إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-26-2010, 01:49 AM
صلاح ابوشنب صلاح ابوشنب غير متواجد حالياً
عضو
 


افتراضي قنطرة طليطلة - الحلقة الثانية

قنطرة طليطلةالحلقة الثانية ( قصة مترجمة من الادب الاسبانى بتصرف)

جلست اجيدا تفكر جيدا فيما حدث وتخشى على زوجها من تلك المصيبة التى سقطت عليه فجأة وهى تعلم انه برىء منها تماما ، وتعلم انه لم يقصر فى عمله قط ، ولكن المأخذ الوحيد الذى كان يمكن ان تأخذه عليه فى سبب حدوث تلك المأسآة هى ثقته الزائدة فيمن يعملون حوله ، وربما كانت تلك الثقه هى سبب تلك الكارثه .
- قالت اجيدا تحدث نفسها وهى جالسه فى احد اركان الصالة المواجهة للحجرة التى يستلقى فيها زوجها وهى تراه من مكانها وهو يتململ فى فراشة محاولا النوم ، يتقلب فى مضجعه يمينا تارة ويسارا تارة أخرى يضع يده فوق رأسه تاره وفوق عينيه تارة اخرى يقلب فكره قلقا متحسرا على انتهت اليه الامور ، بشكل لم يكن يخطر له على بال : ياترى هل يمكن ان يكون ما حدث بالامس هو بفعل فاعل ؟
ثم انتقلت الى السؤال التالى : وان كان حقا كما يظن الفارو انه بفعل فاعل فمن ياترى يكون هذا الفاعل ؟
ان كل العاملين من حوله يحبونه وكلهم ينتطرون كما ينتطر باقى الناس الى اليوم الذى يرون فيه القنطرة وقد انتهت واصبحت جاهزة لاستقبال الناس من كلتا الضفتين ، حتى المسؤلين وعلى رأسهم الا تونوريو يحبون زوجها ويقدرونه ولولا هذا التقدير والثقه الكبيرة فى روعة اعماله ما كانوا اختاروه للقيام بتصميم وتنفيذا هذا المشروع الحيوى الهام .. فمن ياترى يكون الخائن .. من ياترى يكون هذا الذى يعمل فى الظلام للاطاحة بمستقبل زوجها وحبيبها الفارو؟
فجأة نهضت اجيدا من مقعدها منتصبة على قدميها وهى تصرخ صرخة مكتومة فى داخلها حتى لا توقظ من بالبيت لا سيما زوجها الذى تتمنى له ان يتمكن من النوم ولو لفترة قليلة .
كانت اجيدا فى احد الايام وخصوصا فى الايام الاولى لبدء تنفيذ المشروع فى زيارة لزوجها عند لاح أمام عينيها أحد المقاولين وهو يعطى أوامره الى النحاتين بضرورة الالتزام بما يقوله لهم بالحرف الواحد ، والا سيطردهم من العمل . حذبت نبرة صوته اهتمامها بسرعة وخصوصا تهديده للعاملين بالطرد فوقفت عن كثب تراقب ما يدور لكنها احست انها سبق ان رأت وجه ذاك الرجل من قبل ولكن لم تستطع ان تحدد المكان الذى التقته فيه ، راحت تعصر رأسها عصرا كى تتمكن من التعرف عليه ولكنها لم تهتدى الى شىء ، واخيرا انصرفت . وعندما استرجعت هذا المشهد تذكرت بأن ذاك الوجه هو وجه الشخص الذى سبق ان تقدم لخطبتها ورفضتها بشدة ، ويومها احسن بالاهانة فانصرف وهو يتمتم بكلمات لم تتبينها ولم يتبينها احد من اهلها الذين كانوا يجلسون لحظة وجوده .
اجيدا : يا الهى كيف لم اتذكر كل ذلك ، عادت الى الورآء الى سنوات كانت قد مضت وانقضت ونسيت احداثها فى خضم حياتها الجديدة وحبها العارم لالفارو والتصاقها الشديد به فهى نادرا ما تتركه وحده حتى فى عمله ، كان هو الزوج والاخ والصديق بل والام والام معا ، كان هو كل حياتها ومحور نشاطها ... هنا تذكرت ما حدث فى السنوات الماضيه عندما كان زوجها يتولى تنفيذ مشروع الكتدرائيه الكبرى ، حيث ذهبت اليه فى احد الايام لتشاهد ما انتهى اليه العمل فى ذاك المشروع الرائع الضخم الذى اعتبر تحفة فنية رائعة دخلت الى تاريخ الفن المعمارى العالمى على يد زوجها البارع الفارو ، هناك وجدت نفسها فجأة وجها لوجه أمام ذاك الشخص الذى كان قد تقدم لخطبتها فى يوم من الايام وكانت ساعتها على علاقه بالفارو وكانا قد اتفقا بل تعاهدا على الزواج بعد قصة حب ساخنه . يومها اعترض ذاك الشخص طريقها اثناء صعودها فوق سلالم الكتدرائيه التى كانت فى ذاك الوقت تحت الانشاء وكانت اكوام من الاخشاب والسقالات والحبال تحوطها من كل جانب ، يومها ارتبكت وتمنت ان يظهر احد لينقذها من هذا الموقف الغير متوقع على الاطلاق ، لكنها لم تجد احدا ، واستغل هو ضعف جسمها وصمت المكان وخلوه من العاملين فتقدم نحوها قائلا : أجيدا .. ها نحن نلتقى من جديد ، .. اليس كذلك ؟
ارتعدت اجيدا وهى تنظر الى وجهه محاولة تذكره بعد مضى كل تلك السنوات ولكنه لم يمهلها واستطرد يقول : الا تتذكرينى .. أم انك تتظاهرين بأنك لا تعرفينى ..
ردت اجيدا بسرعة وفى حزم : من تكون .. انا فعلا لا اعرفك ..
قال : وايضا تكذبين ؟ هل تزوجت من الباشمهندس الشهير .. اعرف انكما قد تزوجتما لان اخبارك كلها عندى ..
اهتز كيانها بشدة وهى تعيد على نفسها تلك العبارة الاخيرة وهمست فى داخل ذاتها : ان هذا المجنون ما يزال يتذكرنى ويتتبع اخبارى .. يا لها من كارثه .. ماذا لو علم الفارو بذلك ؟ ماذا لو رأنا هنا فى تلك اللحظة .. يا الهى .........
فى غمرة غفلتها امسك بذرعها وجذبها اليه محاولا تقبيلها عنوة ، لكنها صدته بكلتا يديها وبكل قوتها ، ولكنه كان الاقوى واصبح وجهه ملاصق لوجهها شرعت فى الصراخ لكنها خشيت الفضيحه بين جموع العاملين ، فريما يدعى هذا الشخص امام الناس انه على علاقه بها ، وهكذا تهتز صورتها فى عيون زوجها فآثرت الصمت وهى تبكى وفجأة تهادى الى اسماعهما صوت اقدام اتيه من خلف ركام الاخشاب والسقالات والحبال المتراكمه هناك فى كل مكان ، وشيئا فشيئا اقترب الصوت اكثر ، هنا قالت اجيدا : اتركنى والا صرخت بأعلى صوتى ، وهنا اضطر ان يترك ذراعها ويتظاهر بانه يقيس بعض الاعمدة ، انتهزت الفرصة فأسرعت بالاختفاء من امامه لاحثه عن الفارو ، تابعها بقوله : لن تفلتى منى يا اجيدا ولسوف يكون انتقامى قاسيا .. تذكرى تلك الكلمات يا اجيدا .. ان لا امزح ...
هنا تأكدت اجيدا بانه الفاعل ..
تقدمت نحو الحجرة التى فيها الفارو فوجدته نائما فربتت على صدره برفق وقبلته فوق جبينه بحنان ، أطفأت السراج ، انسحبت من الحجرة فى هدوء بعد أن أغلقت بابها . سارت فى الصالة الواسعة على اطراف اصابعها حتى وصلت الى غرفة الخادمة فوجدتها نائمة ، أغلقت عليها باب الحجرة بهدوء وانسلت الى الصالة .
وقفت برهة تنظر حولها ، تقدمت الى علاقة الملابس، تناولت ثوبا فضفاضا فارتدته ، وسدالا اسودا لفته حول رأسها وأرسلته على منكبيها ، توجهت نحو باب المنزل ، ففتحته بهدوء شديد ، نظرت الى الطريق بحذر ، فوجدتها خاليه ، دلفت بعد أن اغلقت باب المنزل خلفها بحرص . انطلقت اجراس الكنائس تعلن عن موعد اغلاق ابواب اسوار طليطلة ، هرولت نحو اقرب الابواب ، فدلفت من خلاله دون ان يتنبه اليها الحراس ، فى وسط الخلاء وفى قلب الظلام والوحشة وعوى الذئاب ، راحت تجرى دون ان تتمكن من رؤية ما حولها ، بالكاد تتبين طريقها الى ان وصلت الى موقع القنطرة ، دخلت مسرعة من بابها الرئيسى الملاصق للبرج الاول المقام على الضفة الشرقيه للنهر ، قطعت السلالم بالجملة متخبطه بين ركام الاخشاب والحبال والبكرات والرافعات الحديدية المعلقة بالحبال الى ان انتهت الى السطح ، سارت تتحسس الطريق حتى اصبحت فوق منتصف القوس الاكبر ، اخرجت من جيب سترتها علبة فيها سائل سكبته فوق كومه من الاخشاب كانت هناك و أشعلت فيها النار، وعادت من حيث جاءت . ما أن وصلت الى عرض الخلاء الواسع حتى هبت عاصفة هوجاء انتشرت فى كل مكان . قاومت الريح العاصف بكل ما كانت تملك من قوة ، وقبل ان تصل الى بيتها كان المطر ينهمر بشدة ، كانت

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثانية, الحلقة, طليطلة, قنطرة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع