العودة   الموقع الرسمي للاعلامي الدكتور عمرو الليثي > الأقسام العامة > القسم الاخباري
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 02-20-2010, 09:51 AM
الصورة الرمزية احمد مختار
احمد مختار احمد مختار غير متواجد حالياً
مشرف عام
 


إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى احمد مختار
افتراضي سرقات الآثار.. سياسة وتجارة

سرقات الآثار.. سياسة وتجارة




(كل شىء كان بشكل قانونى) هى الأسطوانة المشروخة التى سرعان ما نسمعها ممن نهبوا آثارنا دون وجه حق، ففى فترات ضعف الدولة وانكماش نفوذها تنتعش سوق الآثار المهربة وفى غفلة من أجهزة الرقابة أو بغطاء قانونى، تحت وطأة الاحتلال سرقت 57 ألف قطعة من الآثار المصرية، وتم تهريبها إلى المتاحف فى الخارج، وهو ما كشفه انتشار هذه الآثار فى بلاد كثيرة منها ألمانيا وفرنسا وسويسرا وكندا وهولندا، وتعددت دوافع السرقات منها ما تم بغرض التجارة والربح السريع، ومنها ما حركته دوافع سياسية.

ومن أهم هذه الآثار حجر رشيد الذى لا يعتبر فك شفرته فتحا فى معرفة الحضارة الفرعونية فقط بل إنه يمثل رمزا لحوار الحضارات، وأن مصر كانت ملتقى ثقافات العالم المختلفة ويحتوى الحجر على نقوش بثلاث لغات هى الهيروغليفية والديموطيقية واليونانية القديمة، وتبدأ حكاية هذا الحجر الذى اكتشفه ضابط فرنسى فى 19 يوليو عام 1799، أثناء الحملة الفرنسية عند حفر الجنود مجموعة من الخنادق، لإعداد التحصينات.

ونقل الحجر بعد تنظيفه إلى الإسكندرية، ومنها إلى القاهرة، ليدرسه العلماء، ولأن العالم جيان فرانسوا شامبليون كان خبيراً باللغة اليونانية القديمة، استطاع مقارنة النقوش اليونانية بالهيروغليفية حتى توصل إلى فك شفرته، كما أمر نابليون بونابرت بطبع نسخ عديدة منه وإرسالها إلى علماء أوروبا لدراسته.

وفى عام 1801 اضطر (مينو) قائد القوات الفرنسية فى مصر، إلى التوقيع على معاهدة التسليم مع الإنجليز، التى نصت على خروج الجنود الفرنسيين من مصر بسلام، كما نصت على أن يسلم الجانب الفرنسى الآثار التى بحوذته ومن بينها حجر رشيد، ورغم اعتراض علماء الحملة، فإن الإنجليز أصروا على هذا البند وبموجب اتفاقية لم تكن مصر طرفاً فيها على نقل حجر رشيد إلى إنجلترا عام 1802 وتم إيداعه فى الجمعية الأثرية بلندن، ومنها إلى المتحف البريطانى مقره الأخير.

أما قصة رأس نفرتيتى زوجة إخناتون، فتبدأ من تل العمارنة عاصمة إخناتون موحد الآلهة فى المنيا، عندما اكتشف «هوب فيتش كوكر» الباحث الأثرى الألمانى، أن الرأس من الحجر الجيرى وزعم أن الرأس من الجبس ليوضع فى خانة تماثيل الأمراء، وغطى التمثال بطبقة من الطمى وصوره فوتوغرافيا بطريقة غير واضحة المعالم بهدف التدليس على مفتش الآثار المصرية، أثناء التقسيم، فخرجت رأس الملكة فى حاوية بين قطع فخارية دون صعوبة تذكر، وكانت أولى محاولات الاستعادة من ألمانيا أوائل الثلاثينيات، ووافق رئيس الوزراء الألمانى على طلب الحكومة المصرية، لكن هتلر رفض، فوضع الرأس فى متحف برلين.

وبنفس الطريقة الخبيثة التى تم بها تهريب رأس نفرتيتى، جاء الدور على تمثال مهندس الهرم الأكبر، العبقرى «حم-إيونو» وفور اكتشاف مقبرته 1912 فى مدينة «هيلديسهايم» أسرع علماء الآثار الألمان بنقله إلى ألمانيا، ليحتل مكانه الحالى فى متحف جنوب مدينة «هانوفر» غرب برلين.

ورغم تهريب آلاف القطع الأثرية إلى الخارج، إلا أنه تم إحباط الكثير من محاولات التهريب من داخل مصر ومنها محاولة تهريب تمثال رمسيس الثانى من قبل لصوص فى سيارة تحمل عشرات من أقفاص الطماطم الفارغة، وحاول مدرس مقيم فى صنبو مركز ديروط، يعمل فى إدارة القوصية التعليمية، ونجله طالب ثانوى، تهريب تمثال أثرى نادر لرمسيس الثانى بقاعدة حجرية مدون عليها كتابات ترجع إلى العصر الفرعونى، وذلك داخل سيارة نقل ووضعاه أسفل الأقفاص الخشبية لخداع رجال المباحث.

وأثناء رحلة نقل التمثال من أسيوط إلى القاهرة لبيعه إلى التجار بأكثر من مليون جنيه، هجم البوليس فجأة على اللصوص، وضبطت السيارة فى كمين على حدود مركز ديروط، بعد تلقى مدير الأمن معلومات عن عملية التهريب، فتم ضبط المتهمين وأحيلا إلى النيابة.

ولم تبدأ حوادث سرقة الآثار فى العصر الحديث، كما يظن الكثيرون، ولكن البرديات القديمة تحمل قصصاً تخبرنا بأن هذه الحوادث بدأت منذ عصر الفراعنة، فمثلاً كان يمكن أن تظل هذه القصة سراً، لولا أن الظروف التى أحاطت بها جعلت البرديات تسجلها لتصبح واحدة من أقدم سرقات الآثار فى التاريخ وترجع الواقعة إلى عصر الملك رمسيس التاسع (1142 - 1123ق.م)، عندما هبط مجموعة من اللصوص وتسللوا تجاه وادى الملوك، وبدأوا تنفيذ خطتهم التى لم يكن مكتوباً لها أن تكتمل بنجاح، وعلى سطح هذه البرديات تم تدوين اعترافات المتهمين: وهذا نصها (هناك عثرنا على مومياء الملك المبجلة، ووجدنا الكثير من الشارات والحلى حول رقبته، وكان على رأسه قناع ذهبى، وكانت المومياء نفسها مغطاة بالذهب بكثافة، فنزعنا الذهب عن مومياء الملك المبجلة، كما استولينا على الشارات والحلى وكسوة التابوت).

التحقيقات التى استخدمت فيها كل وسائل الاستجواب، أدت إلى اعترافات أخرى، حامل مبخرة معبد آمون - الذى كان واحداً من بين خمسة وأربعين متهماً - أكد أن إحدى عصابات السطو فاجأته ليلاً أثناء نومه، أيقظه أفرادها وقالوا له: «اخرج ودعنا نسرق لأننا جوعى»، وروى حامل المبخرة بقية القصة: (صاحبونى فى فتح مقبرة، أخرجنا منها تابوتاً من الذهب والفضة، فحطمناه ووضعناه فى سلة خرجنا بها، ثم قسمناه إلى ستة أجزاء).

وهنا نجد المفارقة التى تتمثل فى أن البرديات التى خلدت هذه السرقة، كانت بدورها ضحية حادث سرقة وبيعت بطريقة غير شرعية فى أسواق الآثار الأوروبية فى نهايات القرن التاسع عشر.

ولم تكن الدوافع من وراء سرقة الآثار المصرية تجارية فحسب بل لعبت السياسة دوراً مهماً، وأثناء الاحتلال الإسرائيلى سيناء من 67 إلى 73 تسلل عدد من الإسرائيليين إلى مخازن تل بسطة الأثرية فى الشرقية وسرقوا 2185 قطعة أثرية فرعونية نادرة، تم العثور عليها فى منطقة بئر يوسف، التى تم اكتشافها حديثاً، فى محاولة منهم لفك رموز الحقبة الزمنية التى عاشها اليهود فى مصر، خاصة تلك التى عاش فيها يوسف وموسى عليهما السلام، وتم تهريب هذه القطع، التى تعود إلى بداية عهد تكوين الأسر الفرعونية إلى تل أبيب مباشرة، عن طريق سيناء مثل غيرها من الآثار المسروقة، وقام بالسرقة الوفود الإسرائيلية التى كانت تأتى لزيارة تلك المنطقة بكثافة للتجول داخل المخزن المتحفى، هذا بالإضافة إلى قيام بعض حكام مصر بإهداء الآثار ومنهم محمد على الذى أهدى مسلة لفرنسا، كما أهدى الخديو عباس الأول جميع معروضات أول متحف للآثار الفرعونية، الذى كان مقاماً داخل أحد قصور المماليك فى الأزبكية إلى ولى عهد إمبراطور النمسا.

بينما أهدى جمال عبدالناصر شاه إيران السابق وزوجته وشخصيات عديدة من الملوك والرؤساء تماثيل للطائر أبيس، والآلهة أوزوريس وإيزيس، ومجموعة من العقود والأوانى من عصر الملك زوسر، وكذا أهدى الرئيس أنور السادات مجموعة تماثيل وأوان عثر عليها فى منطقة سقارة بالإضافة إلى تماثيل خشبية مذهبة ترجع إلى العصر المتأخر.

كما أهدت الحكومة المصرية فى عهد السادات مجموعات آثار معبد دندرة الصغير الذى كان مقاماً على أرض النوبة إلى الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون، أثناء زيارته لمصر، 1974، كما أهدت معبد دابوت إلى الحكومة الإسبانية والمقام حالياً على ربوة عالية فى ميدان مدر.
التوقيع:


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الآثار.., سياسة, سرقات, وتجارة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع