عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-04-2018, 05:00 AM
الصورة الرمزية على الشامى
على الشامى على الشامى غير متواجد حالياً
إداره الموقع
 

افتراضي دكتور عمرو الليثي يكتب حكايات من زمن الفن الجميل (15): يوسف بيك وحياة وموت

كان لفنان الشعب يوسف وهبى تأثير كبير على عمى المنتج جمال الليثى الذى منذ بدأ عشقه لفن السينما تفتحت عيناه على فنان الشعب يوسف وهبى وعندما نطقت أفلام السينما المصرية فى بداية الثلاثينيات تعود أن يذهب إلى سينما (إيديال الوطنية ومكانها مسرح الجمهورية الآن) لكى يقطع تذكرة بخمسة مليمات (تعريفة) ويجلس على حصيرة يفرشونها فى الصفوف الأمامية لكى يتفرج على يوسف وهبى فى أفلامه «أولاد الذوات وعاصفة على الريف وليلة ممطرة وليلى بنت مدارس»، وكانت له العمادة والريادة فى فن التمثيل، وكان الأستاذ جمال الليثى يقول إنه لم يسعده حظه فى مواكبة مجده المسرحى عندما افتتح فرقة مسرح رمسيس فى السنوات الأولى من العشرينيات، فقد ولد فى هذه الفترة لكنه قرأ تاريخها وتراثها عندما صار شاباً يافعاً وملأت أسماعه عبارة يوسف وهبى الشهيرة «وما الدنيا إلا مسرح كبير» وتأثر بها. وفى الستينيات حضر الأستاذ جمال الليثى حفلا أقامه د. حاتم عبدالقادر لتوزيع الجوائز على الفنانين، وكان على رأسهم الفنان يوسف، وبعد أن تسلم الفنان الكبير جائزته من الدكتور حاتم ارتجل بطريقته المسرحية المأثورة كلمة بدأها بقوله: «أين أنت يا أبى الباشا لترى الدولة تكرمنى وتمنحنى الجوائز وأنت الذى منعتنى دخول القصر واعتبرت احترافى للتمثيل سبة لا تليق بأولاد الباشوات»، إنه تاريخ طويل لن أضيف جديداً إليه بعدما رواه فنان الشعب فى مذكراته وكتبه التى نشرها عن حياته وسيرته الفنية..

لقد بدأت هواية التمثيل معه وهو صبى واعتاد أن يقيم مسرحاً صغيراً مع زميل صباه شيخ المخرجين محمد كريم فى كشك خشبى بحديقة قصر الأسرة فى عابدين ليمثلا معاً بعض المواقف والمشاهد التمثيلية التى يحضران تقديمها فى مسرحيات أو فى أفلام السينما الصامتة التى بدأت تغزو بعض المقاهى فى القاهرة والإسكندرية، ولازمت الهواية يوسف وهبى فى شبابه فشارك فى بعض الفرق المسرحية الهاوية ولعب أدوارا على المسرح مع زملائه الهواة وأغضب هذا والده إسماعيل باشا وهبى ونهاه عن هذه الهواية وحرم عليه الظهور فى وسط «المشخصاتية الصعاليك» ولم يجد بدا من إرساله إلى إيطاليا ليدرس الهندسة المدنية لكى يبعده عن التمثيل لكن ما إن استقر فى العاصمة الإيطالية روما حتى بهرته أضواء الفنون فيها فهى بلد «الأوبرا» وفنانيها وبلد المسرحيين العظام ذوى التقاليد العريقة فى الفن وبدلا من الالتحاق بالجامعة الإيطالية لدراسة الهندسة أخذ يوسف وهبى طريقه إلى أشهر مسرح فى روما لكى يتتلمذ على يد أكبر فنانيه وأطلقوا عليه لقب «الفرعون المصرى»، وبالطبع عندما بلغ هذا أسماع والده الباشا قاطعه وقطع عنه المال الذى يرسله إليه بل وتبرأ منه حتى آخر عمره ولم يعد إلى القاهرة إلا بعد أن بلغه نبأ وفاة والده، وكان أول ما فعله بالثروة الطائلة التى ورثها عن أبيه تكوين أول فرقة مسرحية لعبت دوراً تاريخياً فى الحياة الفنية، وهى فرقة رمسيس التى كانت أول الطريق إلى فن مسرحى مصرى أصيل يكتب تاريخاً عريقاً للتقاليد المسرحية ويخلق نجوماً للفن المصرى على امتداد قرن كامل..

كان يوسف وهبى من الشخصيات التى أبهرت جمال الليثى وأبهرتنا جميعاً بالطبع، وكان لا يتردد فى الاعتراف بأنه عندما عرفه فى مقتبل عمره كان يشعر تجاهه ببعض الهيبة التى تفرضها شخصيته وبعض تقدير وإعجاب يصل إلى مرحلة الإيثار، وتوثقت صداقته بالفنان الكبير وذهب ذات مرة مع المخرج الكبير إلى قصر يوسف وهبى فى الهرم، وكان الأستاذ كمال يستعد لإخراج فيلم حياة أو موت، وزاراه لكى يعرض عليه المخرج كمال الشيخ دور حكمدار القاهرة الذى مثله بجوار عماد حمدى ومديحة يسرى وحسين رياض والطفلة ضحى أمير، التى كان الأستاذ كمال الشيخ قد اختارها لدور البطولة، وكان يوسف وهبى يرى فى ذلك جرأة من كمال الشيخ، ويرى أن الطفلة بغير تجربة ويمكن أن يؤثر ذلك فى نجاح الفيلم إذا لم يتعاطف معها الجمهور، لكن الأستاذ كمال الشيخ أثبت أنه محق فى اختياره ونجح الفيلم ليصبح واحدا من تراث السينما المصرية.

وللحديث بقية.
التوقيع:


رد مع اقتباس