الموقع الرسمي للاعلامي الدكتور عمرو الليثي

الموقع الرسمي للاعلامي الدكتور عمرو الليثي (http://amrellissy.com/vb/index.php)
-   المنتدي العام (http://amrellissy.com/vb/forumdisplay.php?f=10)
-   -   الجنــــــــدى (http://amrellissy.com/vb/showthread.php?t=14668)

صلاح ابوشنب 06-26-2010 02:00 AM

الجنــــــــدى
 
الجُنـــــــــــــدى

من نوافذ القطار التى تنهب رتابة نواقيس عجلاته حقول الارض الخضار ، تترائى لى التبة والدشمه وانا اخترق عمق الصحارى وكثبان الرمال ، تتراقص أمامى الاشباح ويتوارى من خلفى العمار. التحق بالخدمة العسكرية فور تخرجه ، لا يدرى متى تسريحه كباقى الشباب ، الظروف قاسية والكل بعد النكسه ينتظر لحظة الأخذ بالثأ ر واستعادة الكرامة ، لم يكن السؤال عن متى يتم التسريح ؟ وانما كان متى نخوض الحرب ، جاء فى اجازته الشهرية يطرق باب مكتب صديقه ، جلس شاردا يفكر فيما تخبئه الأيام ، كان معتزا بنفسه وزادته الجنديه حزما . فى تلك العجالة كان يتذكرمع صديقه أصدقاء سبقوا الى سيناء قبل سنوات ولم يعودوا ، ويتذكر الذين عادوا جسدا بلا عقل ، ومنهم ساعى مكتبه الذى عاد مخبولا من هول المشاهد التى رأتها عيناه ، عندما قتلوا زملائه تحت جنازير الدبابات وحصد وا رؤسهم كما تحصد المناجل سنابل القمح ، كانت الدموع تتساقط من تلقاء نفسها مثلما تساقطت دماء الشهداء فوق رمال سيناء حارة غزيرة ، ومازالت تنادى وتنادى وتنادى . كانت تجلس تراقب الحديث دون أن يعنيها منه شىء ، فقد كان الزواج هو همها الأول ، خطبت اكثر من مرة وكانت خطوبتها تفشل فى اللحظات الاخيرة لأتفه الاسباب ، كل شىء لديها جاهزا لا ينقصه سوى العريس ، قطار العمر يسرع وتخشى ألا تلحقه ، كانت ترمقه بنظراتها خفية حين كان يزور صديقه ،ويتجاهلها مشيحا بوجهه ، فما زالت به حتى فازت . نزهه قصيرة ، وفى كافتيريا بوسط البلد ، جلست تحدثه عن الحب والغرام فحادثها عن الحرب وضرورة الانتصار ، حدثته عن الأحبه ، أخبرها عن تربص الأعداء ، تأففت .. عبست ، قساوة قلب يحملها ، لماذا تحمل هذه النظرة السوداوية ؟ حملق فيها ، تحسس خاصرته والسلسلة التى فى عنقه فأراد اسدال الستار على المسرحية الهزلية فى رأسها ، قال: هل انتهيت من تناول قطعة الجاتوه ؟ قالت : ولم أنت فى عجلة ؟ قال : لأن الرجل فى مكتبه وحده والعمل كثير . أحمر وجهها وقالت : مازال هناك متسع من الوقت . قال : ومن يدفع ثمن الوقت ؟
قالت : لا أفهك . قال : أمامك وقت طويل حتى تفهمين، تركت قطعة الجاتوه ، وافترقا . قالت وهى منصرفه : الجيش جعل قلبك كالحجر..
اجاب : ومن الحجارة ما يتفجر منه الماء .. افترش قلبى الرمال والتحف السماء وتوسد الحجر كى تعيشى انت فى راحة وأمان . قالت : أوليس فى قلبك مكان للحب ؟ قال بل الحب كل الحب .. قالت : ولكننى لا أرى فيك سوى العبوس .. قال : ذلك لأنك تنظرين الى أسفل قدميك .. قالت : وانت الى ماذا تنظر ؟ قال :الى القطار المتجه صوب رفقاء السلاح هناك..فى الظلام الدامس اتحسس مسدسى والكلاشنكوف .
قالت : ألهذا اراك شاردأ ، مليئة عيناك بالحزن ؟
قال : أنا فى المدينة جسد بلا روح ، وجندى بلا سلاح .
قالت : وأين بواقيك ؟
قال : قدمى فوق الربوة ، وعينى على الزيتونه وقلبى مع الرفقاء وروحى طوافه فوق رمال سيناء .

شمس مصر 06-26-2010 03:01 AM

أنا اصفق كثيرا بعد ما انتهيت من قراءة تلك المقطوعة الموسيقية الجملية
لعلك تسمع استاذ صلاح شدة اعجابي بما تعزفه اناملك هنا وهناك

عن جد شكرا لك جزيلا

احمد مختار 06-26-2010 09:11 AM

فعلا جميل جدا جدا
مشكور وامتعتنا بكلماتك

صلاح ابوشنب 06-27-2010 03:23 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
يا شمس مصر الاصيلة
انت الذى تجيد انتقاء الكلام وغربلة النصوص انت رائع حقا فى الوصف والتعبير
اطيب تحياتى وخالص مودتى واحترامى


الساعة الآن 03:58 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المشاركات والمواضيع بالمنتدى تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهه نظر الموقع
الموقع برعاية الشركة المصرية لتطبيقات الانترنت