إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-13-2018, 05:54 PM
الصورة الرمزية على الشامى
على الشامى على الشامى غير متواجد حالياً
إداره الموقع
 

افتراضي د عمرو الليثي يكتب صديق العمر ووصية واجبة



كان حديث الموت فى حياتنا حديثاً متكرراً، خاصة بعد أن توفى المرحوم أخى الوحيد شريف، ودفن فى المقبرة التى بناها أبى.. ودفن شريف فى نفس المكان الذى دخله بنفسه وهو على قيد الحياة.. بل ودفن كما أراد بجانب الحائط المقام أسفل المقبرة.. كنت فى مرحلة الشباب عندما مات شريف.. فقد كان صديقى الوحيد.. كنت أتحدث معه ويتحدث معى.. وأحكى له ويحكى لى.. ورغم صغر عمرنا.. إلا أن أخى شريف كان سابق سنه.. كان لا ينام إلا قليلاً جداً.. ويبدو أن شعوره بأنه ضيف خفيف فى الحياة جعله يستيقظ أكثر مما ينام. كان شريف لا ينام إلا بعد عودة أبى من عمله فى وقت متأخر، وكان يقول لى: أنا مش هنام إلا لما أطمن على بابا.. كما لو أن شريف هو الأب.. كان حنوناً عطوفاً قوياً، تحمل من الآلام ما لم يتحمله الكبار.. كان يحاول دائما أن يخفى آلامه حتى لا يتأثر بها أقرب من حوله والدتى وأبى وأنا.. وأذكر أننا كنا ذات يوم بصحبة أبى لنحضر معه عرضا خاصا لفيلم من إنتاجه فى استديو مصر عام 1982 «آسفة أرفض الطلاق»، وإذا بى وأنا أسير ألاحظ غياب شريف، وأفاجأ به قد جاء بعد لحظات وملابسه مليئة بالتراب، فأقول له: مالك؟.. فيرد: وقعت على الأرض.. والواقع أنه لم يقع بل أصابه دوار نتيجة نقص السكر.. وكان شريف يخفى ذلك.. كان شريف به رجولة مبكرة.. كنت أتعلم منه رغم أننى أكبره فى العمر بأربع سنوات.. كنا جميعا نعيش فى ألم شديد لأن أصغر أعضاء أسرتنا الصغيرة يتألم يوميا ثلاث مرات، وهو يتناول حقنة الأنسولين قبل كل وجبة.. ولن أنسى ليلة وفاة شريف.. عندما أصيب بآلام فى المعدة، وكنا فى شهر أغسطس عام 1983 وتحديدا يوم 27.. وفى ذلك اليوم جاء أبى بالطبيب وأعطى لشريف الدواء.. وظل شريف طوال الليل يتألم ألما شديدا وهو يحاول أن يخفى ألمه عنا، لدرجة أنه كاد أن يمنع نفسه من البكاء وهو يتألم فى سريره حتى لا ينقل آلامه إلينا.. ما هذه القوة يا شريف لطفل لم يتجاوز العاشرة؟ ولكن أيقنت أن شريف كان على علم بأنه سيموت وكان يشعر بذلك.. ولن أنسى أنه قبل وفاته بساعتين وقبل أن يدخل فى غيبوبة عميقة.. قال لى ولأمى: (يا ماما أنا شايف ناس شكلها غريب)، وكنا أنا وأمى وأبى لا نفهم ما يقول.. ولكن بعد سويعات قليلة، وعندما جاء إلى منزلنا، الساعة 6 صباحا، الدكتور المرحوم زكريا الباز، طلب نقل شريف فورا إلى مستشفى المعادى، وحملت شريف على يدى وأبى يسير فى منتهى السرعة، وما أن وصلنا إلى مستشفى المعادى.. حتى فاضت روح شريف إلى بارئها وسط دموع من أب وأم مكلومين لفقد الابن، وسط ذهول منى وأنا أفقد الصديق الوحيد.
وللحديث بقية.
التوقيع:


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع