الموقع الرسمي للاعلامي الدكتور عمرو الليثي - بقلم عمرو الليثي:يعني أيه گلمة وطن؟!

يعني إحساس بالأمان والطمأنينة والراحة والاستقرار يعني ان تذهب لعملك وتجتهد فيه وتنتظر ان تجني ثمار هذا العمل أياً كان نوعه سواء عمل اداري او يدوي او ابداعي.. يعني ان تنهي يومك وتعود لمنزلك لتجد زوجتك وقد أعدت لك طعام الغداء، وابناءك عائدين من المدرسة والجامعة بعد عناء يوم طويل فمنهم من عاد سائرا او راكبا لكنهم عادوا ليلتقوا كأسرة واحدة علي الغداء يحكي كل منهم للآخر ماذا واجه طوال يومه فتحكي انت ما حدث لك في عملك ومشاكلك مع رئيسك في العمل وتحكي زوجتك ان سعر الزيت غلي والبوتاجاز مش موجود ويحكي لك ابنك عن الجامعة وملازم الأساتذة غليت اما ابنك الصغير فيحكي لك انه عايز «درس خصوصي» في مادة الكيمياء وعايز درس في الرياضيات وفي النهاية تنهض الاسرة البسيطة من علي منضدة الطعام بعد ان فضفض كل منهم عما يشغله وفي المساء تلتقي الاسرة علي التليفزيون لمشاهدة المسلسل العربي.. والأب يخرج للعمل مرة اخري محاولا زيادة دخله وراتبه.. اما في الاعياد فتلتقي الاسر مع بعضها البعض تتزاور، وفي رمضان يلتقي الجميع حول مائدة ينتظرون مدفع الافطار يتحاورون ويضحكون من قلوبهم داعين الله ان يوفق اولادهم ويرزقهم.. هذا هو معني الوطن للمواطن المصري البسيط الذي لم يكن يوما يهتم لا بالسياسة ولا برجالها ولو سألته من هو رئيس الوزراء.. فبعضهم لا يعرف اسمه.. المواطن المصري البسيط قبل الثورة هو نفسه بعدها.. انسان كل همه ان يوفر اللقمة الحلال له ولزوجته وابنائه.. كل غايته ان يفرح بابنته عندما تكبر وان (يحوش علشان جهازها).. هذا الانسان كان راضياً وقانعاً بأحواله.. وكلما كانت ترتفع الاسعار كان يشد الحزام.. وهو ايضا راض وقانع.. وعندما يرتفع سعر كيلو اللحمة يمتنع عن اكلها ويقول لك الفول والطعمية موجودين.. (يوم معاه ويوم مافيش المهم اليوم يفوت).. ليس لديه مانع ان يحرم نفسه من ملذات الحياة من اجل دفع ثمن الدرس الخصوصي لابنه او شراء ملابس المدرسة لابنته.. والآن بعد الثورة.. هذا المواطن له حق علينا.. حقه علينا ان نرفع من مستوي معيشته الضنك.. حقه علينا ان نشعره ان الثورة قامت ليسترد حقوقه المغتصبة.. لينعم بالعدالة الاجتماعية التي افتقدها سنوات طويلة.. ان يجد فرص عمل شريفة لابنائه (اللي عايش علشان يعلمهم).. ان يجد السكن لابنه حتي يتزوج.. وايضا ان ينعم بدفء الامن والطمأنينة.. هذا المواطن الذي اتحدث عنه ليس له اي اطماع سياسية فهو لا يميني ولا يساري ولا ليبرالي ولا علماني ولا اخواني ولا سلفي ولا ينتمي لاي حزب سياسي.. لان مشاكل الحياة اثقلت كاهله والهموم جعلته يعيش اسيرها.. كل ما يتمناه الحياة الكريمة له ولاسرته.. وهؤلاء ليسوا القليلين: إنهم غالبية الشعب المصري.. الغالبية الصامتة التي لا تتحرك (لأن اللي فيها مكفيها).. هؤلاء لهم حق علينا.. لا يجب ان نشعرهم انهم الآن يدفعون ثمن صراعات سياسية بين تيارات متناحرة كلها تسعي للوصول للسلطة وحكم مصر.. يجب ان نكرس بداخلهم فكرة ان الثورة قامت من اجلهم ومن أجل حياة افضل لابنائهم وليس العكس ..إن ما يحدث في مصر الآن من صراعات وخلافات وغياب للامن وانتشار الفوضي والفساد وغياب لوجود رؤية عند اصحاب القرار في مصر .. من الممكن ان تؤدي الي نتائج سلبية عند المواطن البسيط الذي اتحدث عنه .. ارجوكم يا من تتناحرون تذكروا هؤلاء المصريين البسطاء وضعوهم نصب أعينكم واعيدوا لهم الايمان والثقة بأن الثورة قامت من اجلهم (طمنوهم ان الوطن وطنهم وان الشعور بكلمة وطن ليس مجرد شعار يقال او هتاف يردد.. إنه احساس بالامن والاستقرار والامل في غد ).. واعود لعنوان مقالي الذي اسأله لكل قارئ (يعني ايه كلمة وطن؟).