إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-07-2009, 11:26 PM
الصورة الرمزية reham
reham reham غير متواجد حالياً
عضو
 


إرسال رسالة عبر Skype إلى reham
افتراضي حمدى قنديل يقول

حمدى قنديل يكتب: إعلام «دريم» المحترم

١٩/ ١٠/ ٢٠٠٩
تواترت الأنباء هذا الأسبوع عن ضغوط حكومية متزايدة على قنوات «دريم» تستهدف خنق مساحة الحرية النسبية المتاحة لبرنامجين من ألمع برامجها، هما «الطبعة الأولى» و«واحد من الناس». ورغم أن القنوات الخاصة فى مصر تدور جميعاً فى فلك الحكم بشكل أو آخر، فإن السلطة الطامعة على الدوام فى الولاء الكامل لها ترى فى قنوات «دريم» نشازاً يجب أن يقمع من وقت لآخر..

وعلى النقيض من قنوات «دريم» فإن قناة «المحور» هى قناة آل البيت الحكومى، وهى الوحيدة بين القنوات الخاصة التى لديها «امتياز» نقل مؤتمرات الحزب الوطنى الحاكم، لو كان هذا امتيازاً حقاً، أما قنوات «الحياة» فهى قنوات مأمونة الجانب، إذ حصرت اهتمامها الرئيسى فى برامج الترفيه المنوعة، وبرامج الرياضة وما إليها.

«دريم» كانت الأسبق للظهور بين القنوات الخاصة فى عام ٢٠٠١، وبصرف النظر عن نتائج استطلاعات الرأى المخاتلة فى معظمها، فهى الأوسع تأثيراً والأكثر جرأة. وبالرغم من المصالح المتشعبة لصاحبها رجل الأعمال البارز الدكتور أحمد بهجت، فإنها كانت كل حين وآخر ترتكب «حماقات» لم تغفرها لها السلطة. لعل أولى هذه الحماقات هى بث محاضرة الأستاذ هيكل الشهيرة فى الجامعة الأمريكية عام ٢٠٠٢، وكانت القناة المزهوة بهذا السبق تنوى إعادة بث المحاضرة عدة مرات، إلا أنه بعد أول إعادة صدرت أوامر عليا بإيقاف البث.

لا يعرف أحد فى هذا البلد من أين تأتى الأوامر العليا، سواء كان الأمر يتعلق بالتليفزيون أم بغيره، والأرجح أن هناك دوائر عليا متعددة لكل منها مصالحها وتقديراتها، ولكل منها وزنها أيضاً، وإذا كنت صاحب قناة فضائية فعليك أن تستكشف الطريق الأكثر أماناً فى هذه الغابة متعددة المسالك الحاشدة بالوحوش المتنمرة. أما إذا كانت لديك أعمالك الخاصة فلابد أن تكون أكثر حذراً وحرصاً حتى تحمى أموالك وقنواتك معاً.

كل أصحاب القنوات الخاصة يندرجون تحت فئة رجال الأعمال، ومعظم رجال الأعمال، كما نعرف، لهم تعاملات مع البنوك، وغالباً ما يكونون مدينين لها، لكن الذى يلفت النظر أن صاحب قناة «المحور»، الدكتور حسن راتب، يزهو فى العلن أنه ليس مديناً لأى بنك، ويتيه فى جلساته الخاصة بأن ثروته تكفى أربعة أجيال قادمة من أسرته.

أما الدكتور السيد البدوى، العضو البارز فى حزب «الوفد»، فقد رصد ٥٠ مليون جنيه من حر ماله الذى راكمته صناعة الأدوية ليطلق قنوات «الحياة»، بين ملاك القنوات الخاصة جميعاً لابد أن يكون الدكتور أحمد بهجت أقلهم مناعة لضغوط السلطة، إذ إنه مدين لبنوك -معظمها بنوك عامة- بديون أظن أنها تبلغ ٣ مليارات جنيه، وبذلك فلا حاجة للسلطة أن تصدر له أوامر سافرة عن طريق وزارة الإعلام أو مباحث أمن الدولة أو ديوان الرئاسة، يكفى أن يوجه له البنك الدائن رسالة مهذبة تدعوه لاجتماع لبحث جدولة الديون.

حدث هذا مرات عديدة، بينها واحدة فى عام ٢٠٠٤ عندما كانت «دريم» تبث برنامجى «رئيس التحرير» بعد أن أقصى عن تليفزيون الدولة. كانت الأجواء السياسية مختنقة قبيل انعقاد مؤتمر للقمة العربية، وكانت مشكلة ديون الدكتور بهجت فى ذروتها، عندها طلب منى بلطف بالغ أن أريحه من عبء البرنامج بضعة أسابيع لعله يتمكن خلالها من تسوية أموره المالية، فهاجرت ببرنامجى إلى دبى، مقدراً للرجل شجاعته فى الحدود المتاحة،

ورغم أن هذه الحدود كانت تحاصر أى مبادرة جادة، خاصة قبيل ٢٠٠٥ وتعديلاتها الدستورية التى أجهضت حلم الديمقراطية، إلا أن «دريم» فتحت باباً واسعاً أمام نجمة التليفزيون الأولى فى مصر، منى الشاذلى، كى تصول وتجول فى برنامجها «العاشرة مساءً»، الذى كان الأول من نوعه فى القنوات المصرية الخاصة، بعده جاء سيل من هذه البرامج فى قنوات أخرى، معظمها نُسخ مكررة، لكن دريم لم تكتف بذلك، بل زادت جرعة التميز ببرنامج «الحقيقة» الذى تألق فيه وائل الإبراشى.

مع ذلك فـ«دريم» لها دوماً حساباتها، ففى حين تفسح مكاناً على شاشتها لنجوم جديدة جادة، مثل دينا عبدالرحمن مقدمة برنامج «صباح دريم» التى تعتبر أفضل وجه ظهر فى دنيا التليفزيون المصرى فى السنوات الثلاث الأخيرة، إلا أنها فى أحيان أخرى تتراجع، فتغلق باب النقاشات السياسية والعامة دون نجمها الأبرز إبراهيم عيسى، وتحصره فى شرنقة برنامج دينى. مع ذلك تعود «دريمة» إلى عادتها القديمة لتناكف السلطة ببرنامج «الطبعة الأولى» ثم برنامج «واحد من الناس».

لكن السلطة أصبحت تضيق حتى بهامش الحريات الذى أتاحته هى، ورغم أنها تعرف أن هذا الهامش مطلوب حتى تستكمل الديكور الديمقراطى، لكنها تريده دائماً عند حد منضبط، ولو أنه عصىٌّ بطبعه على الانضباط التام، إذ تراه أنت يقف عند أفق معين، ويراه غيرك أو تراه السلطة عند أفق آخر، ويزداد الأمر تعقيداً إذا ما كانت هناك أكثر من سلطة تتفاوت فى معيارها لمفهوم الحرية الإعلامية،

وهكذا فإن عمرو الليثى يمكنه أن ينتقد العشوائيات فى محافظة البحر الأحمر، لكنه إذا اقترب من عشوائيات القاهرة فإنه يصطدم بالخط الأحمر، وأحمد المسلمانى يمكنه أن يعلن حرباً على وزير التنمية الإدارية مثلاً، لكنه إذا اقترب من وزير كوزير الاستثمار أو وزير الثقافة، فإن الأمر يختلف، وأنت لا تعرف من هو الوزير الذى على الحجر اليوم ومن المطلوب لعنه غداً، لذلك فلا أحد يدرى، على وجه الدقة، لماذا أوقف الدكتور بهجت برنامج «الطبعة الأولى» فى الأسبوع الماضى يومين متتاليين، ولا لماذا قضم الحلقة الأخيرة من «واحد من الناس».

يمكننى هنا أن أندد بالوضع القائم فى ميدان التليفزيون الخاص الذى يهيمن عليه رجال الأعمال وتتحكم فيه مصالحهم قبل المصلحة العامة. ولطالما قلت إن التليفزيون الخاص وتليفزيون الحكومة ألعن من بعضهما البعض، وإن كلاً منهما يخضع فى النهاية للسلطة فى عالمنا العربى، لكن النقد وحده لا يجدى، الأجدى أن نحاول فى الأجل الطويل التوصل إلى صيغة ملكية أخرى تتيح قدراً أكبر من الحرية المتاحة فى التليفزيون الحكومى والتليفزيون الخاص، ربما بقنوات تطرح ملكيتها للاكتتاب الشعبى، وأن نحاول فى الوقت ذاته فى المدى القصير رفع سقف الحريات فى الوضع القائم.

المشكلة هنا أن السلطة لن تسمح برفع السقف الحالى، لأنها تعتبره كافياً، إن لم يكن زائداً عن الحد.

وقد كشفت السلطة عن نواياها هذه أكثر من مرة، لن يكون التضييق على «دريم» أولاها أو آخرها. ولعل هذه النوايا كانت قد فضحت تماماً عندما تبنت مصر وثيقة ما يسمى بـ«التنسيق بين الفضائيات العربية» مع حكومات أخرى متسلطة مثل الحكومة السعودية.

وقد بات مكشوفاً أن المقصود من الوثيقة هو قمع القنوات والبرامج الإخبارية الناشزة تحت ستار ضرورة احترام رموز الأمة، وبدأت الحكومات العربية فى الاسترشاد بالوثيقة لوضع قوانين محلية تُكبل الإعلام التليفزيونى بالقيود، وفى مقدمتها الحكومة المصرية التى ستقدم مشروع قانون بهذا الخصوص إلى الدورة البرلمانية القادمة.

فى البرلمان القادم، بعد انتخابات ٢٠١٠، يمكننا الاستنتاج أن الوضع سيزداد سوءاً بعد أن راج القول بأن هذه الانتخابات لابد أن تأتى ببرلمان منصاع للسلطة، كأنه لا يكفيها انصياع البرلمان الحالى، وذلك حتى تتم انتخابات الرئاسة فى ٢٠١١ على هوى الحكام تماماً، وفى هذا السياق يخضع الإعلام عادة لمزيد من الضغوط.

وقد بدأنا نرى ذلك فى برامج «دريم» بالذات لأنها لا تزال تحاول الاقتراب من السقف الغامض الذى يسمى الخط الأحمر، كنت أظن، مع اقتراب المؤتمر العام للحزب الوطنى، أن هذا الخط هو جمال مبارك، الذى فرض كمرشح محتمل للرئاسة، وريث للحكم. ورغم أن هذا الترشيح لن يتم فى المؤتمر كما تشير كل الدلالات، فإن تلميع جمال مبارك سيصبح فرض عين، وانتقاده أُم الكبائر، بل إن البعض يهمس بأنه يمكنك أن تقول ما شئت فى الرئيس، لكن محرم عليك أن تقترب من الوريث.

لعلى لا أفشى الآن سراً، وقد ذاعت الحكاية فى الأوساط الإعلامية أن قناة «المحور» كانت على وشك التعاقد معى لأقدم فيها برنامجى «قلم رصاص»، وكان الدكتور حسن راتب، رئيس القناة، بالغ الرقة معى وهو يبادر بدعوتى للظهور على شاشته فى رمضان الماضى،

وعندما سألته عن خطوطه الحُمر، قال: الرئيس وعائلته.. قلت: الرئيس طبعاً، وقرينته معه، لكن من هى العائلة؟.. قال: الأولاد.. كان رأيى أن علاء مبارك يمكن اعتباره من العائلة، أما جمال فقد ارتضى أن يكون شخصية عامة قابلة للمدح والقدح بعدما اختار طريق السياسة.. ترك الدكتور راتب الباب موارباً وهو يقدم لى مشروع التعاقد بيننا لأبدى ملاحظاتى عليه..

بعد أيام دعيت للظهور فى برنامج «٩٠ دقيقة»، حيث سئلت سؤالاً مباشراً عن جمال مبارك، فأجبت إجابة مباشرة يرددها الناس جميعاً.. بعدها قطع الدكتور راتب اتصاله بى.. لم ينطق حتى بكلمة اعتذار كنت سأقبلها على الفور شاكراً.. جاءت الأوامر العليا التى لا نعرف من أين تجىء.

لا أريد الخوض فى تفاصيل أوسع حتى لا يبدو الموضوع كما لو كان شخصياً، ولن أتعرض لمكالمات تلقيتها حينئذ من أولى الأمر فى البلد.. كل شىء بأوانه.. لكنه بعدما حدث فى «دريم»، يتبين لنا أن الخط الأحمر لم يعد جمال مبارك، وأن سقف الحريات هبط ليغطى وزراء ومحافظين من أهل الحظوة، هذه انتكاسة جديدة تحيق بالحريات الإعلامية.

وهى أمر لا يعنى الإعلاميين وحدهم. كل القوى الوطنية يجب أن تدرك أن المعركة الداخلية القادمة ليست معركة سياسية فقط، لكنها معركة إعلامية أيضاً.. ولابد أن يتواكب مع مطالبتنا بالحريات السياسية مطالبة بقدر أكبر من الحرية فى الإعلام.. لا يكفى أن ننادى ببطلان التوريث، ولا أن ندعو إلى شفافية فى الانتخابات وإلى رقابة دولية فحسب..

يجب أن يتيقظ الناس إلى حقهم فى إعلام حر شفاف يطلعهم على حقائق الأمور، ويعكس آراءهم فى مختلف القضايا.. وإذا ما توقف برنامج ما فى قناة تليفزيونية أو تعرض آخر للحذف يجب ألا نكتفى بمصمصة الشفاه والتندر بالحكاية فى المجالس، وإنما يتحتم على الكتاب وجماعات الضغط ومواقع الإنترنت ومنظمات حقوق الإنسان أن ترفع صوتها بالاحتجاج.

الإعلام حق من حقوق الإنسان الأساسية الضائعة فى مصر.. ولما لم يكن للإعلاميين نقابة تدافع عنهم حتى الآن، لذلك يتوجب على المشاهدين جميعاً اليوم أن يتضامنوا مع أحمد المسلمانى ومع عمرو الليثى ومع أحمد بهجت هو الآخر، لأنهم يسعون جميعاً إلى قيام إعلام محترم ينتشلنا من الإعلام الحكومى البائس الذى لم يعد يجدى معه أى ترميم!

التوقيع:
أبى
هل تعرف كم احببتك
هل تعرف كم افتقدك
يا من ترك الدنيا بكل متعتها
اليوم تذهب الى الالهه الخالق
كيوم فيه ولدت باكيا
فهل تذهب بحسنات ام سيئات
حتى تلاقى الله ضاحكا مسرورا




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
حمدي, يقول, قنديل


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع