عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-30-2010, 05:48 AM
hanaa.sefrioui hanaa.sefrioui غير متواجد حالياً
عضو
 


افتراضي عرس ليس كالأعراس

عرس ليس كالأعراس
هو شاب عمره 34 سنة، كل سنة ينوي الزواج ليحصل شيء ما يعيق ذلك وكأن القدر كان يقف امام زوجته المستقبلية ليبعدها عنه، لكنه كان مصرا كل الاصرار على الزواج، فقرر وبحزم أن يتزوج هذه السنة حتى انه دعانا قائلا بالحرف 'هذه السنة ستحضرون عرسي" لم نصدقه بل تجاوزنا ذلك بالسخرية منه "صحيح أنك وسيم ومتخلق وطيب لكن يبدوأنك نسيت دائما تقول هذا ولاشيء يحصل منه، هيا هيا كفاك كلاما" ثم بدأنا نضحك ساخرين من جديد أو بالأحرى غير مصدقين له، لكنه أكد لنا ذلك بثقة عمياء "ستحضرون عرسي يعني ستحضرونه وهذه السنة بالذات"
قوة التحدي التي كانت في ملامحه أصابتنا بالدهشة لتنقلب ملامحنا من الصخرية الى ملامح أكثر جدية مما جعلنا نراهنه "أنت أكدت في هذه السنة" اذن الرهان بيننا هو الزمن، اما ان يفند شكوكنا او يؤكد صحة كلامك.

وفعلا مرت الشهور ليضعنا القدر أمام ذلك الرهان الغريب، ولست أدري من كسب الرهان، نحن أم هو؟ وليجبرنا القدر فعلا على حضور عرسه الذي شككنا سابقا في وقوعه، لكني لازلت أصر على طرح السؤال من كان على حق، نحن أم هو؟؟
دائما أطرح هذين السؤالين وفعلا أتأرجح بينهما محاولة ايجاد ايجابة واضحة، من كسب الرهان، هو أم نحن؟؟ لأنه فعلا كان عرسا غريبا لم يكن عاديا أبدا، لقد كان عرسا ليس كالأعراس، وحتى العريس لم يكن كالعرسان، نعم الناس كانوا يهللون ويزغردون، لكني لست أفهم ان كانوا يفعلون ذلك فرحا أم حزنا، فعلا كانت مشاعر متداخلة بين الفرح والحزن ، وجوه مبتسمة والحزن يأكل من ملامحها، دمعات تتقاطر كالمطر، وقد كان يوم الأربعاء المطر يهطل ساعات ثم يتوقف، هكذا أيضا كانت دموعهم تهطل ساعات ثم تتوقف وبعد برهة تهطل من جديد، وكأنهم غير مصدقين أنهم يحضرون عرسا ليس كالأعراس ويزفون عريسا ليس كالعرسان.

نعم لم يكن بعريس عاد، فقد كان بدون عروس، وحده فقط من كان يرتدي الثوب الأبيض، وحتى ذلك اليوم لم يكن بيوم عاد، سبحان الله، فقد كانت السماء في ذلك اليوم تشارك في العرس بأمطارها الغزيرة، كانت هي أيضا ردة فعلها متداخلة بين الازعاج والمساندة، بين الفرح والحزن، لأنها فعلا شاركت بأمطارها دموع المدعوين، الى هنا الكل يتساءل، ماهذا العرس الغريب؟ وماهذا العريس الغريب؟ وما تلك البذلة البيضاء الغريبة؟ لقد كان الثوب الأبيض هو كفنه،ملفوفا فيه، نعم كان عريس بلا عروس، نعم كان عرس ليس كالأعراس، نعم تلك الفرحة المتداخلة بالحزن الشديد سواء من السماء او الأهل، كانت عن رضى وقوة ايمان منهم، فالسماء كانت تستعد للقائه، أما الأهل فقد رحبوا بذلك بجو ممزج بحزن الفراق وفرح اللقاء، الله أراده، اختاره ليكون بجواره..كانت تلك هي كلماتهم وما أكد قناعتهم هاته أنه مات موتة طبيعية...كان من الصعب علي استعاب هذا لدرجة أني خفت أن يكون هذا قلة ايمان مني، كلما طرحت أسئلة وحاولت ايجاد أسباب لها الا وأجد نفسي أمام جواب وحيـــد، ارادة اللـه لا اعتراض عليها "ومافيهاش ليه وازاي"

كيف يمكن أن يموت دون سابق انذار، دون أي علة مرضية ولا حتى سكتة قلبية وهذا ما أكده الطبيب الشرعي، هذه هي فكرة الموت المتواجدة عند أغلبنا، اما أن يكون مريضا أو مات في حادث، او سكتة قلبية أوغير ذلك، لكننا نتناسى انه فعلا يمكن ان يموت شاب في مقتبل عمره موتة طبيعية وليس بالضرورة ان يكون مسنا ليحدث ذلك، لما لا يكون هذا له اعتبار عندنا؟ فهو شاب ذو 34 سنة وقد اختاره الله وقد سبق وحدث هذا لبنت جارتنا لكنها كانت متزوجة عكس المرحوم، كان عمرها 24 سنة ماتت أيضا موتة طبيعية وسبحان الله العلي العظيم ماتت صباح يوم العيد، فكان ذلك العيد أيضا ليس كالأعياد.

ان كان الموت لهذه الدرجة قريب منا فلما يتناساه البعض؟؟؟ بل ويتجاوز ذلك بتضييع حياته في كره واقصاء الاخر بل ونشر ذلك الى المجتمع خاصة ان كان شخصية عامة فثقل اللوم والوز يتضاعف، فعلا أشعر بالشفقة حين أشاهد على التلفاز شخصية عامة نافخة ريشها الذي يدغدغنا ويصيبنا بالصخرية والاستياء بسبب اعلان سبها وعداوتها على أخيها ظانة ان تلك هي القوة متناسية الحديث الشريف للرسول صلى الله عليه وسلم "من يشين على مسلم بكلمة كان حقا على الله أن يذيبه نارا يوم القيامة" هذا لمجرد سب او اهانة فمابالك بالأمر الذي يصل الى الأذى والظلم والافتراء بغير وجه حق كما حدث مع أسرة الشهيد خالد سعيد وغيرهم، وأكيد من هو متتبع جيد سبفهم كلامي، فالفتنة أصبحت حتى بين المسلمين أكثر من غيرهم
معتقدين أن المؤمن القوي هو من لا يتسامح بل هو من يعلن الكره والعداء علنا لأخيه بينما مع الاسف الأمر وصل الى سوء فهمنا للدين، فالمؤمن هو الذي يتغلب على شرور نفسه ويسعى لتحقيق انتصار النفس، وعندما يجد نفسه في موضع قوة مع أنها لاتدوم فعليه أن يسارع الى قيمة التسامح لكن ما نلمسه هو الجبروت والطغيان متناسين أن لكل بداية نهاية و اخر القوة الضعف، هذا ليس كلامي بل هذا ما أكده التاريخ فلكل امبراطورية قوية نهاية ضعيفة ولما نذهب بعيدا يكفي ان استدل على طبيعة الانسان، فنحن نولد ضعفاء جدا ونموت ضعفاء جدا.

أظن المرة القادمة سأضطر أن أحكي اللحظات الاخيرة للشاب المرحوم مصطفى والتي لاتقل غرابة عن عرسه، ربما سردها يجعلنا نمجد التأمل ونقف وقفات تأملية مع الذات وأيضا الاخر وربما أيضا يجعلنا نغوص في نفوس بعضنا لنكتشف قيما عميقة وروحية ربما لم تخطر يوما في بالنا لانه من كثرة انتشار القيم السلبية في المجتمع فهي من أصبحت تشغلنا، جيد على الأقل نرفضها لذلك نفكر فيها لكن هذا لا يعني أن تستعمر حيزا أكبر من عقولنا وكياننا، لدرجة اصابتنا بالاحباط، لدرجة تنسينا ميزة التأمل في القيم الايجابية ، لدرجة تنسينا تحويل الأخطاء الى نجاح...

سأحاول سرد اللحظات الأخيرة والغريبة للشاب و أتمنى ان أجيد التفنن فيها، طبعا ان كتب لنا الله العمر الى ذلك الحين سأظل أتساءل من كسب الرهان، هو أم نحن من حضرنا عرسه الذي لم يكن عرسا كالأعراس؟؟


"يتبع، ان كتب الله لنا عمر"
[/size]


[CENTER].................................................. .................................

تتمة,,,,,,,,,,,,عرس ليس كالأعراس

أظن سأضطر أن أحكي اللحظات الأخيرة للشاب مصطفى، قبل موته بساعات شرب 3 كؤوس من الحليب والكأس الرابع عندما أراد شربه سكب منه، المهم كان جالسا في الصالة يشاهد التلفاز مع أسرته بعدها ببرهة حط رأسه على ركبة أمه، نحن سخرنا من كلامه لكن أمه سخرت من تصرفه

يا بني أنت تؤلم ركبتي بوزنك الثقيل، فلم تعد ذلك الطفل لأقدر على حمله ومداعبته لكنه قال بهدوء

دعيني يا أمي، فأنا مرتاح هكذا

ثم قال في دعابة

أمي أظن أثناء إنجابي مررت بلحظات صعبة وصبرت إلى أن أنجبتني للحياة، فلا بأس إن صبرت لحظة إلى أن يداهم ابنك النوم

تنهدت وحضنته بيدها أو بالتدقيق وضعت يدها على كتفه وهي تشاهد التلفاز ولم تدرك بأنه سينام للأبد، لم تدرك أنه آخر حضن، لم تدرك أن ذلك الجسم الثقيل سيصبح بعد برهة خفيفا، ولم تكن تدرك أنها آخر ليلة ستراه لذلك اختار أن يموت في حضنها طبعا دون إدراك منه أن تلك ساعاته الأخيرة لأنه قبل موته بيوم خطب فتاة والآن فهمت لما بوسامته وأخلاقه كلما أراد الزواج لا يكتب له ذلك، فعلا سبحانه له حكمة في كل شيء، أكيد لو تزوج لكانت زوجته مترملة في عز شبابها.

ورغم انه لم يكن مستعدا للموت فلم يكن مريضا كما سبق وذكرت إلا أنه اختار ربما بشكل فطري أن تكون لحظاته الأخيرة في حضن أمه هذا الجسد الذي حمله 9 شهور
أما هو بجسده الذي خرج للحياة كوزن الريشة وكبر وأصبح شابا قوي البنية بعد برهة وفي لمح البصر أصبح وزنه خفيفا كبداية مولده وكما دخل للحياة ضعيفا لا حول له ولا قوة خرج منها كذلك لا حول له ولا قوة وهو في ريعان شبابه.

و اضطررنا إلى حضور عرسه ولحد الآن أتساءل من كسب الرهان هو الذي أكد لنا أننا سنحضر عرسه
أم نحن الذي حضرنا عرسا ليس كالأعراس؟؟؟
عاشقة الكتابة والتأمل هناء
التوقيع: مقتنعة أن المعاناة تولد الابداع
نعم الابداع أساسه المعاناة
رد مع اقتباس