما يبلغون سن50 علينا أن نأخذ منهم أولئك الذين صمدوا لكل التجارب والذين تميزوا عن كل ما عداهم فى الشئون العملية وفى المعرفة فنسير بهم نحو الهدف النهائى وعلى هؤلاء أن يرفعوا عين النفس ليتأملوا ذلك الذى يضفى النور على كل شىء فإذا ما عاينوا الخير فى ذاته فإنهم سيتخذونه أنموذجا ينظمون تبعا له المدينة والأفراد وكذلك أنفسهم أيضا وخلال ما تبقى لهم من العمر يكرسون للفلسفة أكبر قدر من الحكم من أجل الصالح العام وحده ويرون فى الحكم واجبا لا مفر منه أكثر من كونه شرفا وبعد أن ينشئوا فى كل جيل مواطنين آخرين على شاكلتهم ليحلوا محلهم فى رعاية الدولة ينتقلون على جزر السعداء أما الدولة فإنها تقيم لهم النصب التذكارية بذلك وإلا عدتهم نفوسا بشرية فيها نفحة من الروح الإلهية على الأقل
فهتف إن الصورة التى قدمتها لحكامنا لرائعة بحق وإنها لصورة يعجز عن صوغها أبرع مثال
فأضفت وهى تنطبق أيضا على حاكماتنا يا جلوكون فلا تظن أن ما قلته يسرى على الرجال من دون النساء بل إنه ينطبق عليهما معا ما دام هؤلاء يتمتعون بالمواهب اللازمة ص437
وبين الرجل أن الفلاسفة لا يسعون للتكريم وإنما يسعون لتطبيق العدل وهم بهذا يحققون الدولة المثالية التى تعتبر مجرد خيال ووهم فقال:
فقلت والآن توافقنى على أن خطة دولتنا ودستورنا محض أوهام وإنه إذا كان تحقيقها صعبا حقا فهو ممكن ولكنه لن يكون ممكنا إلا على النحو الذى حددناه وهو أن يمسك دفة الدولة فيلسوف أو فلاسفة يزهدون فيما يسعى إليه الناس اليوم من تكريم ويعدونه تافها وغير خليق برجل حر ولا يحرصون إلا على أداء الواجب وعلى الشرف الذى يترتب على أدائه وعلى العدالة التى يرونها أهم الأشياء وأكثرها ضرورة فيتفانون فى خدمتها ويقيمون صرحها عاليا فى تنظيمهم لمدينتهم ص437
ونقض الرجل كلامه بأن الصفة اللازمة وحدها للحكم هى الفلسفة وقال بصفتين الفلسفة والتميز فى القتال فقال :
"حسن يا جلوكون لقد اتفقنا الآن على أن الدولة التى تطمح على أن تحكم حكما مثاليا يجب أن تجعل النساء والأطفال مشاعا وينبغى أن يتلقى الرجال والنساء فيها نفس التعليم فى جميع مراحله ويتقاسموا كل المهام والمناصب سواء منها الحربية والسلمية كما ينبغى لها أن تتخذ ملوكا من أولئك المواطنين الذين يثبت امتيازهم فى الفلسفة والحرب معا ص438
ونجد الرجل يأتينا بمقولة جنونية وهى تحكم العدد الهندسى فى ولادة الأولاد صالحين وفاسدين ومن ثم يأتى بمقولة تزويج الحكام للشباب والشابات على غير إرادتهم لأن الغرض إنتاج أولاد أكثر علما وثقافة وهو قوله:
ذلك العدد الهندسى هو الذى يتحكم فى التوالد الصالح والفاسد فإذا كان حراسنا يجهلون قانون التوالد هذا وجمعوا بين شبان وشابات فى غير الوقت المناسب لنتج عن هذا التزاوج أطفال لا مواهب طبيعية ولا حظ لهم ومن هؤلاء الأطفال سيختار الجيل الأقدم خيرهم لرئاسة الدولة ولكنهم لما كانوا غير جديرين بها فإنهم حالما يملكون سلطة آباءهم فسوف يبدأون فى تجاهلنا ولا يقدرون التهذيب العقلى تقديرا كافيا ثم يمتد إهمالهم إلى التدريب البدنى بدوره وهكذا ينشأ جيل جديد أقل ثقافة وأقل تهذيبا يختار منه حكام أقل جدارة بمنصب الحراسة ص442
بالطبع الزواج الاجبارى لإنتاج أولاد صالحين هى جرائم إكراه وتعنى عدم الحرية وناتجها ليس صحيحا وهو ما عبر عنه المثل الشعبى يخلق من ظهر العالم فاسد ومن ظهر الفاسد عالم
أنواع الحكام:
بين الرجل أن الحكام على ثلاثة أنواع الفيلسوف والطموح ومحب الربح حسب تقسيم اللذات الضرورية وهو ما وضحه الجزء التالى من المحاورة:
فاستطردت قائلا أليس صحيحا أيضا أن بعض الناس يسيطر عليه الجزء العارف والبعض الأخر يسيطر عليه أحد الجزئين الأخرين حسب الحالة
-بلى
-ومن هنا فأنا أقول بثلاثة أنواع أساسية للناس الفيلسوف والطموح ومحب الربح
- هذا صحيح
-كما نقول بثلاث فئات تناظر كلا من هذه الأنواع
_إنه لكذلك
فإن سألت كلا من هؤلاء الرجال الثلاثة أى نمط من أنماط الحياة هو هذا الأثير لديه لامتدح كل منهم نمطه الخاص فرجل الأعمال يقول إن لذة التكريم أو العلم لا تقارن بلذة الربح إلا بقدر ما تدر هى ذاتها ربحا
-هذا صحيح
والطموح ألا تراه يحتقر لذة جمع المال ولا يرى فى لذة العلم عن لم يأت العلم بالتمجيد إلا غباء وهباء
-هى كذلك بالنسبة إليه
_أما الفيلسوف فعلى أى نحو ينظر إلى اللذات الأخرى بالقياس إلى لذة المعرفة الحقيقية كما هى والاستمتاع الدائم بالمعرفة ألا يظن أن اللذات الأخرى أبعد ما تكون عن جلب متعة حقيقية وإذا أطلق على هذه اللذات الأخرى اسم اللذات الضرورية ألا يكون ذلك بالمعنى الحقيقى لهذه الكلمة بحيث يمكنه أن يستغنى عنها تماما إن لم تفرضها الضرورة عليه ص488
أنموذج الدولة :
بين الرجل فى المحاورة أن الدولة المنشودة توجد فى كتاب من السماء والمراد فى الوحى وهى موجودة فى الأذهان فقط وهو قول المحاورة:
"فقال جلو كون لقد فهمت إنك تتحدث عن الدولة التى رسمناها خطتها والتى لا توجد إلا فى ذهننا إذ لست أعتقد أنه توجد دولة مثلها فى أى مكان على سطح الأرض فأجبت كلا ولكن المرء قد يجد فى هذا أنموذجا فى السماء لمن شاء أن يطالعه ويبعث فى نفسه بعد تأمله أما أن هذه الدولة موجودة فى أى مكان أو ستوجد بالفعل فى أى وقت فهذا أمر لا أهميه له إذ أنه لن يخضع لقوانين هذه الدولة وحدها لا أية دولة غيرها ص503
الشر والخير فى الدولة:
بين الرجل أن الشر والخير متواجدان فالخير يحفظ والشر يدمر وهو ما وضحه هذا الجزء من المحاورة:
-ولكن هل تتفق معى على أن العنصر الذى يفسد ويدمر هو الشر وذلك الذى يحفظ ويقوم هو الخير
-أجل
-ألا تعتقد أيضا أن لكل شىء خيرا وشرا كالرمد مثلا بالنسبة إلى العين والمرض بالنسبة إلى الجسم عامة والتسوس للقمح والتآكل للخشب والصدأ للحديد والنحاس أى أن لكل شىء بالطبيعة شره أو مرضه ؟ص522
وبين الرجل أن شر الظالم نتائجه وخيمة وأنه لا يمكن القضاء على الشر فى الدنيا وهو ما وضحه الجزء التالى من المحاورة:
-فقال أجل فلو كان الأمر كما يزعمون لما كان الشر شيئا فظيعا بحق إذ أن موت الظالم يضع على الفور حدا لمتاعبه ولكنى أعتقد أن العكس هو الصحيح وان الظلم يؤدى إلى موت الآخرين إذا ما استطاع ذلك وبقاء الظالم نفسه حيا بل مليئا بالحيوية وبهذا يكون الظلم بعيدا كل البعد عن أن يكون على للموت
_إنك لعلى صواب ذلك لأنه إذا كان الشر والانحطاط المتعلق بالنفس ذاتها عاجزا عن القضاء عليها أو افناءها فمن العسير أن يتمكن الشر الذى هو بطبيعته مهيأ للقضاء على جوهر أخر من إفناء النفس أى شىء أخر عدا ذلك الذى يرتبط به ص524
وبين الرجل جزاء الظالم والعادل عند الله فى الجزء التالى من المحاورة :
-ألا ترى أن ذلك الذى تحبه الآلهة يحق يتوقع من الآلهة أن يمنحوه كل ما لديهم وبأوفر قدر ممكن ألا ما قد يكون فيه من الشر الناجم عن أخطاء ارتكبت فى حياة سابقة
- بالتأكيد
- وعلى ذلك فمن واجبنا أن نعتقد بالنسبة للعادل أنه إذا كان يعانى الفقر أو المرض أو أى شىء أخر فلابد أن تعود الأمور فى النهاية عليه بالخير فى حياته أو بعد مماته ذلك لأن الآلهة لن تنسى أبدا ذلك الذى يتوخى العدل ويمارس الفضيلة حتى يقترب من الله بقدر ما يتسنى ذلك لإنسان
-كلا إنها قطعا لن تتجاهل إنسانا يتشبه بها ص527
ووضح الرجل أن العدل هو الهدف وينتج عنه المكاسب والتكريمات فقال:
"ها نحن أولاء قد حققنا شروط البرهان ولكنا لم نذكر شيئا عن تلك المكاسب والتكريمات التى قلت أن هوميروس وهزيود يعدان بها من يمارس العدالة وإن كنا أوضحنا أن العدالة فى ذاتها أفضل شىء للنفس منظرا إليها فى طبيعتها الحقة وأن على النفس أن تستهدف العدالة دائما سواء أكانت تملك أولا تملك خاتم جيجز ومع قلنسوة هاديس ص526
ووضح الرجل أن الطاغية وهو الظالم ليس سوى عبد فقال:
وعلى ذلك فالطاغية الحقيقى هو فى واقع الأمر وعلى خلاف ما يظن الناس عبد بالمعنى الصحيح بل هو شخص بلغ أقصى حدود العبودية ما دام مضطرا إلى تملق الناس وهو ص485
ووضح الرجل وجوب تكريم الموتى بعدم نهب الموتى بعد الحروب فقال:
"ألا ترى أن من الجشع المرذول أن ينهب المرء ميتا إن فى معاملة الجثة كأنها عدو وضاعة نفس لا تليق إلا بالنساء إذ أن العدو الحقيقى وهو الروح قد تلاشى ولم يترك مكانة سوى الأداة التى كان يحارب بها وما أشبه من يفعلون ذلك بالكلاب التى تهجم على الحجر الذى ضربها دون أن تمس من ألقاه ص350
وفى النص السابق ينقض الرجل ما قاله عن تساوى الرجل والمرأة عندما جعل الغالب على النساء هو وضاعة النفس
التربية والدولة:
تناول الرجل فى كتابه أمور عديدة فى التربية وهو ما دعا روسو فى كتابه إميل للقول أن كتاب الجمهورية ليس كتابا فى السياسة وإنما هو كتاب بل الكتاب الأعظم فى التربية
بين الرجل أن من يجيد علم الحساب يفهم كل العلوم تقريب وهو ما عبر عنه الجزء التالى من المحاورة :
-أجل إن لديها قدرة كبيرة على إحداث هذا الأثر ألم تلاحظ أيضا أن الموهوبين فى الحساب يفهمون بسرعة كل العلوم تقريبا وأن الأذهان البطيئة الفهم إذا ما درست الحساب تغدو أسرع فهما حتى لو لم تكتسب منه أية فائدة أخرى
-هذا صحيح
-وفضلا عن ذلك أعتقد أن من العسير أن يجد المرء علوما كثيرة تقتضى فى تعلمها وفى ممارستها جهدا أكبر مما يقتضيه علم الأعداد ص418
وهى وجهة نظر خاطئة فليس كل من فهم الحساب فهم باقى العلوم بل الكثيرين يهربون من الرياضيات عموما ومع هذا فهم يجيدون العديد من العلوم الأخرى
وبين الرجل أن التلميذ لابد أن يعطى الحرية فى تعلم ما يريد من العلوم وهو ما بينه الجزء التالى من المحاورة:
-وإذن فمن الواجب تدريس الحساب والهندسة وكل العلوم التى تمهد لتعلم الحوار فى سن الطفولة ويجب أن نضفى على تلك الدروس صورة لا تنطوى على أى نوع من الإرغام
- ولماذا ؟
-لأن تعليم الحر ينبغى ألا يتضمن شيئا من العبودية فالتدريبات البدنية التى تؤدى قهرا لا تؤذى البدن فى شىء أما العلوم التى تقحم فى النفس قسوة فإنها لا تظل فى الذهن عالقة
--هذا صحيح فاستطردت قائلا وإذن فليس لك أيها الصديق الكريم أن تستخدم القوة مع الأطفال وإنما عليك أن تجعل التعليم يبدو لهوا بالنسبة لهم وبهذه الطريقة يمكنك أن تكشف بسهولة ميولهم الطبيعية
_فقال هذه خطة حكيمة ص432
وبالطبع هذه الوجهة من النظر ليست سليمة فالطفل لن يعرفه ما يفيده من العلوم لأن عقله صغير يتكون تدريجيا ولذا لابد من وجود من يختار له تلك العلوم حتى يفيده بها ويقدمها له فى صورة لا تبغضه فيها ونجد فى الجزء السابق من المحاورة أن الرجل يناقض نفسه بالعبارة "فمن الواجب تدريس الحساب والهندسة وكل العلوم" فالواجب يعنى الارغام عند عدم التقبل
وبين الرجل أن هناك تدرج فيما يتم تعليمه للطفل من الفنون أو العلوم فيتم البدء بالموسيقى ثم رياضة البدن فقال:
"وهذا ما كنت أعنيه حين قلت إن علينا أن نبدأ بالموسيقى قبل الرياضة البدنية" ص236
ووجهة النظر هذه حسب الظروف فالطفل فى المهد يتربى على السماع من خلال الدندنة والهدهدة والغناء ولا يتربى على التربية الرياضية ولكنه عندما يبدأ المشى فإنه يبدأ الرياضة البدنية ومعها الموسيقى السماعية
وبين الرجل أن الأطفال لا يجب أن يمارسوا فن المحاورة فى صغرهم لأنهم يستخدمونه استخداما خاطئا فقال:
ومن أهم الاحتياطات أن تمنعهم من ممارسة الحوارات وهم لا يزالون فى حداثتهم ولعلك لاحظت من قبل أن المراهقين الذين تذوقوا الحوار لأول مرة يسيئون استعماله ويتخذونه ملهاة ولا يستخدمونه إلا للمغالطة فإذا ما قام أحد بتفنيد حججهم فإنهم يحاكونه ويفندون حجج الآخرين على نفس النحو شأنهم فى ذلك شأن الجرو الذى يجد لذة فى جذب كل من يقترب منه وتمزيق ملابسه ص435
ويساوى الرجل بين الذكور والإناث عند وجود مواهب لديهم وهو ما عبر عنه الجزء الآتى من المحاورة:
"فهتف عن الصورة التى قدمتها لحكامنا لرائعة بحق وإنها لصورة يعجز عن صوغها ابرع مثال
فأضفت وهى تنطبق أيضا على حاكماتنا يا جلوكون فلا تظن أن ما قلته يسرى على الرجال من دون النساء بل إنه ينطبق عليهما معا ما دام هؤلاء يتمتعون بالمواهب اللازمة ص436
وبين الرجل أن الدولة يجب عليها أن تمنع الشعر القائم على المحاكاة فقال:
تلك التى تنص على حظر الشعر القائم على المحاكاة فبعد أن ميزنا الآن بين الأجزاء المتعددة للنفس يبدو أن لدينا أسبابا قوية لاستبعاد هذا النوع من الشعر تماما ص504
ويهاجم الرجل نظرية المحاكاة فى الفن لأنها لا تقدم فائدة فيقول:
وإذن فهلا يحق لنا أن نستدل من ذلك على أن كل أولئك الشعراء منذ أيام هوميروس إنما هم مقلدون فحسب فهم يحاكون صور الفضيلة وما شابهها أو الحقيقة ذاتها فلا يصلون إليها قط إن الشاعر كالرسام التى تحدثنا عنه منذ برهة والذى يرسم اسكافيا دون أن يعرف شيئا عن إصلاح الأحذية ويقدم صورته إلى أناس لا يعرفون عن الأمر أكثر منه ولا يحكمون على الأمور إلا بمظاهرها وألوانها ص511
ويكرر هجومه على الشعراء المحاكين وهم المقلدين فيقول:
-وإذن فنحن حتى الآن متفقون إلى حد بعيد على أن المقلد يفتقر إلى أية معرفة تستحق الذكر بما يقلده فما التقليد إلا نوع من اللهو أو اللعب وما الشعراء التراجيديون سواء أكتبوا شعرا للملاحم أم مسرحيات سوى مقلدين بكل معانى الكلمة
-بالتأكيد ص513
ويبين الرجل أن مقولة المحاكاة فى الفنون لا تستهدف غرضا شريفا أو صحيحا فيقول:
هذا هو الرأى الذى كنت أريد الوصول إليه عندما قلت إن الرسم وكل فن قائم على المحاكاة بوجه عام يبعد فى عمله عن الحقيقة وإن الجزء الذى يرتبط به فى طبيعتنا بعيد بدوره عن الحكمة وأنه لا يستهدف غرضا شريفا أو صحيحا ص514
ويهاجم الرجل المقولة مرة أخرى ويبين أنها تفتح باب الشرور فيقول:
وعلى ذلك فإن من حقنا أن نهاجمه الآن ونضعه إلى جانب نظيره الرسام لأنه يشبهه فى افتقار إنتاجه إلى الحقيقة وفى إهابته بذلك الجزء من النفس الذى هو خسيس بدوره وابتعاده عن الجزء الفاضل منها هذا هو السبب الأول الذى يبرر لنا حظر دخوله الدولة التى يحكمها قانون صالح لأنه يثير هذا الجزء الخسيس من النفس ويغذيه وبذلك يعرض العقل ذاته للدماء وكما يحدث فى الدولة عندما تسلم مقاليد أمورها وسلطانها للأشرار ويقضى فيها على الصالحين فكذلك يبث الشاعر المقلد فى نفس الفرد حكما فاسدا إذ يتملق الجزء اللاعاقل الذى لا يميز الفاضل من الردىء ويعد الأشياء ذاتها أفضل تارة وأردأ تارة أخرى ويخلق أشباحا ويقف دائما بعيدا كل البعد عن الحقيقة ص517
ويبين الرجل ضرورة تدخل حكماء الدولة فى الأعمال الفنية حتىى تؤدى عملا نافعا للناس حتى لا يظنوا السوء فى الله فقال:
"وعلينا أن نلزم الشعراء بأن يعترفوا إما بأن هؤلاء الأبطال لم يرتكبوا تلك الأفعال وإما بأنهم ليسوا من أبناء الآلهة أما تأكيد الأمرين معا فذلك ما لن ندعهم يفعلونه ولم نسمح لهم بأن يوهموا السباب بأن الآلهة تقترف مثل هذه الآثام"ص253
الكذب والشر :
بين الرجل أن الأكاذيب ليست كلها شر فالكذب على الأعداء والكذب للصلح بين الأصدقاء ليس شرا وإنما نفع للناس وهو ما عبر عنه هذا الجزء من المحاورة:
-إذن فالأكذوبة الحقيقية بغيضة لا إلى الآلهة فحسب بل إلى البشر أيضا
-أما الأكذوبة الملفوظة فقد تكون فى بعض الأحيان نافعة لا بغيضة ومن أمثلة ذلك الكذب على الأعداء أو حين يوشك أولئك الذين نعدهم أصدقائنا على ص243 أن يرتكبوا عملا طائشا مدفوعين بالغضب أو بسوء الفهم وعند ذاك تكون للأكذوبة فائدتها وتعد نوعا من العلاج أو الوقاية "ص244
وقد أخطا الرجل فى كون الأساطير معبرة عن سرد لأحداث وقعت فى الماضى أو تقع فى الحاضر أو ستقع فى المستقبل عندما قال :
إنك لتعلم أن كل الأساطير والأشعار ليست إلا سردا لأحداث وقعت فى الماضى أو تقع فى الحاضر أو ستقع فى المستقبل"ص 255
فالكثير من الأساطير لم يحدث ولن يحدث
أخطاء:
قال الرجل :
-أمن الممكن أن يكون الشىء ساكنا ومتحركا فى نفس الوقت وفى نفس الجزء منه –
كلا بالتأكيد ص309
وهو ما يخالف جسم المخلوق فى أثناء النوم يكون ساكنا ومع هذا أجزاء الجسم الداخلية لا تتوقف عن الحركة كالقلب
وقال الرجل عن الشمس فى الجزء التالى من المحاورة:
-وأخر ما يستطيع أن يتطلع إليه هو الشمس لا منعكسة على صفحة الماء أو على جسم أخر بل كما هى ذاتها وفى موضعها الخاص
- هذا ضرورى
- وبعد ذلك سيبدأ فى استنتاج أن الشمس هى أصل الفصول والسنين وأنها تتحكم فى كل ما فى العالم وانها بمعنى ما على كل ما كان يراه هو ورفاقه فى الكهف ص405
بالقطع الشمس ليست المتحكمة فى كل شىء بالعالم وأنها أثل الفصول والسنين وتبدو هذه المقولة هى سابقة لنظرية مركزية الشمس بدلا من الأرض عند جاليلو وكوبر نيكوس
العدل
العدل يعنى تطبيق حكم الله المنزل وقد سمى الله نفسه العدل أو العادل لكونه من شرع العدل ونفذه
العدل الاقتصادى :
تطبيق قوله تعالى بسورة فصلت:
"وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين "
هل معناه أن يقوم المجتمع بتوزيع الطعام على كل السكان بنفس المقدار أو بتوزيع الذهب عليهم بنفس المقدار أو توزيع الوقود عليهم بنفس المقدار ........؟
بالقطع فى مسألة الطعام نجد السمين والنحيف والآكول وضعيف الأكل ومتوسط الطعام ونجد فلان يأكل آكلات معينة ولا يأكل آكلات أخرى ونجد مثلا الرضيع والصغير والشاب والشيخ والحامل وغير الحامل ونجد المريض والصحيح .....وكل هؤلاء لا يأكلون مقدار واحد ولا أصناف واحدة كما قال تعالى على لسان الناس بسورة الرعد:
" ونفضل بعضها على بعض فى الأكل"
ومن ثم فتوزيع المجتمع مقدار واحد من الأصناف الطعامية على كل الأفراد لا يعتبر عدلا
وفى مسألة الذهب توزيع كمية الذهب على كل الأفراد بنفس المقدار هو ضرب من الجنون فالرضيع والصغير لا يعرفان ثمنه ولا يهتمان به وبعض الناس يفضل الذهب وبعضهم لا يفضله وإنما يفضل غيره
وفى مسألة الوقود نجد أن المجتمع لو أعطى كل فرد نصيبه من الفحم والنفط وغيرهم فحم ونفط فهذا يمثل جنون فماذا يفعلون بالفحم والنفط الخام وأين يضعونه ؟
وفى مسألة الملابس مثلا لو أعطى كل واحد نفس المقدار من اللباس فسنجد أن بعض الملابس لا تستعمل لكون ألوانها أو تفصيلها لا يعجب الإنسان أو الإنسانة كما سنجد أن هناك أفراد لا تفقه معنى اللباس كالرضع والصغار
إذا معنى السواء وهو العدل للسائلين وهم الأحياء ليس معنى العدل الكمى فى الأصناف وإنما له معنى أخر وهو :
أن يقوم المجتمع بتثمين الأقوات كلها التى خرجت من مصادر دخل الدولة وهى المجتمع ويقوم بقسمة ثمنها على عدد الأفراد وبالقطع المجتمع أى الدولة لا تعطى الأفراد كل واحد المبلغ الذى خرج له كله وإنما هناك أمور تقوم بها الدولة بحجز مبالغها لكى تقوم مؤسسات فيها بعملها فمثلا البيوت تقوم شركات البناء ببناء مسكن لكل ذكر وأنثى معا وتأثيثه بالأثاث الذى يريداه وهما الزوجين مستقبلا ومثلا تقوم بالتعليم فبدلا من أن يدفع الفرد مصاريف تعليمه أو تعليم ابنه أو ابنته تقوم الدولة بحجز مبلغ للتعليم للصرف على تعليم كل الأفراد ومثلا تقوم بالعلاج فتحجز مبلغا لبناء المشافى وتوفير التشخيص والعلاج فيكون العلاج للفرد متى مرض
الدولة تعطى للفرد مبلغ محدد كافى حسب المرحلة العمرية للطعام والشراب واللباس وأمور البيت كالنظافة واستخدام الماء والكهرباء والغاز وهى الأمور التى يختلف الناس فى تفضيل أصنافها أو فى الكم الذى يستخدمونه منها وهو ما فصلته فى مقال المرتبات:
مرتب كل واحد فى الدولة الإسلامية يساوى مرتب الأخر كفرد تطبيقا لقوله تعالى بسورة الحجرات :
"إنما المؤمنون إخوة "
فلو اعتبرنا الدولة أب فواجب الأب أن يساوى بين أولاده من باب قوله تعالى بسورة المائدة :
"اعدلوا هو أقرب للتقوى "
تفصيل المرتبات :
1-المرتبات هى ما يتعيش به الموظفون وأساسها إعالة الموظف وأسرته بمعنى أن يعطى ما يكفيه للإنفاق على حاجات نفسه وأسرته وأحكامها هى :
-كل موظف يتساوى فى المرتب مع أى موظف أخر إذا كانوا أفرادا
-يختلف الأجر من موظف لأخر بسبب اختلاف عدد أفراد أسرة كل منهم وسنهم
-لكل زوجة مقدار ثابت لا يتغير وأما الطفل فمقداره متغير فهو فى سن الرضاعة ربع مقدار الأب أو الأم وفى السن بعد الرضاعة نصف مقدار الأب وإذا بلغ مرحلة الكلية أصبح متساويا فى المقدار مع الأب
-يتم قطع راتب الطفل الذكر متى التحق بوظيفة بعد التخرج .
- يتم قطع راتب الطفل الأنثى عند زواجها أو التحاقها بعمل مؤقت .
-يصرف المرتب لزوجة الموظف ولأولاده إذا توفاه الله بعد خصم نصيبه وحده منه .
- لا يتوقف صرف المرتب بعد خروج الموظف من الوظيفة والخروج سببه هو المرض الجسدى أو النفسى فلا شىء يسمى المعاش فى الإسلام
-يتم قطع مرتب الزوجة إذا طلقت ويخصص لها المرتب بمفردها .
-فى حالة حكم المحكمة ببخل أو إسراف الزوج يعطى المرتب للزوجة أو أكبر الأولاد إذا كان راشدا .
- يتم صرف المرتب فى اليوم الأول من الشهر القمرى .
- يتم صرف مرتب الموظف الجديد فى أول يوم يتسلم العمل فيه ما لم يكن صرفه فى مرتب أبيه أو فى مرتب الإعانة[/align]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع